نمتشق القلم هذه المرّة لنتحدّث عن حقوق النّجباء من طلّابنا الأعزاء ...
أيها السادة ...
أنا الذي حفر في وجدانه مقولة انتزعتها من صميمي مفادها " مَن يرسم من الحبر حروفاً لا تُشبه حروف الآخرين فهو مُبدع ومَن حفر بيراعه فكرة مِن إبداعه فبإمكانه أن يكون حكيماً ومَن صنع بحبره أفكاراً من صنيعه فهو حتما كائن برتبة فيلسوف ..." أمّا مَن تطاول على أوراق الآخرين ليسلب عرق أقلامهم فصائر بلا ريب موظفاً مرتشيا وطبيبا بلا قسم وقاضيا بلا رحمة ومعلما بلا انسانية ومواطنا بلا ضمير ...
ولأننا أيها السّادة على أبواب استحقاقٍ وطني بارز وأعني به الإمتحانات الرسمية التي تحدّث عنها كُثُر تارة بأهمّيتها وطوْراً بعدم جدواها ، نقول : بأن الإمتحان ليس غاية بل وسيلة من وسائل بناء الشخصية الوطنية التي نفتقد إليها كحالة عامة في مجتمعنا اللبناني الذي طالما كان سبّاقا نحو التّقدّم والتّميّز .
ويهدف أي الإمتحان إلى جمع هذا المواطن الصاعد لكمّ من المعارف الإنسانيّة والتربوية والفكرية وجعله قادرا على مواجهة الفساد والجهل وتحسين ما عجزت عنه أجيالنا المنصرمة . ولكن وبغاية الأسف ... بما أنّ وسائل الغشّ باتت ركناً من أركان التّلامذة غير النّجباء المدعومين من فِكر مناطقي حزبي منحطّ وصار التّزوير متاحا بلا حسيب ، وبما أن سياسة ال 100% سارية المفعول من أجل دعاية ما هدفها الكسب الحرام !
وأهداف أخرى وضيعة تحوّل مراكز الشّرف الى مسرح يُدمي طموحنا بمستقبل واعد يحكمه الإنظباط وتتوّجه المعرفة ، لا أن يُجعل الرّاسب المدعوم متفوّقاً بطرفة عينٍ وغضة ضمير ... في حين نكون جميعاً شهود زور على أقلّ تقدير .
ولأن الجّميع يعلم بأن ما نقوله ليس بالإفتراء وأن الطّالب المجدّ يؤرّقه نيل الرّاسب درجة عليه بلا جدّ ولا جهد بفضل السياسات المجحفة والمنظّمة عن سابق إصرار وتصميم التي ينتهجها الأكثرون ، نطالب المعنيين بالعمل على إيجاد الحلول الجزرية وهي بحسب رأينا متاحة وممكنة ونعتقد أن أوّلها وآخرها القرار الجّاد بمواجهة هذا النّوع من الجنايات ...
وبعد فلا أظنّني أتيتُ بجديد بقدر ما أعتبر كلماتي هذه صوتا يجب أن يُرفع بأوانه وهذا بحسب تقديري هو أوانه ... ولتقم وسيلتيْ التلفزيون والإذاعة ببرامج مدروسة وهادفة سابقة ومرافقة لهذا الإستحقاق بالإضافة الى دورات تؤهل المعنيين طلّابا ومراقبين ومفتشين واداريين للتّحقق من قدرات طلابنا الذاتية على النّجاح . كلامي هذا لا يستبطن السوء باعتباري أحد أعضاء هذا الجّسم ، فضلا عن كوني مواطناً وولي أمر ولا للمزايدة ولا المبالغة .
ويبقى الضّحيُة إثنان : المستوى العلمي والطّالب النّجيب فالأول يلعن سكوتنا والثّاني تصيبه لعنتيْ عدم الإنصاف والواسطة التي ستجعل الفاشل عاجلاً رئيساً له في أي مجال اختاره لبثّ معارفه وتوظيفها ! أو يهاجر تاركا للمستقبل عارا ما بعده عار .
الشيخ فادي حجازي