قد تقع في متناولنا دراستان تتناولان تأثير مادة غذائية معيّنة في انقاص الوزن، في مجلة واحدة او موقع الكتروني واحد، فنلحظ ان الخلاصتين متناقضتان. ايهما نصدق؟! وقد يتمّ تداول دراسة ما على الشبكة العنكبوتية بشكل واسع وكثيف ما يترك انطباعاً لدى المتلقين بأنها موثوقة النتائج والفعالية، فهل لنا ان نصدقها ونتبعها "عالعميانة"؟!
كثيرة هي الدراسات التي تتناول موضوع الحمية الغذائية وارتباطها بتناول مكوّنات او مكملات غذائية معينة. يساهم الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في نشرها وايصالها الى الناس. لكن هل يعرف هؤلاء كيفية تقييمها او بالاحرى "غربلتها"؟
تشددّ اختصاصية التغذية كريستال بدروسيان على اهمية حسن قراءة الدراسات المتعلقة بالتغذية والحمية، وتقدم عبر "لبنان24" بعض الارشادات التي تساعد الاشخاص على تقييم هذه الدراسات والتأكد من ان النتائج التي تخلص اليها ذات جدوى.
بداية تقدم بعض الامثلة الحيّة، فتقول:" دائما ما يشاع ان تناول الفيتامين C يقينا من الرشح. حول هذا الموضوع بالتحديد، اجريت 29 دراسة شارك فيها 11 الف شخصا، وخلصت الى ان تناول غرام من Vitamin C يومياً وعلى مدار السنة يقلّص من فترة احتضان المرض يوماً واحداً. الا ان معدل اصابة الاشخاص بالرشح يتراوح بين مرتين الى ثلاث في السنة الواحدة، وبالتالي لا جدوى من تناوله بكثرة ودون انقطاع. وعليه خلصت الدراسات الى توجيهات تقول أن هذا الفيتامين لا يقي من الرشح!
مثالٌ لآخر تشرحه بدروسيان:" اجريت دراسات حول تأثير الحرّ في تحفيز عملية الحرق وبالتالي انقاص الوزن، لكننا لم نستطع التوّصل الى خلاصة ثابتة وواضحة. لماذا؟ لأن احدى الدراسات خلصت الى ان تناول ربع حبة من الفلفل يومياً يساعد على انقاص الوزن، فيما خلصت دراسة ثانية الى ان تناول ثلاث ارباع من الفلفل قبل كل وجبة يؤثر ايجاباً! وبما ان كل دراسة اشتغلت على كمية متناقضة عن الدراسة الاخرى، بالاضافة الى عدم تحديد نوعية الفلفل (بودرة ام طازج)، وعدم ذكر الفارق في السعرات الحرارية والمدة الزمنية المطلوبة قبل التماس التأثير، لا يسعنا الجزم بأن تناول الحرّ يساهم في انقاص الوزن!
ايضاً وايضاً، يحكى عن ان garcinia cambogia ، وهي فاكهة استوائية (تستخدم كثيرا في المطبخ الأسيوي) وقد باتت متوافرة في الاسواق كمكملات غذائية، تساعد على خسارة الوزن وحرق الدهون. الا ان بدورسيان تلفت الى ان احدى المراجعات التي صدرت عام 2012 والتي تناولت 16 دراسة تتعلق بهذ الموضوع، اظهرت ان 6 دراسات فقط خلصت الى تأثير هذه الفاكهة في خسارة وزن، لكنها اجريت على عدد قليل من الاشخاص ولفترة زمنية قصيرة.
واستناداً الى هذه الامثلة، تعدد بدورسيان المعايير الواجب توافرها في الدراسات وبالتالي تساعدنا على تبني نتائجها، وهي:
-تطابق كمية المواد او المكملات الغذائية ونوعيتها في الدراسات كافة.
-ان تكون الدراسة قد اجريت على عدد كبير من الاشخاص وعلى فترة زمنية طويلة.
-من الضروري عدم معرفة الباحثين او الاطباء بماهية المادة قيد الدراسة، ولا الاشخاص المشاركين في التجارب، منعاً لتأثيرهم اللا ارادي على النتائج (placebo effect ).
-المراجعات ذات اهمية كبيرة في تقييم الدراسات (المراجعة هي دراسة تجرى على الدراسات)
واخيراً، تدعو بدروسيان جميع الاشخاص الى قراءة الدراسات وفق المعايير المذكورة قبل اللجوء الى تبني توصياتها، "فليست كل دراسة صحيحة"!