دخلت البلاد منذ الجمعة عطلة عيد الفصح من دون ان تحل على لبنان القيامة في مجمل الملفات الشائكة التي تثبت حكومة المصلحة الوطنية حيالها عجزا مستمرا، فملف النفايات يشق طريقه بصعوبة، اما ملفات اخرى فتبدو ماضية من تعقيد الى تعقيد، ومنها مثلا ملف المديرية العامة لأمن الدولة الذي ارجأه الرئيس تمام سلام منذ اسبوعين واعدا بحل اكيد يبدو واضحا انه لن يبصر النور في الجلسة المقبلة بعدما رفض الرئيس نبيه بري المضي بحل رئيس الوزراء القاضي بانشاء مجلس قيادة للمديرية. وافادت معلومات "النهار" ان بري تمنى على سلام المضي بحل اخر، خلافا لما تعهد به، ويقضي بتبديل المدير العام ونائبه موضوع المشكلة. ووفق المصادر الوزارية ان بري اوعز الى وزير المال عدم المضي بتعهده ايضا، بصرف الاموال المخصصة للمديرية.
وتقف الحكومة شبه عاجزة حيال ملف اللجوء السوري بعد الفلسطيني، ولم تتمكن زيارة الامين العام بان كي مون وتأكيده ان لا توطين للسوريين في لبنان، من حسم الجدل القائم حول الملف، اذ شدد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في مؤتمر صحافي امس على انه لا يمكن فك الارتباط بين الارهاب والنزوح ويجب ان نقرّ بأن الارهاب من مسبباته الاساسية النزوح الجماعي ولدينا وقائع بذلك.
واوضح باسيل ان النزوح هو رافد أساسي لتغذية الارهاب وزيارة بان كي مون مع كل ما رافقها من أخطاء هي تفصيل من ضمن المقاربة الدولية لموضوع النازحين.
وقال: يعدوننا بالمساعدات الفعلية ويأتون لاعطائنا القروض وبعض الدول عمدت الى اغلاق الحدود أمام النازحين على رغم توقيع اتفاقات دولية.
واوضح ان لبنان لم يستخدم القوة ولم يغلق حدوده ولم يستخدم النزوح للابتزاز المالي والسياسي وبتنا نتكلم عن توطين السوريين كأنه أمر طبيعي.
اما ملف الانترنت غير الشرعي، وعلى رغم الضجة الاعلامية الكبيرة التي ترافقه، وتحرك القضاء لمتابعته، فان التدخلات السياسية توحي بانه يمكن ان يتوقف مساره او ينحرف في غير اتجاه، اذ لم يتم توقيف اي من المهربين. وقد انهى القاضي الزعني امس الإستقصاءات والتحقيقات في الملف ليحيلها على القاضي صقر صقر.
اما الملف الرئاسي العالق فيتجاوز الحكومة ليصيب مجمل مكونات البلد، لكنه ينعكس سلبا على وضع الحكومة، وفي هذا الاطار اكد رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط من الشويفات انه يحاول مع الرئيس سعد الحريري انتخاب رئيس للجمهورية، قائلا: "الا ان "الزفة عم تنزل على المجلس بس العرسان مش عم ينزلوا".
ودعا لان يحسم القادة الموارنة أمرهم وليتفضلوا بالنزول الى المجلس النيابي الذي ننزل اليه نحن. ولينتخبوا من ينتخبوا ولينتخب الذي ينتخب. نحن جاهزون لأن ننتخب. ولكن هم ليسوا جاهزين. غريب هذه القصة.
من جهة ثانية، ترى مصادر ديبلوماسية متابعة لمسار الوضع في لبنان ان الغمامة المخيمة على الافق السياسي مستمرة للمرحلة المقبلة وان كل ما قيل عن انفراج ممكن تبيان تباشيره في نيسان المقبل ويبدأ بملء الشغور الرئاسي لا صحة له خصوصا في ظل الكباش الاقليمي المحتدم ومفاعيله في الداخل.
وعزت المصادر عبر "المركزية" قراءتها التشاؤمية هذه الى جملة اسباب لعل ابرزها:
اولا: انشغال الكبار وتحديدا اميركا وروسيا في امورهما والتي تشكل الاوضاع في المنطقة بدءا من سوريا وصولا الى اليمن وايران والعراق جزءا منها واعتبارها الوضع اللبناني امتدادا او تفرعا من هذا الملف الكبير غير مستوجب الفصل والمعالجة بمعزل عنه راهنا.
ثانيا: عجز المكونات اللبنانية وتحديدا فريق الثامن من اذار عن الاجتماع لاختيار واحد من مرشحيه المعروفين لرئاسة الجمهورية (عون وفرنجية).
ثالثا:عدم قدرة المرشحين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية على تقديم جديد مؤثر في دفع الاستحقاق وتاليا الكتل النيابية للخروج من خلف الخطوط والمواقف التي تتمترس وراءها لاعادة خلط الاوراق وتوفير النصاب لجلسة انتخاب الرئيس.
رابعا: وصول جميع المعنيين بالاستحقاق الرئاسي على مختلف مواقعهم ومسؤولياتهم الى قناعة بوجوب تحسن العلاقات السعودية الايرانية للافراج عن هذا الملف الذي قارب شغوره السنتين وتاليا التخلي عن دورهم ومسؤوليتهم في الموضوع.
خامسا: تمسك حزب الله بترشيح عون وعدم الحياد عن هذا الموقف حتى الوفاة على ما يؤكد الحزب في كل يوم.
سادسا: عجز اللبنانيين وتحديدا النواب والمسؤولين عن لبننة الاستحقاق على رغم الدعوات الموجهة اليهم من اميركا وروسيا واوروبا وقادة العام الغربي والعربي على حد سواء.
سابعا: استمرار تطلع اللبنانيين الى الخارج ورهانهم عليه لتدبير شؤونهم خصوصا في الاستحقاقات والملفات الكبرى كما في المحطات السابقة لاتفاق الطائف وبعده، اذ لم ينتخب اللبنانيون رئيسا واحدا لم يسمّه الخارج.
ثامنا: عدم نضوج الظروف للقاء الامين العام السيد حسن نصرالله ورئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري اللذين ابديا استعدادا لمثل هذا اللقاء.
تاسعا: حرص الدول الكبرى وخصوصا اميركا واوروبا على استمرار الستاتيكو القائم في لبنان وعدم خربطته راهنا والتأكيد على الحفاظ على سلامة الوضعين الامني والمالي وتقديمهما على اي شأن اخر.
عاشرا: عجز الحراك المدني عن دفع الامور من ركودها على رغم حماوة بعض الملفات (النفايات والهدر والفساد) وبلوغها حد الغليان.
حادي عشر: التطلع الى الخارج والرهان على حدث اقليمي ينسحب داخليا ويؤدي الى خربطة الاوضاع ويقلبها رأسا على عقب على رغم معرفة الجميع خطورة مثل هذا الامر وتداعياته على لبنان سواء أتى عبر الحدود الشرقية او الغربية او الجنوبية وهو ما دعا الى تجنبه العديد من العقلاء اخيرا وحذر من خطورته.
لكل هذه الاسباب تختم الاوساط، ان افق اجراء الاستحقاق لا يزال ملبدا وبعيدا وان اتمامه قريبا رهن اجتماع قوى الثامن من اذار واختيار مرشح من الاثنين لانتخابه كما تدعو قوى الرابع عشر من اذار.
وفي مقابل الملفات الملبدة، اصدر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق
4 قرارات قضى بموجبها بدعوة الهيئات الناخبة للانتخابات البلدية والاختيارية بمحافظات بيروت والبقاع وبعلبك التزاما منه الوعد الذي قطعه قبل مدة، ما يؤكد مضي الداخلية في اجراء العملية الانتخابية.
وقال المشنوق في تغريدة له عبر تويتر "وعدت والتزمت.. الانتخابات البلدية والاختيارية في زمانها ومكانها".
وحدد المواعيد وفق الاتي: بيروت والبقاع وبعلبك-الهرمل الاحد 8 ايار، جبل لبنان الاحد 15 ايار. وسيصار الى اصدار قرارات دعوة الهيئات الناخبة في محافظات الجنوب والنبطية والشمال وعكار الاسبوع المقبل.