في اليوم الثاني لزيارته إلى بيروت، تراجع الاهتمام بمهمة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون التي ووجهت باعتصام فلسطيني في مخيم نهر البارد، ورفعت إليه أكثر من رسالة أو مذكرة، أبرزها من البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الذي طالبه من موقعه بممارسة ما يلزم من ضغط لإنهاء الشغور الرئاسي في لبنان، في وقت غابت فيه هذه القضية عن عظة البطريرك الراعي في قدّاس رتبة دفن السيّد المسيح في بكركي، ولم يجر التطرق إلى هذا الموضوع في سائر العظات والقداديس الأخرى التي اقيمت، سوى إشارة عابرة من الأباتي طنوس نعمة في قدّاس الكسليك الذي جمع المرشح للرئاسة الأولى النائب ميشال عون ووزراء ونواب من «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» والكتائب واحزاب مسيحية أخرى، عندما أعلن «اننا نصلي ليتم انتخاب رئيس للجمهورية».
بدت الجمعة العظيمة للعام الثاني على التوالي حزينة بكل معايير الكلمة، في ظل ضياع غير مسبوق للاهتداء إلى خارطة طريق تنهي هذا الفراغ الذي اوقع اللبنانيين في حالة من اليأس، في ظل طروحات تقدّم الفراغ على ما عداه، تارة باسم «الميثاقية» وتارة باسم «الشراكة» في خروج بالغ الخطورة على تقاليد انتخاب رئيس للجمهورية، سواء بالتوافق إذا امكن أو بالاقتراع الديمقراطي إذا تعذر التوافق.
والأخطر في رأي «مصادر سياسية مسيحية» هو ما جرى تداوله في الاجتماع الأخير لتكتل التغيير والإصلاح يوم الثلاثاء الماضي من إعادة طرح خيار الشارع على طاولة الضغوطات المعتمدة لفرض النائب عون رئيساً، أو أخذ المناطق المسيحية إلى ما يمكن وصفه «حالة افتراق عن اختراق على السلطة المركزية» على الرغم من الدعوات المتكررة لمراعاة «حقوق المسيحيين» في الإدارة والدولة.
واعتبرت المصادر ان تلويح النائب سليمان فرنجية المرشح الثاني القوي من بين أربعة مرشحين تمّ الاتفاق عليهم في بكركي، بأنهم الأكثر تمثيلاً للبيئة المسيحية، بالذهاب إلى مجلس النواب للمشاركة في جلسة 18 نيسان وانتخاب رئيس، في حال لجأ فريقا تفاهم معراب إلى الشارع للضغط على الفريق المسلم وحمله على انتخاب عون، هو الذي جعل الرابية تعيد دراسة هذا الخيار «من دون ان تدفع به إلى الامام أو تتراجع عنه»، وفقاً لمصادر قيادية في «التيار الوطني الحر».
وكشفت هذه المصادر لـ«اللواء» ان هذه الخطوة تدرس كأحد الخيارات الضاغطة تمسكاً لانتخاب عون، بالنظر إلى حيثيته الوطنية والمسيحية، من دون ان تستبعد هذه المصادر التنسيق مع «القوات اللبنانية» «لإظهار وحدة الهواجس المسيحية» على حدّ تعبيرها.
وفي حين جاهر حزب الكتائب على لسان نائب رئيسه الوزير السابق سليم الصايغ برفض خيار التظاهر في الشارع باعتباره «خطوة تؤدي إلى تدمير المجتمع المسيحي»، كشف مصدر قريب من لجنة التواصل القواتي - العوني ان «القوات» لا تبدي حماساً لخطوة غامضة ولا أفق لها، وقد تحمل انعكاسات، خلافاً لما هو المرجو منها.
وقال القيادي في «التيار العوني» الوزير السابق ماريو عون لـ«اللواء»: «نريد احترام الشراكة الوطنية، وكل الاحتمالات تبقى واردة، في ما خص تحرك التيار أو عدمه بانتظار بلورة بعض الامور».
الزيارة العونية للضاهر
وعلى خط التحضيرات لجلسة 18 نيسان، بقيت زيارة المسؤول العوني بيار رفول على رأس وفد من تياره، وبتكليف مباشر من النائب عون، إلى منزل نائب عكار خالد الضاهر، في واجهة المتابعة، سواء لجهة مضاعفاتها داخل التيار العوني الرافض للزيارة، أو لجهة النائب الضاهر نفسه، الذي زار «بيت الوسط» مساء أمس وعقد اجتماعاً مطولاً مع رئيس «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري انطلاقاً من علاقة الضاهر بكتلة «المستقبل» والحاجة إلى شرح ما جرى تداوله في زيارة رفول، وانطلاقاً من أنه على الرغم من تعليق عضويته في كتلة «المستقبل»، فهو «حليف للتيار» على حدّ ما قاله لـ«اللواء» ليل أمس.
وأشاد الضاهر بمواقف الرئيس الحريري الحريصة على وحدة البلد، واصفاً إياه بأنه «صاحب المبادرات الكبيرة»، وكشف أن زيارة رفول هي الثالثة له، وأن زيارته إلى الرابية «ممكنة بعد ما سمعه من كلام جيّد من قبل وفد التيار العوني تجاه الرئيس الحريري، وما يكنّه التيار من احترام للمملكة العربية السعودية ودول الخليج وحرصه على علاقات لبنان المميزة معها»، مؤكداً أنه «لم يتراجع عن نيّته بانتخاب عون»، وهذا الاختلاف مع «المستقبل» لن يؤثّر على علاقته بالتيار العوني.
رسائل بان
وعلى الرغم من الضجة التي أحدثتها «خطة المقايضات» التي تردّد أن الوفد الأممي يحملها وتقضي بزيادة المساعدات المالية وهيكلتها عبر المفوضية العليا للاجئين إذا ما تغيّر الوصف القانوني للنازحين السوريين الذين يقدّر عددهم بـ1.2 مليون شخص (أرقام الأمم المتحدة) من نازح إلى لاجئ فإن المسؤول الدولي الذي شعر بعبء التقصير تجاه لبنان الذي يستضيف أيضاً 450 ألف لاجئ فلسطيني على أراضيه، رغب بتوجيه أربع رسائل تجاه لبنان، في مؤتمر صحافي عقده في فندق فينيسيا حيث يقيم، وقبيل سفره إلى الأردن اليوم، بعد زيارات تفقدية لأماكن تجمع النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين في مخيم نهر البارد والبقاع إلى جانب الأحياء الفقيرة في طرابلس حيث أصرّ على مقابلة عائلتين في «حي التنك» في الميناء، والاستماع إلى ظروف حياتهم وما يعانونه من مشكلات غذائية وتعليمية واجتماعية.
واستهل بان رسالته بتوجيه تحية للرئيس تمام سلام على قيادته للبنان في هذه المرحلة، داعياً قادة الأحزاب للتعاون معه، وتضمنت رسائله الآتي:
الرسالة الأولى: الدعم القوي للبنان وهو يواصل صموده أمام أثر الحرب الدائرة في سوريا، متعهداً أيضاً بدعم وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» وسدّ الفجوة بين المساعدات الإنسانية في الأجل القصير والتدابير المتخذة على المدى البعيد من خلال الشراكة بين لبنان والأمم المتحدة والبنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية بتمويل بشروط ميسّرة.
الرسالة الثانية: اعتبار لبنان قدوة في التعايش والتعددية في الشرق الأوسط، وحاجة شعبه لانتخاب رئيس، لأنه إذا بقي منصب الرئاسة شاغراً ستظل الوحدة الوطنية للبنان ومكانته تفتقران إلى المناعة والاكتمال.
الرسالة الثالثة: اعتبار دور لبنان في مواجهة الإرهاب يساهم في استقرار المنطقة، ودعوة أصدقائه لمواصلة تعزيز قدرات القوات المسلحة اللبنانية.
أما الرسالة الرابعة، فهي التوقف عند الهدوء النسبي منذ العام 2006 في الجنوب، ملاحظاً أن هناك خطر إساءة تقدير العواقب، داعياً لبنان لمواصلة الإسهام في هذا الهدوء.
وفي رده على أسئلة الصحافيين حرص بان على نفي أن تكون الأمم المتحدة أو البنك الدولي في صدد توطين اللاجئين السوريين في لبنان، داعياً إلى قراءة تصريحاته جيداً، مشيراً إلى ان ما نريده هو عودة هؤلاء إلى وطنهم الأم بشكل آمن، وهذا ما نفعله منذ العام 2012.
ولاحظ انه عند زيارته الأخيرة للبنان عقب اندلاع الأزمة السورية كان هناك نزوح لـ5 آلاف لاجئ، لكن هذا الرقم ارتفع إلى أكثر من مليون شخص، بحيث أصبح كل شخص من أصل خمسة هو لاجئ سوري، وإذا ما اضفنا إليهم اللاجئين الفلسطينيين فإن الاحصاءات تُشير إلى أن واحداً من أصل ثلاثة لبنانيين هو اما سوري أو فلسطيني.
وأشار إلى ان هناك أكثر من 4 ملايين مدني سوري هم اليوم لاجئون، أكثر من 12 مليون داخل سوريا هم بحاجة إلى مساعدة إنسانية طارئة، وأكثر من 50 في المائة من البنى التحتية دمرت.
وقال ان هذا القصور أدى إلى انتشار مشاكل مزمنة للبشر هي التطرف والإرهاب، وعلى وجه الخصوص إرهاب «داعش»، وهي وحشية مخيفة بالنسبة إلى المجتمع الدولي، وأدى ذلك إلى مشكلة نزوح جدية باتجاه القارة الأوروبية ومناطق أخرى، ولذلك نحن ندعو إلى حوار سياسي شامل، وإلى محاربة الإرهاب والتطرف.
ولفت إلى ان مكافحة الإرهاب تتطلب تضامن المجتمع الدولي ووحدة هدفه، مشيراً إلى ان المطلق لا يكون بالاساليب العسكرية فقط، بل يكمن في منع الأسباب الإنسانية من خلال الحكم الرشيد.
سعد المصري
وفي سياق آخر، خارج هذه الاهتمامات، يُطلق اليوم سراح أحد قادة المحاور السابقة بين التبانة وجبل محسن في طرابلس سعد المصري، بعدما أمضى فترة محكوميته في السجن، وتستعد أحياء التبانة لاستقبال المصري بمفرقعات نارية ابتهاجاً بعودته.
اللواء : بان مغادراً بأربع رسائل.. وتعهّد بقروض ميسّرة ومعالجة مشكلة «الأونروا»
اللواء : بان مغادراً بأربع رسائل.. وتعهّد بقروض ميسّرة...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
390
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro