اختتم الامين العام للأمم المتحدة بان كي - مون زيارته للبنان أمس بما بدا نجاحاً للمزايدات الداخلية في استدراجه الى نفي أي اتجاه لدى الأسرة الدولية الى توطين اللاجئين السوريين في لبنان والتشديد على ادراج الدعم الدولي في اطار مساعدة لبنان على تحمل العبء "الموقت" للاجئين. لكن هذا الجانب لم يختصر وحده نتائج الزيارة التي استمرت يومين بل تجاوزه الى اربع رسائل علنية حرص المسؤول الاممي على توجيهها في مؤتمر صحافي عقده في فندق "فينيسيا" وتتلخص بالآتي: "اعادة تأكيد الدعم القوي للبنان في صموده أمام أثر الحرب في سوريا "، وتأكيد أولوية ان "تقوم الاحزاب السياسية في هذا البلد بانتخاب رئيس للبلد اذ ما دام منصب الرئيس شاغراً ستظل الوحدة الوطنية للبنان ومكانته تفتقران الى المناعة والاكتمال"، واعادة تأكيد دعم الامم المتحدة للقوات المسلحة اللبنانية، والتنويه بالهدوء في جنوب لبنان" مع انه لا يزال هناك خطر لاساءة تقدير العواقب".
ولم يخف رئيس الوزراء تمام سلام انزعاجه الكبير من مقاربة زيارة بان كي-مون والوفد الاممي من زاوية موضوع التشكيك في توطين اللاجئين السوريين اذ وصرّح لـ"النهار" بأن الامين العام للامم المتحدة حرص من خلال وجود رئيس البنك الدولي والبنك الاسلامي للتنمية على "تأكيد الاهتمام الاستثنائي الذي توليه الاسرة الدولية للبنان بفعل تحمله أعباء مليون ونصف مليون لاجئ سوري في حين تتسابق الاردن وتركيا على الاستئثار بالمساعدات". وتساءل مستغرباً: "ماذا نفعل نحن؟ نشكك في الدعم ونضعه في اطار مشاريع لم تطرح معنا لا من قريب ولا من بعيد". واذ ابدى سلام استياءه من المزايدات السياسية في هذا المجال، شدد على "اننا نطلب المساعدة لنبقى قادرين على التماسك والصمود في انتظار حل لن يكون على حسابنا". كما كشف انه لمس من المسؤولين الثلاثة بدء تحريك مساعدات مؤتمر لندن وان حصة لبنان لن تقل عن مليار ونصف مليار دولار.
وفي تقويمها لزيارة بان-كي مون للبنان قالت مصادر وزارية معنية ل"النهار" أن المساعدات التي كان لبنان موعودا بها منذ بداية أزمة اللجوء السوري كانت في حدود الخمسة مليارات دولار ولم يأت منها حتى الان إلا القليل. ولفتت الى ان الحذر الذي كان سائداً قبل الزيارة لجهة ربط المساعدات بتشغيل اللاجئين حل محله الان ربط المساعدات بإنتخاب رئيس جديد للجمهورية. وأوضحت ان مشاركة رئيس البنك الاسلامي للتنمية أحمد محمد علي في الزيارة تعود الى ان البنك الدولي لم يعد قادراً على الحصول على مساعدات من الدول العربية والاسلامية. وأشارت الى ان ترجمة الاتفاقات تنتظر الابرام من الدول المانحة. ولاحظت المصادر إهتماما واضحا في محادثات بان كي-مون بدعم الجيش اللبناني في موازاة دعم واشنطن الذي برز في زيارة قائد الجيش العماد جان قهوجي الاخيرة للولايات المتحدة الاميركية. ونوهت بكلمة الرئيس سلام في العشاء الذي أقامه على شرف ضيفه في السرايا مساء الخميس ورفض فيها توطين اللاجئين مما إستدعى تأكيدا من المسؤول الدولي لعدم وجود أي مخطط للتوطين.

مذكرة الراعي
وتميز اليوم الثاني لزيارة الامين العام للامم المتحدة بلقائه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في مطرانية بيروت المارونية الذي شارك فيه الممثلة الشخصية للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ وراعي ابرشية بيروت المطران بولس مطر والنائب البطريركي العام المطران بولس الصياح، وتركز الحديث على أزمة الفراغ الرئاسي "والتوافق على وجوب تعاون جميع اللبنانيين من أجل تسهيل عملية الانتخاب لان استمرار الفراغ يزيد ازمات لبنان ويسير به الى الوراء". وسلم البطريرك الامين العام مذكرة علمت "النهار" أنها تناولت موضوع إنتخاب رئيس جديد للجمهورية لجهة مطالبة المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته على هذا الصعيد. وجاء في المذكرة ان الاستحقاق الرئاسي لم يعد شأناً داخلياً وإنما يعود الى أبعاد عربية وأقليمية مما يفرض أن تضع الامم المتحدة ومجلس الامن اليد على القضية وان يتدارك سقوط لبنان في الفراغ.

 

ملفات الداخل
الى ذلك، تعود الملفات الداخلية الى الواجهة بدءاً من استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية الذي يشهد اليوم خطوة تعد نهائية في استكمال التحضيرات لاجرائه وتتمثل في اصدار وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الى العمليات الانتخابية في المواعيد المحددة سابقاً بدءاً من الاحد في الثامن من أيار على أربع مراحل.
كما ان الاسبوع المقبل سيشهد بعد عطلة عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي تحريكاً قوياً لموضوع عقد جلسات تشريعية لمجلس النواب بعد بدء العقد العادي الاسبوع الماضي. ويتراكم على جداول الجلسات التشريعية للهيئة العامة نحو 300 اقتراح ومشروع قانون انجزتها اللجان النيابية المختصة. أما مصير قانون الانتخاب المطروح كأولوية، فسيكون رهن الصراع السياسي الذي ستتبلور اتجاهاته في الجولة المقبلة من الحوار اذ سيطرح رئيس المجلس نبيه بري تقرير اللجنة النيابية التي أنهت مهمتها بمقارنة بين المشاريع المطروحة ولم تتوصل الى انجاز مشروع موحد.
وعلمت "النهار" أن جدول أعمال الجلسة العادية لمجلس الوزراء الخميس المقبل يتضمن 120 بنداً أبرزها بند جهاز أمن الدولة. وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان الاتصالات الجارية من أجل تسوية الخلاف على الجهاز لم تحرز حتى الان أي تقدم.