جاء الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيسا البنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية، إلى لبنان، فاستنفرت الدولة لاستقبالهم والاحتفاء بهم، رغم أن أركان الدولة جميعاً يعلمون أن كبير موظفي الأمم المتحدة، ومرافقيه، يحملون معهم مشاريع لا ترجمة لها سوى بتثبيت النازحين السوريين في لبنان.

وإذا كان «طبيعياً» بمقاييس المصالح الغربية السعي إلى عدم انتقال النازحين من لبنان إلى أوروبا، فإن ما لا يمكن التغاضي عنه هو سعي بان كي مون وغيره من موظفي «المنظمات الدولية» الغربية، إلى عدم عودة النازحين إلى بلادهم. ورغم ذلك، تحتفي الدولة بالمندوبين الدوليين، كما لو أنهم أتوا حاملين خلاص البلاد من مشكلاتها، علماً بأن المسؤولين اللبنانيين يدركون سياسة الابتزاز الدولية التي يخضع لها لبنان، على قاعدة «لا مال لدعم النازحين إلا وفق شروطنا». وربما كان هذا السبب هو ما حدا بوزير الخارجية جبران باسيل إلى مقاطعة زيارة بان كي مون. «العذر» الرسمي للمقاطعة موجود. فباسيل كان يشارك في جنازة خاله. لكن ذلك لا يعني أن مقاطعته لاستقبال الأمين العام للأمم المتحدة لم تكن متعمدة. غاب عن استقباله لدى وصوله الى مطار بيروت الدولي أمس. وناب عنه الأمين العام للخارجية السفير وفيق رحيمي، ومندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة نواف سلام ومديرة المراسم في الخارجية ميرا ضاهر.


رئيس البنك الدولي
يعلن تخصيص 100 مليون
دولار للقطاع التعليمي


مصادر دبلوماسية أكّدت لـ«الأخبار» أن «لا خطأ بروتوكولياً في استقبال الأمين العام»، مشيرة الى أن الأخير «موظف كبير في الأمم المتحدة». ولم تنف وجود «اعتراض شكلي، وإن كان غير أساسي، من وزارة الخارجية على طريقة التعاطي مع الزيارة بروتوكولياً وكأنها زيارة رئيس دولة». إلا أن الاعتراض الأساسي، بحسب المصادر، هو على عنوان زيارة بان الذي يرافقه رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم، ورئيس البنك الإسلامي للتنمية أحمد محمد علي المدني، «إذ تأتي الزيارة للاطلاع على أوضاع النازحين السوريين وسبل دعمهم وربط أي مساعدات للبنان بتنفيذ مشاريع لتشغيلهم وتحويلهم الى لاجئين لا الى نازحين، ما يثبّت بقاءهم في لبنان». وأضافت المصادر أن «هاجس المجتمع الدولي ليس إيجاد حلول لمشاكل النازحين من ضمن القوانين اللبنانية، وإنما إبقاؤهم بعيداً عن أوروبا التي بدأت تعاني من تبعات هذا الملف، وفي الوقت نفسه إبقاؤهم بعيداً عن بلادهم وعدم عودتهم إليها قبل الانتخابات، في سياق الضغط على النظام. وهم يستخدمون لتسويق ذلك المحفزات والمغريات المالية». وأكّدت المصادر أن زيارة الأمين العام للأمم المتحدة تأتي في سياق «الضغط واستغلال حاجاتنا المالية الماسّة واقتصادنا المنهك لإمرار هذا المشروع الذي لم يعد فزّاعة، وإنما نرى إصراراً يومياً على تجسيده على أرض الواقع».
وكان بان ومرافقاه قد التقوا أمس رئيس الحكومة تمام سلام في السرايا الحكومية. واختتم الأمين العام جولته بزيارة وزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش جان قهوجي وقائد اليونيفيل اللواء لوتشيانو بورتولانو. وأعلن رئيس البنك الدولي تخصيص مبلغ 100 مليون دولار للقطاع التربوي في لبنان، بسبب مساهمته في تعليم النازحين السوريين. أما رئيس البنك الإسلامي للتنمية، فأعلن توقيع 5 اتفاقيات مع لبنان، بقيمة 373 مليون دولار، «وهناك اتفاقية أيضاً ستوقع قريباً إن شاء لله بحيث يكون المجموع 400 مليون دولار».
من جهة أخرى، لا تزال تتفاعل «فضيحة» الكشف عن اختراق أمني إسرائيلي للإنترنت في لبنان ووجود شبكات رديفة للشبكة الرسمية، توزّع الإنترنت على المواطنين والأجهزة الأمنية والرسمية بصورة غير شرعية. آخر فصول هذه القضية استجابة رئيس مجلس النواب نبيه بري لطلب لجنة الإعلام والاتصالات النيابية برفع السرية عن محاضر جلسات لجنة 21 آذار التي ناقشت «فضيحة الإنترنت» ووضعها بتصرف المراجع القضائية المختصة. وأبلغ بري قراره إلى كلّ من المدعي العام التمييزي والمدعي العام المالي والمدعي العام العسكري.
وكان رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله، قد قال لـ«الأخبار» إنه «في إطار تأكيدنا على المتابعة التفصيلية لهذه القضية وكشف كل ملابساتها وتبيان الحقائق كاملة بما يضمن تطبيق القانون وحماية أمن البلد والحفاظ على المال العام، بدأنا بالخطوات العملية». ومن ضمن هذه الخطوات «تقديم طلب إلى الرئيس بري من أجل رفع السرية عن محضر جلسة اللجنة بتاريخ 21 آذار وتسليمه إلى القضاء حصراً بغية تسريع التحقيقات». واللجنة ستُقدم إلى القضاء «كل ما يتوافر لديها من معطيات وإفادات تلت التاريخ المذكور»، مضيفاً أنّ «ما نقوم به هو ضرورة من أجل مصلحة البلاد العامة».