باستثناء الـ100 مليون دولار لدعم القطاع التربوي، والذي كشف النقاب عنه رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم، على خلفية تعليم أبناء النازحين السوريين، كاد لبنان «يعوم» على وعود مالية مغرية، عبارة عن قروض وهبات ومنح، في أجندة البنك الدولي، وهو احد مؤسسات الأمم المتحدة ورئيس البنك الإسلامي للتنمية أحمد محمّد علي المدني، في بحر السنوات الثلاث أو الخمس المقبلة، للدول المجاورة لسوريا التي نزح من سكانها ما لا يقل ن خمسة ملايين، كانت حصة لبنان منهم مليون وأكثر، وفقاً لمعلومات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ومليون ونصف في السجلات الرسمية الأمنية اللبنانية، في حين ان معلومات كيم لا تستبعد ان يكون عدد النازحين السوريين قد ارتفع إلى مليونين!
باختصار، هذه المحصلة اللبنانية هي التي كشف عنها في اليوم الأوّل من زيارة بان إلى بيروت، وهي الزيارة الخامسة له منذ توليه منصب الأمانة العامة للأمم المتحدة.
وخارج الارتياح لدور الجيش في مكافحة الإرهاب والاعراب عن تقديم الدعم اللازم لتمكينه من القيام بمهامه، والإشادة بشجاعته وتضحياته مع سقوط شهيد جديد للجيش وإصابة ثلاثة جنود بجروح في هجوم إرهابي في جرود عرسال، وخارج إشارة بان نفسه إلى الحاجة إلى ملء الشغور الرئاسي، فضلاً عن اشادة المسؤولين الثلاثة بالضيافة اللبنانية وتحول لبنان إلى «مضرب مثل» في استقبال النازحين السوريين بعدما سبق واستقبل النازحين الفلسطينيين الذين تحولوا إلى لاجئين، يمكن القول ان الاهتمام الدولي بلبنان مفتاحه الحفاظ على «الستاتيكو» المتعلق باستقبال هؤلاء، بانتظار نضوج ترتيبات إنهاء الحرب في سوريا التي تحتاج إلى مرحلة انتقالية، يحتل مصير الرئيس بشار الأسد، حجر الأساس فيها، والذي يجري بحث مصيره في الجهد الدبلوماسي القائم بين واشنطن وموسكو وعواصم إقليمية ذات تأثير، كالمملكة العربية السعودية وإيران وتركيا.
وخارج الخطأ البروتوكولي الذي ارتكبه وزير الخارجية جبران باسيل بالامتناع عن استقبال المسؤول الدولي في المطار بسبب وفاة خاله فإن مصادر دبلوماسية مواكبة لزيارة بان، سجلت الملاحظات التالية:
1- الترحيب المستمر بالمساعدات الدولية التي يمكن ان تقدّم للبنان، لأنه من الأفضل لهذا البلد ان يتحمل عبء النازحين مع مساعدات، تحول دون انهيار استقراره الاقتصادي والاجتماعي، على ان يتحملها منفرداً كأمر واقع، وهذا ما استشف من المباحثات اللبنانية الدولية على هذا الصعيد.
2- مع ان مصادر لبنانية تُشير إلى ان موضوع توطين السوريين في لبنان لم يطرح البتة في أية من اللقاءات، فإن ما جرى تداوله خارج أروقة الاجتماعات الرسمية من طرح في جعبة المسؤول الدولي الأوّل من إمكان تحويل النازحين إلى لاجئين كشرط من شروط زيادة المساعدات المالية، ألقى بظلاله الثقيلة على الأوساط السياسية والنيابية لجهة المخاطر التي يتضمنها في حال وروده في خاطر «الطباخين» الدوليين، نظراً لانعكاساته البالغة الخطورة على التركيبة والصيغة ووضع الدولة اللبنانية نفسها.
3- ولعل اغداق الوعود بمساعدات مالية سخية تقدر بمليارات الدولارات في السنوات المقبلة تصب في اغراء هذا البلد لتمرير مشاريع مشبوهة، تتعدّى مصالحه الوطنية إلى ما يبقي الأزمة المترتبة عن النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين في دول الإقليم، لا سيما المستقرة منها، ومن بينها لبنان، في محاولة لابعاد تحول هؤلاء إلى «قنابل موقوتة» تهز الأمن الأوروبي أو العواصم الغربية على ضفتي الأطلسي.
4- ومن المفارقات ان ينتقل بان إلى طرابلس والشمال والبقاع اليوم للوقوف على أوضاع هؤلاء، في إشارة إلى ان أزمة نزوحهم وبقائهم على الأرض اللبنانية هي أزمة طويلة يخشى ان تتخطى الوضع الأمني غير المستقر في سوريا إلى اجندات أبعد تتصل بخرائط جغرافية وديموغرافية جديدة تعيد رسم وقائع الحياة في الشرق الأدنى.
5- حاول لبنان اقتناص الفرصة بوجود ارفع مسؤول دولي على أراضيه، فطلب الرئيس تمام سلام منه بذل مساعيه مع إسرائيل والمجتمع الدولي لترسيم منطقة الحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية الخالصة المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل.
واستند الرئيس سلام في طلبه الذي ادخل تعديلاً جذرياً على مهمة بان إلى ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، ومنعاً من ان تتحوّل الحدود البحرية إلى مصدر نزاع يُهدّد السلم والأمن في منطقتنا إذا ما بقيت من دون حل، وفقاً لرسالة الرئيس سلام إلى المسؤول الدولي.
6- تأكد بان كي مون بنفسه عبر زيارته إلى الجنوب وتفقده مقر قيادة «اليونيفل» في الناقورة مدى التزام لبنان بالقرار 1701، حيث أدى هذا الالتزام إلى الهدوء الذي لمسه بان على طول حدود الخط الأزرق، لكنه تجنّب في تصريحه حول هذا الموضوع الإشارة إلى التهويلات والإجراءات الإسرائيلية ذات الصلة بحرب ثالثة مع لبنان.
7- وحسب خبراء اقتصاديين، فإن المساعدات المقدمة أو المنح التي هي عبارة عن قروض مع «فائدة تفضيلية» لا تغني ولا تسمن من جوع، حيث أن البنك الدولي في تقديرات نشرها في شباط الماضي اعتبر أن الكلفة الاقتصادية للحرب في سوريا وتداعياتها على دول المنطقة (ومنها لبنان) ارتفعت إلى 35 مليار دولار.
سلام
وخلال العشاء الذي أقامه على شرفه في السراي في حضور الرؤساء أمين الجميّل وميشال سليمان وحسين الحسيني وسعد الحريري ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة والسيدة رندة برّي ممثلة الرئيس نبيه برّي، لاحظ الرئيس سلام أن المساعدات الدولية إلى لبنان لم تصل يوماً إلى الحجم المطلوب، وأن لبنان منذ اليوم الأول من اندلاع الحرب في سوريا قبل 5 سنوات كان في منطقة الخطر الذي اتخذ أشكالاً متعددة أمنية واقتصادية وسياسية وتنموية، وأن لبنان يكابد لعدم الوقوع في محظور الإنهيار.
وعوّل الرئيس سلام على مساعدة القوات المسلحة اللبنانية التي تخوض معركة شرسة مع الإرهاب في الداخل وعلى الحدود، مؤكداً أن الإسلام هو دين الاعتدال والتسامح، معتبراً أن ما حصل في بروكسل هو «نموذج للإرهاب الوحشي الذي يُسيء إلى العرب والمسلمين»، مطالباً المساعدة في انتخاب رئيس للجمهورية وإعادة النصاب إلى حياتنا السياسية وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية.
وإذ نوّه سلام بجهود المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا لحل الأزمة السورية، طالب بان بتطوير أفكار بعودة النازحين السوريين في إطار مفاوضات جنيف، وأكد لما لا يقبل مجالاً للشك رفض توطين النازحين السوريين على أرضنا بأي شكل من الأشكال، مؤكداً أن وجودهم مؤقت يزول بزوال المسببات.
ولاحظت مصادر السراي الحكومي، أن زيارة بان إلى لبنان، رغم أنها ليست الأولى، إلا أنها تتميّز في توقيتها واهدافها، فالمسؤول الأممي يزور لبنان والمنطقة في ظل تطورات ومستجدات محلية واقليمية ودولية دقيقة وصعبة، وهو يأتي الى لبنان وكرسي الرئاسة لا يزال فارغا منذ ما يقارب السنتين، ومواضيع البحث مع المسؤولين كانت كثيرة ومتشعبة، وكان المسؤول الدولي وحسب مصادر مطلعة على اللقاءات التي أجراها مستمعاً أكثر منه متحدث، فما قاله في الاجتماعات التي عقدها كشف عنها أمام الاعلام والصحافة ولم يخف اي أمر، فهو شدد على ضرورة ان يكون للبنان رئيس للجمهورية في اسرع وقت ممكن كما اكد دعم الامم المتحدة للبنان ولحكومته شاكراً حسن الضيافة التي يبديها لبنان تجاه النازحين السوريين.
ونفت المصادر نفيا قاطعا ان يكون موضوع توطين السوريين طرح خلال اللقاءات وقالت ان موضوع التوطين هو «كلام في الخيال»، وليس لدينا خيارات الا ان نقبل بوجود النازحين السوريين بشكل مؤقت في لبنان فالافضل لنا ان نقبل بوجودهم مع مساعدات دولية.
وابدت المصادر ارتياحها لما اعلنه رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم من تقديم 100 مليون دولار كمساعدة للقطاع التربوي اللبناني وهذا يخول وزارة التربية في بناء المدارس وترميمها وتجهيزها، واملت ان تكون هذه بداية لتقديم المزيد من المساعدات.
وأشادت المصادر بتقديمات البنك الاسلامي للتنمية ومساعدته للبنان، وشددت على اهمية انتخاب رئيس للجمهورية، وذلك من اجل تسهيل وتسيير المساعدات والمنح للبنان التي تحتاج ايضا لاقرار من قبل المجلس النيابي، وتمنت ان يحصل لبنان على مبالغ محترمة نتيجة مؤتمر الذي عقد مؤخرا في لندن واشارت الى ان هدفنا هو 11 مليار دولار ولكن لا بأس في ان نحصل على 5 مليارات دولار من اجل ان نستمر في هذه الظروف الصعبة.
تزامناً، كشفت الرئيس نبيه برّي الذي التقى بان في عين التينة، عن ضرورة بحث أن تُلبّي الحكومة والمجلس النيابي التشريعات اللازمة لإمكانية إستيعاب المساعدات الموعودة، وهي مساعدات ضخمة، وهذا يستلزم تفعيل عمل مجلس النواب.
الرئاسة
سياسياً، قرّر الرئيس برّي تحويل مناقشات اللجنة النيابية للإعلام والاتصالات إلى القضاء، رافعاً السرية عنها، مطالباً التوسع في التحقيق، في ضوء اطلاعه على محضر جلسات اللجنة، والمخاطر التي ترتبت عنها المعلومات حول أصحاب الشركات المشغلة للأنترنيت غير الشرعي، وكشف اللبنانيين في أمنهم وخصوصياتهم الشخصية أمام إسرائيل ودول أخرى.
واستعداداً لجلسة الحوار في الثلاثين من الشهر، نشطت الاتصالات لعدم تحوّل تقرير اللجنة النيابية لقانون الانتخاب التي لم تتمكن من الاتفاق على مشروع تلتقي عليه جميع الكتل الوازنة في المجلس، إلى نقطة تجاذب على الطاولة، في ضوء عاملين إثنين:
الأول: الغياب غير المبرر لكتل المرشحين للرئاسة الأولى، فضلاً عن كتلة «حزب الله».
والثاني: تلويح تحالف معراب (القوات والعونيين) بالنزول إلى الشارع والتظاهر، بما يشبه «عرض قوة» لفرض النائب ميشال عون كمرشح وحيد على الجلسة المقبلة للإنتخاب في 18 نيسان.
وفي هذا السياق، علمت «اللواء» من مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع أن موسكو تبذل جهوداً لإقناع حلفاء سوريا المشاركة في الجلسة النيابية المقبلة لانتخاب الرئيس.
وقالت المصادر أن موضوع الرئاسة اللبنانية تربطه موسكو بمحادثات جنيف لحل الأزمة السورية، وهو حضر على طاولة البحث بين وزيري خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف والولايات المتحدة جون كيري في موسكو.
اللواء : محادثات بان: توطين النازحين والإغراءات المالية
اللواء : محادثات بان: توطين النازحين والإغراءات...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
307
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro