لقد كانت التحركات الشعبية في الساحات العربية والتي لا تزال قائمة حتى الأن,هي المسيطرة على غيرها من القضايا القائمة وهذا أمر طبيعي لأنها حالة مستجدة,وبالتالي ليس المستغرب الحديث عنها شرط أن لا يلهي ذلك العرب عن قضايا أخرى أساسية.
لكن الغير الطبيعي,هي التصريحات التي تطلقها بعض الأنظمة التي تدعي بأنها تدافع عن الديموقراطيات والشعوب, في حين أنها هي أنظمة ديكتاتورية تتميز بالقمع وعمرها يقدر بعدة عقود.والمستغرب أيضا هو التناقضات التي تظهر في تصريحات وأفعال هؤلاء.فالسعودية على سبيل المثال,تدعم التحركات في سوريا في وقت أنها تساند السلطات البحرينية عسكريا في عملية قمع الإحتجاجات,وصولا إلى إقامة "الوحدة" بين الدولتين سعيا إلى إطفاء شعلة الثورة المحقة والتي إنطلقت منذ عام ونيف تقريبا.
وفي الجهة المقابلة,تخرج على وسائل الاعلام بعض الأصوات المدافعة عن نظام الأسد بوجه التحركات الشعبية في سوريا.هذا النظام المستبد والمسيطر على الحكم منذ عقود, بحيث لا حرية لإنسان في التعبيرعن رأيه دون أن يتعرض للإعتقال والتعذيب.وفي نفس الوقت تدافع تلك الأصوات عن التحركات في البحرين والسعودية,فتعتبرها محقة وتدعو إلى ضرورة إسقاط النظام هناك بأي ثمن كان.
والأغرب من هاتين الحالتين,هي الحالة الجديدة التي خرجت من بعد بدء التحركات في سوريا, وهي المتمثلة ببعض "المقاومين" الذين أبدعوا في الدفاع عن القضية الفلسطينية ,معتبرين أن فلسطين هي القضية الأساس ودونها لا معنى للتحركات الحاصلة في العالم العربي.إلا أن الغريب أن هذا الخطاب يختلف عند الحديث عن التحركات في البحرين والسعودية,وحتى أنه كان مفقودا خلال الثورات الأولى.
والمبكي المضحك في الموضوع,أن هؤلاء "المناضلين" لا يتذكرون فلسطين إلا عند تضرر مصالحهم السياسية.لا يتذكرون الإحتلال الاسرائيلي ولا حصار غزة ولا الحفريات الحاصلة في القدس إلا في بعض الأحيان.إن هؤلاء "الشرفاء" الذين لا تتحرك ألسنتهم الصدئة إلا حين تشاء ظروفهم, لا يعرفون أن فلسطين تلك التي يتحدثون عنها لن تتحرر إلا بشعوب حرة.
في الخلاصة,يقال لمن يطالب بالحرية للشعوب فلتطبقها قبل أن تحاضر بها,ولمن يتحدث عن فلسطين, يقال فلتعطي الحرية لشعبك قبل التفوه بكلمة "مقاومة".
ولأن الحرية حق للجميع,فإما أن يطالب بها للكل من دون إستثناء أو بلا حرية وهذا سيكون أفضل