بينما كان رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري يُقطّع الوقت أمس في الجلسة السابعة والثلاثين للانتخابات الرئاسية، أطلق وزير الداخلية نهاد المشنوق إشارة انطلاق التعزيزات الأمنية في مطار بيروت الدولي الذي يُعاني نقصاً في المواصفات الأمنية والتقنية. ليست المرّة الأولى التي يُثار فيها موضوع أمن المطار ومعايير السلامة العامة فيه.

منذ أشهر، قصد المشنوق عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وعقد معه خلوة خصّصها للحديث عن أمن المطار، بعد تلويح كل من باريس ولندن «بالتوقف عن استخدام المطار، نتيجة معاناته من مشكلات عميقة تُخالف المعايير التي تفرضها المنظمة العالمية للطيران والاتحاد الأوروبي». كذلك، كان هذا الملف موضع بحث على طاولة مجلس الوزراء في الفترة التي سبقت تعليق الجلسات. آنذاك أكد المشنوق أنّ «من غير المسموح اللعب بأمن المطار ولا التساهل به، وأننا في حاجة لمبلغ يراوح بين 30 و50 مليون دولار لسدّ الثغرات الأمنية».


خليل: واشنطن تسعى لعودة الدول الخليجية عن الإجراءات التي أثرت في لبنان

 

ومع أن مصادر وزارية لفتت إلى أن أحداً لم يُعارض طلب المشنوق، إلا أن الملف وُضع جانباً بعد احتدام الاشتباك السياسي، وبسبب الخلاف على مصدر تأمين التمويل، قبل أن يعود الموضوع إلى الواجهة بالتزامن مع التفجيرات التي هزّت بلجيكا والقارة الأوروبية، أكدت مصادر «الداخلية» أن مناشدة المشنوق لم تلق أي تجاوب، «إذ إن القوى السياسية في لبنان ليس من أولوياتها أمن المطار، رغم معرفتها بأنه مسألة دولية». وأكدت المصادر أن تركيز المسؤولين البريطانيين في حديثهم مع المشنوق على هذا الموضوع هو الذي دفعه إلى الإعلان أنه «فور عودته إلى بيروت سيُخصّص الأولوية لمعالجة الثغرات لأنها توازي تلك التي كانت موجودة في مطار شرم الشيخ وسبّبت تفجير الطائرة الروسية، وذلك بحسب التقارير الغربية». وشكا المشنوق في تصريح له أنّ «التجاوب كان محدوداً في مجلس الوزراء الذي لم يأخذ في الاعتبار حجم الأخطار وانعكاساتها السلبية على سمعة المطار». وأشار إلى أنّه التقى قائد جهاز أمن المطار العميد جورج ضومط، الموجود حالياً في لندن للقيام بدورة تدريبية، وأعطاه التعليمات اللازمة «بضرورة رفع الجاهزية الأمنية في المطار، إضافة إلى الطلب من الأجهزة الأمنية رفع أقصى درجات الحيطة وتشديد الإجراءات الاحترازية». وكشف المشنوق عن تلقيه تقريراً عبر الرئيس برّي «أعدّته اللجنة الأمنية البريطانية التي زارت بيروت، وفيه إشارة إلى نقاط الضعف»، مشيراً إلى أن الخيار الوحيد هو مطالبة وزارة المال بتمويل العقود الضرورية لإجراء التلزيمات اللازمة، بالتفاهم مع وزارة الأشغال. وعلمت «الأخبار» من مصادر وزارية أن رئيس الحكومة تمام سلام أدرج هذا الملف كبند على جدول أعمال الجلسة المقبلة لبحثه. وفيما أشارت المصادر إلى أن المشنوق لم يشرح في مجلس الوزراء مكامن الخلل في أمن المطار، لفتت إلى معطيات تتعلّق بكامل الإجراءات الأمنية، من تفتيش الرّكاب والحقائب وتقويم الأجهزة وإعداد العاملين لتلك الإجراءات، وكذلك الأمر بالنسبة إلى تأمين البضائع. وتحدّثت المصادر عن الخلل الذي أصاب بعض التجهيزات الأمنية، كأجهزة السكانر والكاميرات، والنقص في عديد قوى الأمن الداخلي، كذلك مشكلة سور المطار الذي صدر قرار بتحسينه، لكن تنفيذه تأخر. والأهم من ذلك كلّه «المماحكة المستمرة بين وزارتي الداخلية والأشغال»!
وعلى خط شبكة الإنترنت غير الشرعي، أوضح المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود أمس أن «التحقيق في هذه القضية يجري على أربعة مسارات». الأول «يتعلق بما أثير في وسائل الإعلام عن قيام أشخاص باحتجاز موظفين تابعين لهيئة أوجيرو وعناصر أمنية»، والثاني «بشأن خرق الإنترنت من قبل العدو الإسرائيلي أو جهات أخرى»، مشيراً إلى أنه «طلب من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر إجراء التحقيق وتسطير استنابات قضائية إلى الأجهزة الأمنية ومخابرات الجيش للتحقق من هذا الأمر». والثالث يكمن في الطلب من مفوض الحكومة إجراء التحقيق بشأن التغاضي من قبل الجهات الأمنية والمعنية عن المخالفات. أما الرابع، فيتعلق باستقدام الإنترنت من تركيا وقبرص من دون ترخيص، وقد كلّف قسم المباحث الجنائية إجراء التحقيق. وأشار حمود إلى أن «التحقيق بوشر واستُمع إلى عدد من الأشخاص، وسيُستمَع إلى خبير فني من قبل أوجيرو لاستيضاحه في هذه القضية». وكان صقر قد أعلن أمس أنه «سطّر استنابات قضائية إلى كل من مديرية المخابرات في الجيش وشعبة المعلومات، للتحري عن المعدات الإلكترونية والأجهزة الضخمة الموضوعة على رؤوس الجبال ومدّ الكابل البحري، وعن كيفية إدخالها إلى لبنان، وعما إذا كانت على اتصال مباشر بإسرائيل». من جهة أخرى، كشف وزير المال علي حسن خليل، الموجود في العاصمة الأميركية واشنطن، أن «ثمة تدخلاً أميركياً مع الدول الخليجية للعودة عن مجموعة من الإجراءات التي أثرت في لبنان، وخرجنا بانطباع أن الأمر يسير على السكة الصحيحة». وشدد على «ضرورة الإسراع في إقرار مراسيم النفط وترسيم الحدود البحرية».