واصلت أوروبا لملمة جروحها من دون أن تستفيق بعدُ من هول الصدمة التي أحدثتها التفجيرات الانتحارية في بروكسل أمس الأوّل، وفرَضت مزيداً من التدابير الأمنية في دوَل العالم بفِعل التخوّف من حصول هجمات إرهابية أخرى، وتعالت الأصوات بضرورة مكافحة الإرهاب، في وقتٍ دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما من الأرجنتين دولَ العالم إلى الاتحاد قائلاً: «نستطيع أن نهزم أولئك الذين لا يهدّدون أمن شعبنا فحسب، إنّما شعوب العالم أجمع، وسنهزمهم». وأكّد عزمه على الاستمرار في ملاحقة تنظيم «داعش» على رغم الهجمات الإرهابية. في زيارةٍ هي الثالثة للبنان منذ تولّيه منصبَه يصل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى بيروت صباح اليوم في زيارة تستمر حتى بعد غدٍ الـسبت. وسيستقبله وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في المطار، على ان يلتقي تباعاً رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام ووزير الدفاع سمير مقبل.

ويرافق بان في زيارته فريقٌ ديبلوماسي كبير يتقدّمه رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم ورئيس البنك الإسلامي للتنمية أحمد محمد علي، في زيارةٍ عنوانها العام الاطّلاع على أوضاع النازحين السوريين وأوضاع القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، بالإضافة الى ملفات ثانوية لا تقلّ أهمية عن العناوين الكبرى، لا بل ستشكّل المهمة الصعبة للزيارة، في ظلّ إصرار المجتمع الدولي على تحسين أوضاع النازحين في لبنان وتوسيع مجالات العمل أمامهم - وهو ما يرفضه لبنان - منعاً للنزوح مرةً أخرى إلى دول اوروبا والعالم، إلى حدود ربطت بها المساعدات الدولية، بالإضافة الى البحث في حاجات لبنان ومساعدته لتوفير كلفة النزوح وما تقرّر منذ أن عقد آخر مؤتمر خصص لهذه الغاية في لندن.

بالإضافة الى ما سيثيره سلام حول تقليص خدمات مؤسسات الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، ولا سيّما منها مؤسسة «الأونروا» بناءً على طلب الفصائل الفلسطينية في لبنان.

وسيعقد بان مؤتمراً صحافياً مشتركاً وسلام الرابعة بعد ظهر اليوم في السراي الحكومي قبَيل العودة اليه مساءً حيث يقام له عشاء تكريمي، بعد زيارة الى وزارة الدفاع وقيادة الجيش حيث يستقبله مقبل ويعرض معه للأوضاع الامنية في الجنوب، في ضوء المهمة التي تقوم بها القوات الدولية تنفيذاً للقرار 1701، وسُبل مواجهة الإرهاب وحاجات الجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى التي تقوم بمهمّات كبيرة في مواجهة الإرهاب على الحدود وفي الداخل اللبناني.

ويتفقد بان غداً الجمعة القوات الدولية في الجنوب ويلتقي قيادتها العامة وقادة الفرَق الدولية المساهمة فيها، ثمّ يزور منطقة فقيرة في طرابلس ليسجّل موقفاً مِن دور الأمم المتحدة في مواجهة الفَقر في العالم، على أن يغادر بيروت صباح السبت.

المشنوق

وفي هذه الأجواء، اختتم وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق زيارته الرسمية للندن بحصاد بلغَ 13 مليون جنيه استرليني لقوى الأمن الداخلي. وهو التقى وزير الدولة لشؤون الشرق الاوسط توبياس إلوود ووزيرة التنمية الدولية البريطانية جوستين غرينغ والوزير جون هايز من الداخلية البريطانية ومستشار الامن القومي البريطاني مارك ليال غرانت.

وإذ تحدّثَ البيان المشترك الصادر عن الجانبين اللبناني والبريطاني عن نيّة بريطانيا تقديمَ مساعدة إضافية لقوى الامن الداخلي بقيمة 13 مليون جنيه استرليني. قال المشنوق إنّ «دعم الحكومة البريطانية لقوّاتنا الأمنية هو مؤشّر مهم للثقة والتعاون بين المملكة المتحدة ولبنان.

لدينا خطة استراتيجيّة لإصلاح قوى الأمن الداخلي بغية تمكينها من تقديم أفضل خدمة لمصالح جميع اللبنانيين من خلال تعزيز ثقتِهم بسلطات تطبيق القانون». وكرّر إلوود تأكيدَ موقف بلاده حول ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية واستعدادها للعمل مع أيّ مرشح يوافق عليه اللبنانيون.

وأثنى السفير البريطاني هيوغو شورتر «على الجهود المتواصلة لعناصر وضباط قوى الامن الداخلي بقيادة الوزير المشنوق». وأكد أنّ الدعم البريطاني للبنان «سيبقى قوياً وحازماً تماماً كالبلد نفسِه».

زعيتر

وفي موضوع أمن المطار، رفضَ وزير الأشغال العامة غازي زعيتر التعليقَ على ما قاله المشنوق من لندن، مكتفياً بالقول لـ»الجمهورية» إنّه دعا إلى اجتماع عند الأولى بعد ظهر الثلثاء المقبل ويضمّ جهاز أمن المطار ومديرية الطيران المدني وكلَّ الأجهزة المعنية بأمن المطار، لشرحِ كلّ الأمور المتعلقة بالأوضاع الأمنية والإدارية والتجهيزات.

الملفّ الرئاسي

في الملفّ الرئاسي، أخفقَ مجلس النواب مجدداً وللمرّة السابعة والثلاثين على التوالي في امتحانه الرئاسي، ولم يستطِع في جلسة الأمس التي غاب عنها المرشّحان رئيس تكتّل «الإصلاح والتغيير» النائب ميشال عون ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، انتخابَ رئيس الجمهورية بفِعل عدم اكتمال النصاب الذي بلغَ 62 نائباً تَقدّمهم الرئيس سعد الحريري الذي عاد ليل أمس الأوّل بعد زيارة خاصة لباريس والرياض. وبالتالي رُحِّلت جلسة الانتخاب إلى 18 نيسان المقبل، في حين كان النصاب في الجلسة الماضية 72 نائباً.

الحريري

وفيما غابت التصريحات والمواقف الرئاسية، كما يحصل عادةً عقبَ كلّ جلسة، أكد الحريري «أنّ انتخاب رئيس للجمهورية هو الحلّ لكثير من الأزمات، معلِناً أنّه مستمر في «النزول الى مجلس النواب وتأدية الواجب الدستوري لانتخاب رئيس». وحمّلَ «الذين يتغيّبون مسؤولية كلّ المساوئ التي تحصل في البلد».

وقال «إنّ بعض النواب خارج البلاد، ولكن إذا كان هناك ضغط جدّي لانتخاب رئيس سيحضرون»، متمنّياً «حضور رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية جلسة الانتخاب»، مؤكّداً في المقابل أنّ فرنجية «هو سيّد نفسه وهو من يتحكّم بقراره». وقال: «مع احترامي للعماد ميشال عون، لكنّ مجلس النواب شرعيّ، فهو سيّد نفسه وهو مدَّد لنفسه»، سائلاً: «لو انتخَب المجلس ميشال عون رئيساً لأصبَح شرعياً؟».

وعن استعداد الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله للقائه، قال: «لستُ ضدّ هذا الأمر، ويهمّنا انتخاب رئيس وفتح حوار حقيقي». وعن تهديد «التيار الوطني الحر» بالنزول إلى الشارع، دعا الحريري التيار للنزول إلى مجلس النواب بدل أن ينزل الى الشارع.

جنبلاط

وقاربَ رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط جلسة الانتخاب أمس على طريقته، فغرّد عبر «توتير» متهكّماً، بقوله: «أحلى شيء في الاجتماع الشهري لانتخاب رئيس أنّ الزفّة جاهزة، طبل وزَمر ورقص ودربكة، وباستثناء هنري حلو، العريسان الآخران لا يحضرا. على كلّ حال حتى لو صارت الانتخابات جدّية بخانة الياك، يشوفو غيري. بكفّينا مزح ثقيل».

جعجع

وأكّد رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع أنّ «حزب الله» لا يريد انتخابات رئاسية في لبنان في الوقت الراهن، و»ما علينا فِعله هو إيجاد الطرق المناسبة لفكّ قيود هذا الاستحقاق».

واعتبَر أنّ الحزب «لديه مصلحة بعدم انتخاب رئيس للجمهورية على مستويَين استراتيجي وتكتيكي: على المستوى الاستراتيجي «حزب الله» لا يستطيع التعايش مع دولة فعلية في لبنان، فالمعادلة بسيطة وواضحة، إمّا دولة قوية وحزب ضعيف وإمّا حزب قوي ودولة ضعيفة، ومن هنا مصلحة «حزب الله» أن يكون في حضرة دولة ضعيفة.

وعلى المستوى التكتيكي «حزب الله» لا يريد العماد عون رئيساً للجمهورية، وفي الوقت نفسه لا يستطيع خسارته، فيقوم في هذه الحالة بتعليق الانتخابات الرئاسية، عندها لا يخسر عون ولا يوصِله إلى الرئاسة، ويؤجّل المشكلة حتى إشعار آخر».

إنتخاب وتشريع

وفيما الحوار الوطني بين أقطاب الكتل النيابية على موعد جديد الأربعاء المقبل في الثلاثين من الشهر الجاري، أعلنَ رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّه سيعرض أمام المتحاورين تقريرَ اللجنة النيابية حول قانون الانتخابات ليتحمّل كلٌّ مسؤوليتَه. وأكّد مجدداً ضرورةَ تفعيل عمل مجلس النواب واستئناف الجلسات العامة، لافتاً إلى أنّ هذا الموضوع سيكون محورَ النقاش في جلسة الحوار أيضاً.

وقال بري من جهة أخرى: «إنّ خطر الإرهاب بات يهدّد العالم بأسره، وقد حذّرنا دائماً منه مراراً». وأشار إلى «أنّ لبنان والحمدُ الله كما عبر في مناسبات عدة هو الأكثر أمناً، ليس في المنطقة فحسب، بل أيضاً أكثر من جزء كبير من أوروبا».

ملف الإنترنت

إلى ذلك، خرج الاجتماع الوزاري ـ الأمني والقضائي الذي عُقد أمس في السراي الحكومي بقرار يقضي بمتابعة التحقيقات في فضيحة الانترنت غير الشرعي، وصولاً إلى كشفِ ملابسات هذا الملف، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة، وذلك على المستويات الأمنية والفنّية ـ التقنية والقضائية.

وبعد الاجتماع قال وزير الاتصالات بطرس حرب: «شدّد الرئيس سلام على وجوب متابعة التحقيقات لكشفِ كلّ الملابسات حول موضوع التحقيقات في الانترنت غير الشرعي وطبيعة المنشآت القائمة وكيف دخَلت إلى لبنان والظروف التي دخلت من خلالها ولماذا دخلت؟ وكيف تمّ تركيبها؟ وأعطى توجيهاته إلى كلّ الأجهزة والوزارات المختصة لمتابعة هذا الموضوع بجدّية من خلال التعاون والتنسيق في ما بينها».

مرجع أمني

وقال مرجع أمني شاركَ في اللقاء لـ«الجمهورية» إنّ القادة الأمنيين وضَعوا إمكاناتهم بتصرّف المؤسسات المعنية، وستكون القوى الأمنية مستعدّة لمؤازرة الفرَق الفنّية أينما دعت الحاجة، لتنفيذ المهمات التي تؤدي إلى كشف الحقائق المتّصلة بهذه القضية.

وفور انتهاء الاجتماع أعطيَت التعليمات إلى رئيس وأعضاء مكتب الجرائم المالية وقادة الفصائل في المناطق في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، لتكون في تصرّف التحقيقات الجارية، وإذا توافرَت أيّ معلومات لدى القوى الأمنية ستتحرّك على الفور.

برّي

وكان برّي تطرّقَ أمام النواب خلال «لقاء الأربعاء» إلى موضوع شبكة الانترنت، فشدّد على وجوب المتابعة التفصيلية والدقيقة لهذه الفضيحة، واصفاً هذا العملَ بالاعتداء الخطير الذي لا يمكن السكوت عنه.

تحرّكات القضاء

في الجانب القضائي، سطّرَ مفوّض الحكومة لدى المحمكة العسكرية القاضي صقر صقر، استنابات قضائية الى كلّ مِن مديرية المخابرات في الجيش وشعبة المعلومات، للتحرّي عن شركات الانترنت وعن المعدّات الإلكترونية والأجهزة الفنّية الضخمة الموضوعة على رؤوس الجبال ومدّ الكابل البحري، وعن طريقة إدخالها إلى لبنان وطريقة نقلِها وتركيبها، وعمّا إذا كانت على اتّصال مباشر بإسرائيل.

من جهته، أكّد المدّعي العام التمييزي القاضي سمير حمود «أنّ التحقيق في هذه القضية يتمّ على أربعة مسارات، الأوّل: يتعلق بما أثيرَ في وسائل الإعلام عن قيام أشخاص باحتجاز موظفين تابعين لهيئة «أوجيرو» وعناصر أمنية، الثاني: في شأن خرق العدوّ الإسرائيلي أو جهات أخرى للإنترنت، الثالث: يَكمن في طلبي من مفوّض الحكومة إجراءَ التحقيق في شأن الإهمال الحاصل، أو تَغاضي الجهات الأمنية والمعنية عن السماح بتركيب أعمدة ضخمة لاستعمالها في مجال الإنترنت وتمديد كابلات بَحرية.

والمسار الرابع يتعلّق بالتحقيق في شأن الإنترنت غير الشرعي أو استقدام الإنترنت من تركيا وقبرص بلا ترخيص». وأشار حمود إلى أنّ التحقيق بوشِر وتمّ الاستماع إلى عدد من الأشخاص.

الزعنّي باشرَ تحقيقاته

وكان مساعد مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي داني الزعنّي استمعَ أمس إلى موظفي «أوجيرو» والعسكريين الذين رافقوا الفريق الفني إلى المحطات التي تمّ تفكيكها.

ملف النازحين

وفي ملف النازحين السوريين، ترَأس سلام عصر أمس اجتماعاً، حضَره وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، ووزير التربية الياس بوصعب، وسفراء وممثّلو الجهات الداعية لمؤتمر لندن. وتناولَ البحث آليّة تطبيق التوصيات الصادرة عن مؤتمر لندن الذي انعقدَ في شباط الماضي حول ملفّ النزوح السوري.