مع ان أي عامل مغاير للجلسات السابقة لم يكن منتظراً من الجلسة الـ37 لانتخاب رئيس للجمهورية أمس، فان تضاؤل حجم المشاركة فيها قياساً بالجلسة السابقة أضاف عاملا آخر من عوامل الاحباط المعنوي لكون هذه الجلسة تزامنت مع مجموعة دلالات رمزية. ذلك ان الجلسة تزامنت أولاً مع مرور مدة سنتين على بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية وان تكن مدة الفراغ الرئاسي تحتسب من نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في 25 أيار 2014. كما تزامنت مع بدء العقد العادي لمجلس النواب وسط تأثيرات الفراغ المباشرة على التشريع والانقسامات التي يثيرها واقع الفراغ على عمل المجلس. أما العامل الثالث فيكتسب بعداً خارجياً، ذلك ان اخفاق الجلسة الاخيرة شكل رسالة سلبية الى أرفع زائر أممي لبيروت هو الامين العام للامم المتحدة بان كي-مون الذي يبدأ اليوم زيارة تستمر يومين ستكون خلالها أزمة الفراغ الرئاسي أحد ابرز محاور المحادثات التي سيجريها مع المسؤولين اللبنانيين.
وفيما كانت العلامة الفارقة في الجلسة تراجع عدد النواب المشاركين فيها من 73 نائبا في الجلسة السابقة الى 62 نائباً أمس، لم يفت الاوساط السياسية التي رصدت حجم الحضور والمقاطعة وتوزعهما على القوى السياسية بروز عامل صعود الصراع السياسي على حجم المشاركة في الجلسات وان يكن أحدا لا يتوهم نصاب الثلثين سيكون متاحاً أو ممكناً في مستقبل منظور.
وقالت مصادر نيابية لـ"النهار" إن ما يسترعي الانتباه في الجلسة الـ 37 هو ان الغياب عن المشاركة في الحضور لم يقتصر على الطرفيّن الممتنعيّن عن الحضور أصلاً وهما "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، بل تجاوزهما الى اطراف ملتزمين الحضور.
وأبرز الغائبين كان معظم أعضاء كتلة النائب وليد جنبلاط وكتلة "القوات اللبنانية" وعدد من نواب كتلة "المستقبل" على رغم حضور الرئيس سعد الحريري الى بيروت للمشاركة في الجلسة. وتميز موقف الحريري بعد ارجاء الجلسة الى 18 نيسان المقبل بتشديده على الاستمرار في الحضور، معتبراً أن "كل المساوئ التي تحصل في البلد هي مسؤولية الذين يغيبون عن مجلس النواب لانتخاب رئيس". ورد على موقف العماد ميشال عون باعتبار المجلس غير شرعي مؤكداً ان المجلس شرعي وتساءل: "لو انتخبنا العماد عون هل يصبح المجلس شرعياً بالنسبة اليهم؟". وقال ردا على ما يتردد عن عزم الفريق العوني على النزول الى الشارع " بدل النزول الى الشارع لينزل الى مجلس النواب".
في موازاة ذلك، تسلم رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس من رئيس اللجنة النيابية المكلفة إعداد تصوّر لقانون الانتخاب النائب جورج عدوان تقريراً عن عمل اللجنة.ومن المتوقع أن يحيل بري التقرير على هيئة الحوار النيابي الاسبوع المقبل حيث ستتضح معالم الجلسة الاشتراعية في العقد العادي للمجلس الذي بدأ أول من أمس فيدعو رئيس المجلس على الاثر هيئة مكتب المجلس الى الاجتماع لتحديد جدول اعمال الجلسة.

بان كي-مون
وعشية وصول الامين العام للامم المتحدة الى بيروت، أبلغت مصادر وزارية معنية "النهار" أن لبنان يستقبل المسؤول الدولي بأنقسام مع المجتمع الدولي حيال الامور الاتية: وصف "حزب الله" بالارهاب، ربط المساعدات بتوظيف اللاجئين السوريين، توسيع نطاق تطبيق القرار الرقم 1701 والانتخابات الرئاسية. ولفتت الى أن نبأ حضور الامين العام لم يؤثر إيجابا أمس على الجلسة الـ37 لإنتخاب رئيس للجمهورية. وأعتبرت أن زيارات المسؤولين الدوليين في هذه المرحلة لا تقتصر على مساعدة لبنان في حل أزماته بل يبدو محورها موضوع اللاجئين السوريين في لبنان. لكنها رأت ان الامل الوحيد في زيارة بان يكمن في المحادثات مع رئيس البنك الدولي الذي يرافقه والذي سيبحث في منح لبنان قروضاً جديدة بعدما أنتهت مدة القروض القديمة والتي لم يستفد منها لبنان منها وبينها قروض بقيمة 70 مليون دولار.
واكد رئيس الوزراء تمام سلام لـ"النهار" عشية المحادثات التي سيجريها مع الامين العام للامم المتحدة انه سيتناول معه المرحلة الصعبة التي يمر فيها لبنان في ظل الشغور الرئاسي، كما سيعرض الأعباء الكبيرة المترتبة على استضافة أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ سوري. وكشف انه سيثير مع المسؤول الاممي "تقصير المجتمع الدولي حيال لبنان وعدم دعمه كفاية ليصمد ويتصدى في وجه الأعباء الضخمة التي تثقل اقتصاده ومجتمعه ". اما عن المخاوف التي تثيرها سياسة المجتمع الدولي في شأن تثبيت اللاجئين السوريين في لبنان، فشدد سلام على ان موضوع "توطين اللاجئين غير وارد اطلاقاً"، انه سيجدد موقف لبنان الرسمي الرافض للتوطين.

 

مساعدة بريطانية
الى ذلك، أعلنت بريطانيا أمس في نهاية زيارة رسمية قام بها وزير الداخلية نهاد المشنوق للندن تقديم مساعدة اضافية لقوى الامن الداخلي بقيمة 13 مليون جنيه استرليني "ستساهم في بناء قوات شرطة عصرية محترفة وستخصص لبناء مراكز شرطة وتعميم الممارسات الفضلى في مجال خدمات شرطة المجتمع، وادماج حقوق الانسان، والدعم لبرنامج التدريب الذي خرّج ثمانية آلاف ضابط هذه السنة". وقال وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الاوسط توباياس إلوود: "قوى الأمن الداخلي تلعب دوراً حيوياً في الحفاظ على أمن لبنان وهذا التمويل سيعزز قدراتها في خضمّ أجواء عدم الاستقرار التي تعصف بالمنطقة". وأضاف: "سيسمح هذا التعاون للبنان بمواجهة التحديّات الخطيرة التي تعترضه بما في ذلك استضافة عدد كبير من اللاجئين يشكل كنسبة مئوية من السكان أعلى نسبة مقارنة بأي دولة أخرى في العالم ومواجهة التهديدات الأمنية الداخلية التي يفرضها تنظيم داعش".