حذَّرَت مصادر ديبلوماسية غربيّة من شنّ الإرهابيّين هجمات إضافية في أوروبا بعد العمليات الإرهابية في بروكسيل أمس، في الوقت الذي لا يزال الاتحاد الأوروبي يعاني من هجمات باريس في تشرين الثاني الماضي ويحاول جاهداً حلَّ أزمة المهاجرين. وفي قراءة لهذه المصادر، أنّ آثار الهجمات الإرهابية على المدى الطويل ستتعدّى السياسة والاقتصاد لتهدّد نسيجَ الاتحاد الاوروبي برُمّته، بما فيه اتّفاق «شنغن».

وتتوقّع أن يُصار الى تعزيز الحكومات الأوروبية تبادل المعلومات الاستخباراتية مع جيرانها، وتقوية العمل الاستخباراتي الأوروبي في الشرق الاوسط وفي البلاد الخاضعة لنظام الشنغن وأعضاء الاتحاد الأوروبي، إضافةً الى استئناف المناقشات حول أفضل السُبل لمكافحة الارهاب في الخارج وخصوصاً في الدول المضطربة مثل سوريا وليبيا.

وأشارت المعلومات الى أنّ الأوروبيّين أصبحوا أكثرَ استعداداً للمساهمة في التحالف ضد الدولة الإسلامية «داعش»، وربّما مع إرسال مزيد من
الأسلحة والتدريب العسكري للمسلحين والأكراد العراقيين، وزيادة نشر الطائرات المقاتلة والمشاركة في بعثات المراقبة للـNATO في تركيا.

وفي القراءة لتداعيات الهجمات الإرهابية يتوقّع جولة جديدة من الجدل حول الرقابة على الحدود في الاتحاد الاوروبي، ولا سيّما في المناطق التابعة للشنغن، خصوصاً أنّ الجناة تنقّلوا وتناقلوا أسلحتَهم بين فرنسا وبلجيكا من دون تمكّن الأجهزة الامنية من كشفِهم واعتقالهم.

وكانت فرنسا وغيرُها من الدول الاوروبية عزّزَت الرقابة على حدودها، غير أنّ المفوّضية الاوروبية تريد تعزيزَ هذه الرقابة ليس على الحدود فقط، بل على كلّ المناطق الخاضعة لنظام الشنغن بحلول نهاية عام 2016.

وأشارت المصادر الى احتمال أن تعلن العديد من الحكومات في اوروبا الغربية قريباً عن قانون «الأمن القومي الجديد»، وتفرض ضوابط على المقاتلين المتورّطين والعائدين من الحروب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ولفتت الى أنّ الهجمات الإرهابية من الممكن أن تُشعلَ أيضاً المشاعر المعادية للمسلمين في أوروبا وتزيد المطالب الشعبية (على حكومات الاتّحاد الاوروبي) لعدم السماح بسَفر الأتراك من دون تأشيرة إلى أوروبا، وهذا كان شرطاً أساسياً طلبَته أنقرة قبلَ موافقتها على التعاون في شأن قضايا المهاجرين.

كما أنّ المشاعر المعادية للمسلمين يمكن أن تؤدّي الى مزيد من الدعم للأحزاب القومية في مختلف أنحاء القارّة، ولا سيّما أنّ الجبهة الوطنية الفرنسية تَلقى فعلياً دعماً كبيراً في استطلاعات الرأي الانتخابية.

كذلك في ألمانيا، فإنّ الحزب «المناهض للهجرة» سجّل أخيراً تقدّماً كبيراً في الانتخابات الإقليميّة، وهو يُعَدّ حالياً ثالث أكثر الأحزاب شعبية في البلاد.

في النهاية، إنّ هجمات بروكسيل ستضرّ بالاقتصاد الاوروبي، حتى لو اقتصَر هذا الضَرر على فترة زمنية قصيرة، إلّا أنّه وفي الأيام المقبلة سيَعمد الناس في بلجيكا وغيرها من بلدان أوروبا الغربية الى تجنّب المناطق المزدحمة والمكتظة، وارتياد المقاهي ومراكز التسوّق، والإحجام عن السفر خوفاً من هجمات أخرى. وهذا ما سيخنق موقّتاً الاستهلاك المحلّي وقطاع السياحة، فيما أصبَح تهديد الإرهاب اليوم جزءاً من مخاوفهم اليومية.