رغم السيطرة الكاملة لقوى الضغط الفقهي والسياسي للجماعات الاسلامية في العالمين العربي والاسلامي وخنق الحريات بفتاوى قديمة وأخرى مُضافة جعلت من المجتمع نصف ميت ونصف مشلول التفكير والارادة وخاصة ما يتعلق منها بالمرأة ودورها في المجتمعات النبوية اذ اجتمع فقهاء المسلمين على عورتها وضرورة حبسها في جسد بعلها حتى لا يُظاهرن النساء على الرجال فيغوينهم بحبال شياطيهن وتصبح الأمّة فاسدة لافساد المرأة فيها .
لقد غال حماة المرأة من جماعات اللحى في فنّ " قهرمنتها " وأيقونتها والتلذذ بها رغبة في التعبد للروايات التي خصصت المرأة بوفرة وكثرة من سرديات التمتع داخل صندوقة النشوة الذكورية المستفحلة لنصرة النص في التكاثر والتباهي أو " التشحط " في سبيل الله بواسطة المتعة .
حتى المرأة نفسها سجدت للرجل ايماناً منها بدعوة الدين لها كيّ تكون تحت قيمومته المرتفعة الى مستوى من مستويات الربوبية وضاعفت من ركعات السجود له مع وصول دُفعات جديدة من المجاهدين المصابين بحمى الجنس وعطش الدماء فكيّست جسدها عملاً بالذوق الفقهي لمراجع المسلمين المختصين بتصاميم الأزياء و الذين دعوا النساء الى حماية دينهن بالستر الكامل وحبذوا لهن ان من خلال ما أوجب بعضهم أومن خلال ما استحب لهن آخرون من المؤهلين للفتوى بالتبرقع لرفع الغواية عن ما حُرّم عليهن من رجال .
يبدو أن عودة المرأة الى بيت الطاعة باندفاع الأقوى من السابق لاحتلال الأحزاب الاسلامية المكانة الأقوى في السلطة وفي المعارضة داخل الدول العربية والاسلامية يقاربها ابتعاد عن الرضوخ لفتاوى مصادرة المرأة وقد عكست ذلك في خرق السدود القهرية لها في المملكة العربية التي أجازت قيادتها وعنوة عن التيّار الوهابي في وهب المرأة حقوقاً لم تكن متاحة لها ومحرمة عليها تلبية لاحتجاجات نسوية طالبت بإنصافها في مجتمع هي أكثر من نصفه .
ثمّة دعوات متزايدة في المجتمعات المغلقة لتحسين شروط المرأة فيها بتجاوز العرف المعيب على المرأة العمل في أعمال يزاولها الذكور وهبّت ضدّ فتاوي المنع والتحريم المقاصص لفعلها اذا ما خالفت شرع المشرعين المسلمين وباتت تزاول أعمال الرجال في التجارة والصناعة وفي مجالات البحث العلمي حتى في الحرفيات والمهن الحرة دخلت المرأة وبجدارة الى حيزهما ونجحت في مجالهما بعد أن خرقت سدود المنع والتحريم .
لقد لعب العوز والحالات الاقتصادية المتردية دوراً في ثورة المرأة على ذكورية الفقه الاسلامي ودفعها الفقر دفعاً الى مزاولة أعمال لم تكن بقادرة عليها لولا حاجتها الملحة للعمل لتحسين شروطها الصعبة في الحياة .
ان اتساع حفرة الفقر في الأردن يدفع بالنساء الى أسواق العمل وخاصة أولئك اللواتي ينتمين الى قبائل مقفلة على المرأة باب العمل خارج حوائط البيت وقد أصبحت ظاهرة تكسي النساء في عمان طبيعية جداً ولم تعد ألسنة الناس المستسلمة للفقهاء تفعل فعلها في بلد تصعب فيه لقمة العيش .
ان جرأة النساء الأردنيات في سواقتهن لسيارات الأجرة يعتبر فتح اجتماعي كبير من شأنها أن يفتح لهن أبواب أخرى كانت مقفلة عليهن بمفاتيح الفقه الاسلامي ومن شأنها أن أيضاً أن يعزز من دعوات التحرر النسوية من ذكورية فقهية مقيدة للمرأة وهذا ما سيدفع بواعظ الأحزاب الاسلامية الى مزاولة العنف ضدّ دعوات النساء لاخافتهن وارجاعهن عن غيّهن خاصة وأن الملتحين الاسلاميين يعتبرون المطالبة بمساواة المرأة بالرجل من قبيل الخطورة التي لا تقاربها خطورة بقاء بيت المقدس في قبضة الاحتلال الاسرائيلي .