تعول المعارضة السورية على الولايات المتحدة الأميركية وروسيا للضغط على النظام ودفعه إلى الانخراط بجدية في مفاوضات جنيف التي دخلت الاثنين أسبوعها الثاني.
وتتجه أنظار أطراف المعارضة إلى زيارة وزير الخارجية جون كيري إلى موسكو، الأربعاء، ولقائه بنظيره الروسي سيرجي لافروف لوضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل الاتفاق السوري، ومنها مصير الأسد.
وأعلن كيري أنه سيتوجه إلى موسكو “لمناقشة كيف يمكن أن نحرك العملية السياسية بشكل فعال ونحاول الاستفادة من هذه اللحظة”.
واعتبر الموفد الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، الجمعة، أن الاجتماعات بين لافروف وكيري “حاسمة” لأنها “يمكن أن تساعد كثيرا في المرحلة الثالثة التي ستعقد في أبريل” في إشارة إلى جولة المفاوضات المقبلة.
ويعمد وفد النظام إلى جنيف بقيادة مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إلى المماطلة والمناورة عبر تقديم مجموعة من الرؤى العامة لحل النزاع، فضلا عن محاولة تأجيل الجولة القادمة من المحادثات، التي تنطلق في 4 أبريل، بتعلة الانتخابات البرلمانية التي دعت إليها دمشق في 13 أبريل المقبل.
ويرى مناوئون للنظام أن موسكو وواشنطن، القوتين الراعيتين للعملية السياسية في سوريا، وحدهما القادرتان على الضغط على دمشق للسير قدما في العملية التفاوضية وتقديم تنازلات.
وقال يحيى قضماني نائب منسق الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة، خلال مؤتمر صحافي في جنيف “نأمل أن تستخدم روسيا نفوذها للضغط على نظام الأسد بشكل جدي كي يدخل في مفاوضات جادة حول الانتقال السياسي”.
وأضاف قضماني “نحن هنا في جنيف من أجل الدخول في عملية سياسية جادة، تنهي معاناة شعبنا، وقد انخرطنا خلال الأسبوع الماضي في التفاصيل السياسية والدبلوماسية مع الأمم المتحدة، من أجل أن ينال شعبنا الحرية”.
وأوضح أنهم “لمسوا أن النظام مازال متعنتا ورافضا أي نقاش جدي، لأنه يعلم أن ذلك سيفضي إلى مناقشة كرسي الأسد”، موجها رسالة إلى الأمم المتحدة، بأن “المعارضة ستعمل ليلا نهارا لفرض تنفيذ القرارات الدولية، وبوجه السرعة، وخاصة القرار 2254، واتفاق جنيف 1”.
ووصف قضماني الانتخابات البرلمانية التي يزمع النظام إجراؤها الشهر المقبل، بأنها “غير شرعية وباطلة”، كونها “تجري خلال عملية انتقال سياسي، ومفاوضات لإيجاد حل سياسي في سوريا، وهو ما ينتهك كل القرارات الدولية، ويتحدى المجتمع الدولي”.
ولفت إلى أنهم “سمعوا أن النظام طالب بتأجيل الجولة التالية من المفاوضات لأسبوعين، وبهذا يتهرب من مسؤولية المفاوضات ويؤخرها، والمعارضة تصر على أن تجري المفاوضات في وقتها ولا يستطيع النظام فرض موعد متأخر على مسار دي ميستورا، وعلى الهيئة”.
وأبدت المعارضة السورية، وفق المبعوث الأممي إلى سوريا والمتابعين لجنيف جدية كبيرة في الأسبوع الأول من المفاوضات وقدمت طرحا لكيفية الانتقال السياسي في سوريا.
ويأمل دي ميستورا أن يلمس ذلك لدى وفد النظام هذا الأسبوع. وكان دي ميستورا قد التقاه بعد ظهر الاثنين، في لقاء هو الأول بين الطرفين بعد مطالبة الأخير الوفد الجمعة بـ“تقديم ورقة حول الانتقال السياسي” إثر تلقيه “ورقة جيدة وعميقة حول رؤية وفد الهيئة العليا للمفاوضات”.
وقال رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري عقب اللقاء إن الحديث عن مستقبل الرئيس الأسد لا يستحق الرد عليه، مشددا على أن مقام الرئاسة ليس جزءا من أدبيات الحوار الحالي.
ويتمسك الوفد الحكومي منذ انطلاق المفاوضات قبل أسبوع بمضمون ورقة بعنوان “عناصر أساسية للحل السياسي” سلمها للموفد الدولي وتنص أبرز بنودها على ضرورة الالتزام بتشكيل “حكومة موسعة” من دون أن تأتي على ذكر الانتقال السياسي أو مصير الرئيس السوري.
وتطالب الهيئة العليا للمفاوضات برحيل بشار الأسد مع بدء المرحلة الانتقالية.
وسيلتقي دي ميستورا، اليوم، وفد الهيئة العليا للمفاوضات الذي سيسلمه ردوده على نحو ثلاثين سؤالا وجهها إليها حول الانتقال السياسي وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي.
وأقر دي ميستورا في ختام الأسبوع الأول من المحادثات غير المباشرة الجمعة بأن“الهوة كبيرة” بين الوفدين، معلنا أنه سيعمل خلال هذا الاسبوع على “بناء أرضية مشتركة”.
وتعتبر محادثات جنيف الحالية الأكثر جدية، مقارنة بباقي الجولات السابقة، وأتت إثر اتفاق روسي أميركي لوقف الأعمال العدائية في 27 فبراير الماضي.
ووجه الجيش الروسي انتقادات الاثنين، إلى نظيره الأميركي حول متابعة انتهاكات الهدنة، مهددا بأن موسكو ستتابع بشكل أحادي وقف إطلاق النار.
وقال الجنرال سيرجي رودسكوي المسؤول الكبير في قيادة أركان الجيوش الروسية في بيان إن “الجانب الأميركي أظهر أنه غير مستعد للتباحث عمليا في النص” حول متابعة انتهاكات الهدنة.
وأضاف رودسكوي “من غير المقبول تأخير البدء بتطبيق إجراءات تنص على التحرك في حال حصول انتهاكات لوقف إطلاق النار”. وحذر الجنرال “اعتبارا من 22 مارس ستتابع روسيا بشكل أحادي الجانب قواعد تطبيق (الهدنة) في حال غياب رد من الجانب الأميركي”.
وتابع “نؤكد أننا لن نستخدم قواتنا المسلحة إلا بعد الحصول على أدلة بحصول انتهاكات منهجية (للاتفاق) من قبل مجموعات مسلحة”.
وردت واشنطن في وقت لاحق على تحذيرات رودسكوي “أولئك الذين يطلقون مثل هذه التصريحات، يبدو أن لديهم معلومات خاطئة، لأننا قد بحثنا هذه المواضيع بشكل مطول، ونواصل بحثها بصورة بناءة”.
ويرى متابعون أن الموقف الروسي المستجد حيال الرد منفردا على الخروقات، أراد التأكيد أنه ما يزال المتحكم بالمشهد عامة في سوريا.
صحيفة العرب