لم تقع الحرب بين المقاومة وإسرائيل. قادة العدو كانوا يمنّون النفس باختراق جدار الردع الذي سيّجت المقاومة به لبنان. تقديرات حزب الله كانت تشير إلى أن الإسرائيليين قد يغامرون بتوجيه ضربات إلى جزء من قدرات المقاومة داخل الأراضي اللبنانية، مراهنين على أن ردّ المقاومة سيكون ضعيفاً. لكن الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، رفع سقف التحدي أمس، معلناً للعدو الآتي: «أي اعتداء سيواجه بقوة. لا تغامروا، لأن الغبي وحده يفكّر في الاعتداء على لبنان. أما شنّ عدوان كبير، فسيواجَه من دون سقف من جانب المقاومة، وصولاً إلى استهداف مفاعلات العدو النووية، ومخازن الرؤوس النووية، وباقي منشآته». حمل كلام نصر الله رسالة واضحة لحكام تل أبيب: المقاومة تملك الإحداثيات التفصيلية لمنشآتكم النووية، ولديها القدرة على إصابتها بدقة، ولديها الإرادة للذهاب في أي حرب تُفرَض على لبنان إلى حيث لا يتخيّل أحد
رفع الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، من سقف تحذيراته للعدو الإسرائيلي أمس، في ردّ على ما يروّج له الكيان العبري عن جاهزيته للقيام بعدوان على لبنان وضرب حزب الله. واستبعد نصر الله حصول عدوان «إسرائيلي» على لبنان، بالحدّ الأدنى على المدى المنظور، مستدركاً بقوله: «لكن نُبقي احتمال أن يكون هناك حمقى»، مؤكداً أنه «نستطيع أن نضرب أي هدف نريده في أي مكان في فلسطين المحتلة، ولدينا قائمة كاملة من الأهداف في فلسطين المحتلة، بما فيها المفاعلات النووية ومراكز الأبحاث البيولوجية».
ونبّه الإسرائيلي إلى أن «يحسب حساب أي حرب على لبنان، وأن يتوقع أي شيء من المقاومة ولا يخطئ بالتقدير... الإسرائيلي يحسب ألف حساب لأي اعتداء على لبنان، لأن المقاومة تردّ عليه». وجزم بأن «الصهاينة لا يقدمون على حرب بدون ضوء أخضر أميركي».
وفي مقابلة مطوّلة وشاملة مع الزميل غسان بن جدو عبر قناة «الميادين»، مرّ نصر الله على مسألة الاختراق الإسرائيلي لشبكة الإنترنت في لبنان، واصفاً إياه بـ«الخطير جداً»، وأن «المقاومة ستجد حلاً للخروقات الإسرائيلية الجوية وغيرها، إذا لم تتحمل الدولة المسؤولية».
مستعد للقاء الحريري إذا
توصّل الحوار إلى ما يوجب لقاءنا
وقال نصر الله إنه «إذا دمّر الإسرائيلي بيوتنا، فمن حقنا أن نضرب أي هدف في فلسطين المحتلة»، وإذا «قمنا نحن بضرب هذه الأهداف (مستودعات الرؤوس النووية) فأين يصبح الكيان الإسرائيلي؟، مؤكّداً أنه «لا نقبل أن يقيم الإسرائيلي معادلة جديدة بأنه يضرب أهدافاً محددة والمقاومة لا تردّ أو تغض الطرف». وأضاف السيد نصر الله: «نحن نقول للعدو لا تعتدي، فعندما لا يعتدي ولا يشن حرباً، هذا يكون الهدف من موضوع الردع، ولا نقدم له ضمانات»، متابعاً: «الوقاحة أنه يحق لنتنياهو أن يملك سلاحاً نووياً، ونحن لا يحق لنا أن نستخدم سلاحاً رادعاً». وأسف لأن «بعض العرب يعملون لدى إسرائيل، لكن الأخيرة لا تعمل عند أحد، والإسرائيلي يعرف رغبات بعض الأنظمة العربية من المقاومة، ولكن ذلك لا يشكل له دافعاً في قرار الحرب، فمصلحته فقط هي التي تأخذه إلى الحرب». وأضاف: «نحن لسنا معنيين بأن نتبلغ رسائل من العدو، ولا حتى بطريقة غير مباشرة، ولسنا في موقع تبادل رسائل مع العدو، وإن كان يحاول إيصالها، لكننا لسنا معنيين بالإجابة»، مشدداً على أنه «لا نقدم ضمانات أمنية للعدو، لكن نقول له ألّا يعتدي».
وعن وصف بعض العرب حزب الله بـ«الإرهاب»، ردّ بالقول إن «وصف العرب للمقاومة بالإرهاب يشكل غطاءً للإسرائيلي، وفي حرب تموز كان هناك غطاء عربي، لكن غير مباشر». وأضاف أن «السعودي هو من يريدنا على لائحة الإرهاب، والدول العربية لا مشكلة لديها، ومن يعتبرنا إرهابيين هم آل سعود وليس السعودية»، لافتاً إلى أن «حزب الله له مكانة كبيرة في العالمين العربي والإسلامي، وعندما يصبح حزب الله يتحدث بالصوت العالي يلقى صدى في كل العالم العربي».
وأشار السيد نصر الله إلى أن «توصيف روسيا وإيران وسوريا وحزب الله بالمحور ليس دقيقاً»، وأن «محور المقاومة لم يقل ذلك، وكذلك روسيا لم تقل ذلك، فهي لديها مشاريعها ومصالحها وتطلعاتها، ونحن لا نصنف روسيا كجزء من محور المقاومة، ولا هي توصّف ذلك». مضيفاً أن «محور المقاومة والممانعة لإسرائيل موجودة فيه المقاومة في لبنان والمقاومة في فلسطين وسوريا والعراق والجمهورية الإسلامية في إيران ومعنا الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم».
وجدد نصر الله التأكيد أن روسيا وإيران والقيادة السورية يريدون حلاً سياسياً في سوريا منذ البدايات»، إلّا أن «الأميركيين الآن لأنهم فشلوا يريدون حلاً سياسياً يحقق أهدافهم وأهداف حلفائهم وليس مصلحة الشعب السوري». وجزم الأمين العام لحزب الله بأن «الذي يعطّل أي تقدم في الحل السياسي في سوريا هي السعودية بالدرجة الأولى وتركيا بالدرجة الثانية، وخسائر تركيا في سوريا أكبر من خسائر النظام السعودي»، لافتاً إلى أنه «لعل السعودي ينتظر إدارة أميركية جديدة، وأنا لا أتوقع نجاح الحل السياسي حالياً».
وشرح مسألة الانسحاب الروسي من سوريا، لافتاً إلى أنه «انسحاب جزئي وشبه كبير»، لكنه أشار إلى أن «ما يحتاجه الميدان في سوريا من قوة جوية روسية وإمكانات روسية لا يزال موجوداً في سوريا، وقد قال الرئيس (فلاديمير) بوتين إنه في حال الحاجة سيتم إرسال قوات»، مضيفاً أنه «نحن أخذنا علماً بانسحاب القوات الروسية قبل إعلان القرار».
ولفت الأمين العام لحزب الله إلى أن «القوة الروسية دخلت لتحقيق معادلة في المناطق ووضعت مهلة 6 أشهر واعتبرت أنها خلال هذه الفترة يمكنها ضرب أهداف كثيرة، وهذه المهمات أُنجزت بأكثرها»، مشيراً إلى أن «دخول روسيا إلى سوريا حصل بعد نقاش على مدى أشهر، حيث كانت هناك نقاشات رفيعة جداً أوصلت إلى هذا القرار على مستوى الرئيس بوتين والرئيس (بشار) الأسد والسيد (علي) الخامنئي والرئيس (حسن) روحاني والدولة العراقية»، موضحاً أن حزب الله «لا يدخل مع روسيا في نقاشات عسكرية وأمنية، ودورنا في سوريا مساعد». وأشار نصر الله منوهاً إلى أن «هناك غرفة في بغداد مشكلة من روسيا وسوريا وإيران والعراق، وحزب الله ليس دولة ليكون ممثلاً فيها»، مضيفاً أن «حزب الله طرف في التشاور، ويؤخذ رأينا، والتشاور معنا إيراني ــ سوري».
وتابع: «الآن الجوّ بين تركيا وروسيا لا يزال سلبياً، لكن لم يعد يشكل تهديداً، والأتراك ملتزمون عدم خرق السيادة حالياً، وقد تمت معالجة الوضع، وبالتالي لم يعد هناك حاجة للقوات الروسية الإضافية التي دخلت سوريا» بعد التوتر الروسي ــ التركي.
مستمرون بدعم عون، والقوات تحاول إحداث شرخ بيننا وبين التيار
ولفت إلى ما سمّاه «مشروعاً سعودياً في المنطقة ولبنان، لتحكيم فريق تصبح له السلطة الكاملة وإقصاء آخرين وإنهاء حالة المقاومة في لبنان»، مؤكداً أن «هناك تقاطعاً سعودياً إسرائيلياً في هذا الموضوع». وأشار إلى أن «النظام السعودي ليس لديه مشكلة أن تسقط الحكومة في لبنان ويتقاتل اللبنانيون، لأن حزب الله يرفض مواقفه». وأكد أن «النظام السعودي عمل لكي لا تصل السداسية الدولية إلى الاتفاق النووي مع إيران»، مؤكداً أن «النظام السعودي سيعمل في كل المحافل لكي لا ينجح الاتفاق النووي مع إيران».
وأكد نصر الله أن «مشروع السعودية في اليمن وفي البحرين فشل، والشعب البحريني استمر بمطالبته بالإصلاح بشكل سلمي»، نافياً «كل ما يقال عن أن حزب الله سلّح أحداً في البحرين».
وبينما دعا «إلى كل أشكال الحوار على امتداد العالم الإسلامي»، أكد نصر الله أن «السعودية لا تريد حواراً مع إيران، على عكس ما تريده الجمهورية الإسلامية»، وأضاف أن «النظام السعودي لا يريد حواراً مع إيران ولا مع سوريا ولا مع حزب الله»، مؤكّداً أن «تحالفاتنا كانت دائماً تحالفات سياسية وليست على أساس ديني».
أمّا في لبنان، فكرّر نصر الله أنه «ملتزمون ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة، وفعلنا كل ما يجب فعله لكي يصل إلى الرئاسة، والوزير سليمان فرنجية مؤهّل لرئاسة الجمهورية في لبنان، ونحن نثق به وهو حليفنا وصديقنا».
وفي ما يتعلق بالحوار، أكد أن «الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل مستمر، وأنه منذ عودة الرئيس (سعد) الحريري إلى لبنان، شنّ هجوماً عنيفاً على حزب الله، ولم يتوان إعلام تياره ومسؤوليه عن مهاجمتنا»، مشدداً على أنّ «من يريد الجلوس مع الآخر لا يستمر في مهاجمته، وإذا تقدّم الحوار ووصل إلى مكان معيّن يحتاج استكماله إلى لقاء بيني وبين الرئيس الحريري فلا مشكلة». واتهم نصر الله حزب القوات اللبنانية بمحاولة «إحداث شرخ بين حزب الله والتيار الوطني الحر»، مؤكّداً أن «الأمور ليست ناضجة للحوار بين حزب الله والقوات». من جهة أخرى، كشف الأمين العام أنه التقى الرئيس الإيراني حسن روحاني بعد انتخاب الأخير.