نُسب الى الرئيس نبيه بري انه على حزب الله ان يستفيد من فرصة وجود مرشحين حليفين له للرئاسة الاولى، قبل ان يبدأ الحوار السعودي-الايراني الذي قد يفرض عليه تنازلات رئاسية هو اليوم متحرر منها. لكن برّي حرص على التأكيد انه من مؤيدي النائب سليمان فرنجية ووجه على طريقته رسائل مناكفة باتجاه العماد ميشال عون.
حزب الله لم يسارع الى تلبية نصيحة حليفه المقيم في عين التينة، ولم تظهر عليه اعراض الارتباك، واظهر كعادته انه منهمك في الشأن السوري، وفي التخفيف من اعراض الانسحاب الروسي الجزئي في لحظة بدء التفاوض بين النظام السوري والمعارضة. وحرص بوسائل اعلانية واعلامية على التأكيد ان انسحاب الروس لا يغير في واقع قتاله داخل سورية الى جانب النظام السوري. لكن في هذا الوقت سرت مقولة على ألسنة اكثر من سياسي واعلامي، ان القيادي السياسي والامني في حزب الله وفيق صفا أبلغ الى رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل استحالة ان يؤمن الجنرال ميشال عون فرص وصوله الى سدة الرئاسة. علما ان هذه الحقيقة ليست جديدة، وهي قديمة قدَم طموح الجنرال للوصول الى الرئاسة. لكن الجديد ان يقولها حزب الله وبهذه الطريقة، علما انه لم يجر نفي هذه الرسالة حتى الآن لا من حزب الله ولا من باسيل.
ليس من قبيل المبالغة، ولا المزاودة او التقليل من شأن الرئيس بري، القول ان النظرية التي تبناها حزب الله لتأييد العماد ميشال عون، الى جانب الوفاء للجنرال ميشال عون، انه الاكثر تمثيلا في الساحة المسيحية. هي نظرية يريد حزب الله المحافظة عليها لحماية حق الفيتو المذهبي او الطائفي وترسيخه ان لم يكن بالدستور فبالعرف. ومع تأييد القوات اللبنانية لترشيح عون، اصبح التمثيل المسيحي وقوته ثابتة غير قابلة للنقاش في شخص الجنرال. وايضا لأن الرئيس نبيه بري، كما حزب الله، يعتبران منصب رئاسة المجلس النيابي ليست متاحة لأي نائب شيعي، بل هي حكر للاكثرية النيابية الشيعية ولو اصطف كل النواب غير الشيعة حول مرشح من خارج هذه الاكثرية.
مقتضى هذا التفسير لموقع رئاسة المجلس النيابي، وشروط اختياره، ان يطبقه اصحابه على موقع رئاسة الجمهورية. ويتذكر اللبنانيون كيف هاج نواب حركة امل وحزب الله حين لاح احتمال السير بدعم ترشيح احد النواب الشيعة، عقاب صقر في 2009، من خارج الثنائية الشيعية لرئاسة المجلس.
في رأي الدكتور سمير جعجع ان حزب الله لا يريد انتخاب رئيس للجمهورية، وهو قول يستند الى وقائع وتحليل واستنتاجات، ذلك ان انخراط حزب الله في الأزمة السورية ضمن سياق رسم معادلات المنطقة، كما كان اكد زعيمه السيد حسن نصر الله، لا يجعله مستعجلا لاستكمال عقد المؤسسات الدستورية قبل اتضاح صورة الاقليم. فضلا عن ان ايّ رئيس جمهورية، ولو كان من فريق حزب الله، معني بالقيام بدوره على صعيد حماية الدولة واحترام العلاقات بين الدول.
من هنا فإن عدم وجود رئيس للجمهورية هو عنصر مساعد لمزيد من انخراط حزب الله في القتال من المحيط الى الخليج.
يعتقد الكثير من المراقبين ان قرار الرئاسة هو بيد حزب الله، بمعنى ان لدى حزب الله من القدرة والكفاءة والبراعة التي تؤهله ليس لتليين موقف الرئيس نبيه بري من مرشحه، لكن يستطيع ان يقنع بوسائل سلمية ودبلوماسية الرئيس سعد الحريري بتأييد الجنرال فضلا عن النائب جنبلاط. بل يستطيع، انطلاقا من كون السيد حسن هو سيد الكل كما قال النائب فرنجية، وكونه قائد معركة الدفاع عن نظام الممانعة والمقاومة في سورية، فأقل هدية يمكن ان يقدمها النائب فرنجية هي السير في ركاب ترشيح الجنرال عون. بالتأكيد السيد نصرالله يتحين الفرصة المناسبة اقليميا للافراج عن الرئاسة وتقديمها هدية للجنرال ميشال عون. لكن اطال الله بعمر الجميع وأرانا وإياكم هذا اليوم المبارك.