بين مطلع الأسبوع وعطلتي الجمعة العظيمة والفصح المجيد لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي، برنامج حكومي - نيابي - دبلوماسي - رئاسي حافل.
ومن المؤكد أن نجاح الحكومة في وضع القرارات المتعلقة برفع النفايات من الشوارع إلى المطامر، أعطى دفعاً للحكومة للإقدام على معالجة ما تبقى من ملفات خلافية وصدامية، على إيقاع استبعاد تقدّم الاتصالات باتجاه التوافق على توفير النصاب وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وتكوّن هذا الانطباع، قبل أقل من 48 ساعة من موعد الجلسة 37 بعد غد الأربعاء المحددة لانتخاب الرئيس، وبعد أن تكون منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فدريكا موغريني قد جالت على المسؤولين اليوم، واستمعت إليهم في معرض الأسئلة التي ستطرحها، والمتعلقة بالاستقرار والنازحين السوريين، والأجواء المحيطة بجلسة انتخاب الرئيس، على أن تبلغ المسؤولين رسالة الاتحاد الأوروبي لجهة الإعراب عن ارتياحها لاستضافة أكثر من مليون و300 ألف نازح سوري، ولإطلاع لبنان على المراحل التي قطعتها تعهدات المساعدة، سواء في مؤتمري جنيف ولندن.
وستشدّد موغريني، وفق مصادر دبلوماسية، على أهمية انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن لتدعيم الاستقرار القائم في لبنان والحاجات المطلوبة لتعزيز قدرات القوى العسكرية والأمنية، في ضوء نجاحات الأجهزة الأمنية في توقيف وتفكيك عشرات الخلايا المرتبطة بمنظمات «إرهابية» وجماعات مسلّحة.
وستستهل الموفدة الأوروبية لقاءاتها مع وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، على أن تلتقي لاحقاً كلاً من الرئيسين نبيه برّي وتمام سلام.
وأشارت هذه المصادر إلى أهمية زيارة موغريني التي تأتي قبل ثلاثة أيام من وصول الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يرافقه رئيسا البنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية في زيارة غير مسبوقة ستحتل الأزمة السورية حيّزاً منها بأبعادها السياسية ولجهة النازحين والمساعدات الممكنة للبنان، لتمكينه من الاستمرار في استضافة هؤلاء النازحين، وسط خشية من تحميله أعباء إضافية بعد الاتفاق الأوروبي - التركي في ما خص النازحين السوريين الذين يتدفقون إلى شرق أوروبا.
وستحتل مسألة الرئاسة حيّزاً من محادثات بان في ضوء القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي بوجوب الإسراع في ملء الفراغ في الرئاسة الأولى.
3 ملفات ساخنة
والإنشغال بحركة الموفدين الدوليين لم يحجب الاهتمام بثلاث قضايا تضج بها الساحة الداخلية:
1- الخلاف الناشئ بين وزيري الصحة وائل أبو فاعور والإقتصاد آلان حكيم حول القمح المسرطن في ضوء نتائج الفحوص المخبرية لعيّنات من القمح قامت بها وزارتا الصحة والاقتصاد وكانت النتائج متباينة، الأمر الذي انعكس سجالاً في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، واتفق بنتيجتها على سحب الموضوع من الجلسة وعقد اجتماع في السراي اليوم بين الرئيس سلام والوزيرين أبو فاعور وحكيم، لتوحيد المعالجة، انطلاقاً من حرص الوزيرين والحكومة على إزالة المخاطر من القمح المسرطن واستبعاده من السوق، وتفعيل الرقابة والفحوصات المخبرية الدورية.
وعشية الاجتماع الذي قد لا يُعقد أكد الوزير أبو فاعور أنه ليس في وارد إفتعال مشكلات مع وزير الاقتصاد وأن ما يهمّه هو أن تكون فحوصات الملح والسكر والبهارات والقمح سليمة وتتطابق مع مواصفات الغذاء العالمي، مؤكداً أن صفقات من القمح المسرطن دخلت إلى لبنان وجرى بيعها في الأسواق اللبنانية، وأنه سيرفع ملفاً بذلك إلى النيابة العامة التمييزية، داعياً لإعادة النظر بوضع إهراءات القمح في مرفأ بيروت، مقترحاً آلية عمل مشتركة بين وزارات الصحة والاقتصاد والزراعة.
2- ملف الإنترنيت غير الشرعي، حيث ستدرس لجنة الاتصالات النيابية هذا الملف في ضوء دعوات القضاء لوضع يده عليه، بعدما تبيّن أن هناك شركات وهمية غير لبنانية بعضها على صلة مع إسرائيل تشغّل شبكات الإنترنيت في الزعرور.
وأوضح أمين سر لجنة الاتصالات النائب عمّار حوري لـ«اللواء» أن اللجنة ستستمع اليوم إلى وزراء الداخلية والدفاع والاتصالات والمال إلى ما لديهم من معطيات ومعلومات عن الفضيحة لتبني على الشيء مقتضاه، مؤكداً أن اللجنة ستذهب في الموضوع إلى النهاية دون أي تهاون.
تجدر الإشارة إلى أنه تمّ وقف الإنترنيت غير الشرعي عن مجلس النواب ووزارة الدفاع ورئاسة الجمهورية، فيما تستمر التحقيقات التي تقوم بها النيابتان المالية والتمييزية وعلى أساسها تتم المداهمات.
3- جهاز أمن الدولة، في ضوء نتائج زيارة الرئيس سلام إلى عين التينة السبت، حيث جرى بحث هذا الموضوع مع الرئيس برّي.
واستبعدت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن يؤدي هذا الملف إلى تفجير الحكومة، مشيرة إلى أنه سيكون على جدول أعمال أول جلسة للحكومة بعد عيد الفصح.
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«اللواء» أن لا توجّه نحو الاستقالة، لكن العرقلة غير مقبولة، في حين أكد وزير الأشغال والنقل غازي زعيتر أن محاولات البعض إثارة الفوضى لن يُكتب لها النجاح، وأن الرئيس سلام مدرك تماماً لمسؤولياته، رافضاً كلام البعض عن «ذمّية سياسية» في معرض الكلام عن ما يمكن أن يسمّى عن حقوق مسيحية مهضومة.
الرئاسة والنصاب
سياسياً، أحدثت المواقف التي نقلت عن لسان الرئيس برّي ونقلتها «اللــواء» اهتماماً سياسياً ودبلوماسياً، فسارع «التيار  الوطني الحر» عبر محطة OTV للرد على الزوار بزوار النائب ميشال  عون، وجاء الرد العوني في النشرة المسائية يوم السبت: «اننا نطمئن الرئيس برّي ان لا حاجة للسلاح ما دمنا نحن هنا».
واعتبرت مصادر سياسية مطلعة ان كلام برّي ما كان يعلن امام زواره لو لم يلمس لمس اليد  المصاعب التي تثيرها المواقف العونية على المستويات كافة، الأمر الذي يهدد عمل المؤسسات، وفي مقدمها المجلس النيابي، إذ كيف يمكن وضع قانون جديد للانتخابات أو انتخاب رئيس إذا اعتبرنا هذا المجلس غير قائم وغير شرعي.
في هذه الاثناء، يُحدّد الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله مساء اليوم عبر قناة «الميادين» مجموعة من المواقف المتعلقة بالوضع الإقليمي وارتداداته اللبنانية لجهة احتمالات حرب إسرائيلية جديدة على لبنان، في ضوء ما تردّد بعد الانسحاب الروسي من سوريا، مع الرد الذي يمكن أن يقوم به الحزب اذا ما حصل اي اعتداء جديد على لبنان.
وفي ما خص الأزمة السورية سيتطرق نصرالله إلى الانسحاب الروسي وما تردّد عن انسحاب حزب الله من سوريا، وما يمكن أن يسفر عنه مؤتمر جنيف، وسيقدم السيّد نصرالله رؤية الحزب وموقفه من فتنة سنية - شيعية، كما سيجيب على أسئلة تتناول الأزمات اللبنانية والملفات العالقة، بما في ذلك الرئاسة الأولى، بالإضافة إلى وضع الحزب على لائحة الإرهاب والعلاقة مع المملكة العربية السعودية والوضع في اليمن والعلاقات السعودية - الإيرانية.
وعلمت «اللواء» أن «حزب الله» بدأ انسحاباً تدريجياً من سوريا، آخذاً بعين الاعتبار المخاطر الجدية من عدوان إسرائيلي يُعيد خلط الأوراق، ويضعف دور الحزب في لبنان أو خارجه.
وأعرب مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» عن اعتقاده بأن النصاب قد لا يكتمل في جلسة انتخاب الرئيس الأربعاء، لكنه أشار إلى اننا لم نعد بعيدين عن هذا النصاب، إذا لم يكن في الجلسة المقبلة، فربما في جلسة لاحقة.
وكشف أن الجهد سيبقى يتركز على تأمين أوسع حشد نيابي للجلسة، وربما يفوق عدد الحضور في هذه الجلسة، عدد النواب الذين حضروا الجلسة الأخيرة والذي بلغ 72 نائباً.
سلام
في هذا الوقت، كان الرئيس سلام يعترف امام زواره أن خطأ ما حصل أو تقصير أديا إلى حصول تشنج في العلاقات بين لبنان وأشقائه الخليجيين وفي مقدمهم المملكة العربية السعودية، متمنياً أن تسفر الاتصالات الجارية دولياً واقليمياً عن تذليل الهواجس والعقبات، مجدداً رهانه على الأخوة العرب، لا سيما السعودية، الذين وقفوا مع لبنان في اصعب الظروف، فمنع الطائف انهياره عام 1989 وأدى اتفاق الدوحة في 2008 إلى إعادة بناء مؤسساته.
وقال سلام امام زواره: من الطبيعي أن تساعد زيارة الهيئة الاقتصادية إلى دول الخليج في عودة الأمور إلى مجاريها، متوقفاً عند الدور الذي تقوم به الجاليات اللبنانية في تلك الدول، مشدداً على أهمية تحصين لبنان في مواجهة العاصفة القائمة في المنطقة، رافضاً أن يكون الشغور الرئاسي قد أصبح واقعاً وحقيقة، مشيراً إلى ان الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء ستكون نهاية الشهر، وعلى جدول أعمالها بند جهاز أمن الدولة، معتبراً أن الانتخابات البلدية والاختيارية من شأنها أن تشيع أجواء أن الديمقراطية ما زالت قائمة في لبنان، داعياً الى العمل على منع انهيار الحكومة، وتوحيد جبهتنا ومواقفنا الداخلية، مشدداً في معرض الرد على سؤال حول زيارته لعين التينة السبت، ان الرئيس بري لم ولن يقصر في حماية الدولة ومؤسساتها، واصفاً دوره بالايجابي، والداعم لكل القضايا التي أثارها معه.
النفايات
وتوقف الرئيس سلام عند ما تمّ انجازه في ملف النفايات، معتبراً انه أقل من الواجب فعله، مشيراً إلى أن الأمور تسير في المسار الصحيح، من خلال الخطة المرحلية، حتى نستطيع الانطلاق فوراً نحو الخطة المستدامة.
وكانت الخطة الحكومية قد انطلقت بسلاسة السبت لرفع النفايات من الشوارع والأحياء إلى مطمر الناعمة الذي اعيد فتحه لمدة 60 يوماً، وتم رفع أكثر من ثمانية آلاف طن من النفايات خلال 24 ساعة، بحسب ما أعلن وزير البيئة محمّد المشنوق.
ولم تسجل اعتراضات أو اعتصامات كبيرة في وجه الخطة، باستثناء حرق شاحنة لسوكلين في دوحة عرمون، تمّ تطويقه بسرعة من قبل جهود قادها وزير الزراعة اكرم شهيب.
ومن المرجح أن تتسارع وتيرة العمل بالخطة خلال الأيام المقبلة، وخلال المدة المحددة بـ50 يوماً، وبعد أن تكون الأعمال التحضيرية لتجهيز مطمري «الكوستابرافا» وبرج حمود قد أنجزت.