لم يعد الرئيس نبيه برّي يخفي تفضيله وصول النائب سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، بديلاً من رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون. هي أكثر من «كيمياء مفقودة» تباعد بين عون وبري، فتخرج السجالات السياسية والإعلامية إلى العلن مرّات وتختفي مرات أخرى، بحكم «العباءة السياسية» التي تجمعهما.

ولعلّ الحديث عن خطاب تصعيدي لعون في ذكرى 14 آذار الأخيرة، والذي خرج به إلى العلن بنسخة «مخففة»، كان أحد أسبابه الوضوح الذي عبّر عنه الوزير علي حسن خليل قبل أيام عن دعم حركة أمل لفرنجية كمرشح لرئاسة الجمهورية، لينعكس ذلك سجالاً بين خليل والوزير جبران باسيل في مجلس الوزراء، والسجال بين قناتي «أو. تي. في.» و«أن. بي. أن» أول من أمس، فضلاً عن كلام عون في خطابه عن «لا شرعية» الأكثرية التي مدّدت لمجلس النواب، وردّ خليل بالقول إنه «لا يمكن أن نشكك بشرعية المجلس النيابي، حين لا يتناسب مع مصالحنا».
ولم يخفِ برّي أيضاً، ما يراه بدء «زمن التسويات» في المنطقة، عطفاً على تحوّلات الإقليم والانسحاب الجزئي الروسي من سوريا واحتمالات بدء حوار سعودي ــــ إيراني، ما يعني احتمالات الوصول إلى رئيس تسوية، لا رئيس من قوى 8 آذار. وبحسب مصادر سياسية «وسطية» وأخرى قريبة من رئيس المجلس، فإن «برّي تواصل قبل أيام مع حزب الله، شارحاً وجهة نظره لجهة ضرورة السير سريعاً بانتخاب فرنجية، قبل بدء الحوار السعودي ــ الإيراني، للفوز بمرشّح من 8 آذار، بدل إضاعة الفرصة، في ظلّ استحالة وصول عون إلى الرئاسة». وتقول المصادر إن «حزب الله لا يزال عند موقفه بدعم عون مرشّحاً وحيداً لرئاسة الجمهورية».


غياب الاعتراضات أسهم
بأن يكون مشهد ردم البحر في الكوستابرافا «سلساً»



من جهة ثانية (هديل فرفور)، بدأت قُرابة الرابعة عصر أمس، أعمال الجرف على شاطئ الكوستابرافا في الشويفات بمواكبة أمنية. لم يكن المشهد يعكس «استنفاراً أمنياً»، كما توحي توصية رئيس الحكومة تمام سلام لقادة الأجهزة الأمنية قبل أيام بـ«منع أي محاولة للإخلال بالنظام العام». غياب الاعتراضات أسهم بأن يكون مشهد ردم البحر «سلساً»، تماماً كما جرت العادة أن يكون عند أي عملية سطو على البحر. لم يعترض أحد من أهالي الشويفات طريق الجرافات، ولم يقفوا بوجه عناصر القوى الأمنية. ويقول رئيس بلدية الشويفات ملحم السوقي: «نحن لسنا مع التحرّكات العشوائية وقطع الطرقات، نحن مع الوسائل الحضارية وسنلجأ إلى القضاء والقانون»، علماً بأن السلطة لجأت إلى فرض الخطة خلافاً لإرادة البلدية ولإرادة أهالي الشويفات عموماً، وفق ما يقول السوقي.
وفيما كان المقرّر أن تعقد خلية «أزمة الشويفات» مؤتمراً صحافياً مساء أمس لتعلن خطواتها التصعيدية، يليه مؤتمر صحفي «منسَّق» في عرمون للتوصّل إلى «موقف مشترك رافض»، وفق ما قال عدد من الناشطين لـ«الأخبار»، تأجّل مؤتمر «الخليّة» إلى أجل لم يُسمَّ، وأُلغي مؤتمر «الرفض» في عرمون، ليحلّ مكانه مؤتمر مُشترك بين وزير الزراعة أكرم شهيّب و«فعاليات منطقة عرمون وقرى الشحار». «نسف» الحاضرون الموقف الرافض المُرتقب، وخلصوا إلى القبول بإعادة فتح مطمر الناعمة «لمدة ستين يوماً فقط». وقال المتحدّث «باسم رجال الدين وبقية المجتمع المدني في عرمون وجوارها» إنه «بناءً على وعد الزعيم وليد جنبلاط، تم التوافق على الخطة (...) وأي خلل في الوعود التي أُعطيت لنا سيكون لنا موقف مواجهة». من جهته، قال شهيب إن «الأهالي وافقوا بمحبّة إنما بشروط، إذ لن يكون هذا المطمر إلّا لـ 60 يوماً»، مُضيفاً: «وعدي لهم دين».
قبل مؤتمر شهيّب بوقت قصير، كانت «حملة إقفال مطمر الناعمة» تُذكّر بوعود، كان راعيها شهيّب نفسه، آلت إلى تمديد المطمر 17 سنة «تحمّلنا فيها 70% من نفايات لبنان»، وفق ما قال الناشط أجود عيّاش. وأضاف الأخير: «ذقنا طعم الهواء لمدة 8 أشهر، وها أنتم تعيدوننا إلى الوضع السابق (...) أهدونا معامل فرز وتدوير لا ملايين»، مُشيراً إلى أن «قرارنا: نستحقّ الحياة»، ولافتاً إلى أن القضية «مسألة كرامة». الجملة الأخيرة ردّدها شهيّب في المؤتمر، وذلك في معرض تشديده على «تضحية الأهالي»، وبالتالي «وعده بإقفال المطمر نهائياً بعد انتهاء مهلة الشهرين»، وقال شهيّب إن هناك «قيمة مالية مقدّرة بنحو 11 مليون دولار خُصّصت لمعالجة المطمر بعد الإهمال الذي لحقه على مرّ سنوات».
مصادر مقرّبة من سلام علّقت بـ«أن الخطة ماشية والباقي تفاصيل»، ومساءً أكّدت شركة «سوكلين» أن أعمال رفع النفايات ستبدأ عند السادسة من صباح اليوم.