العلاقة الأولى بين المسيحية والإسلام كانت عندما كان الإسلام محاصراً ومطارداً في مكة المكرمة عندما أوذي المؤمنون بالرسالة الجديدة فخرجوا من الوثنية و الشرك فأشار النبي صلى الله عليه وآله عليهم يومئذ ان يذهبوا للحبشة التي كانت تحكمها المسيحية فقال لهم اذهبوا إلى الحبشة فإن فيها ملكاً لا يظلم عنده الناس.
وذكر القرآن الكريم الرابط بين المسيحية والإسلام عنما اخبرهم "غلبت الروم في أدنى الأرض " الروم كانوا يحملون المسيحية هزموا يومئذٍ من الفرس الذين كانوا وثنيين فأخبرهم القرآن الكريم بأنهم سينتصرون بعد ذلك بقوله " ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله". هذا الايمان هو الذي جمع الرسالات هو الإيمان بالله سبحانه وتعالى .
ونحن في مشرقنا العربي لا نعتبر أنفسنا فريقين "نحن" و"هم" أو هم ونحن، نحن عائلة واحدة تحدرت من عائلة واحدة تنوع انتماء ابنائها الديني أو السياسي. فكلنا في هذا الشرق أمة واحدة وإن تعدد انتماء المنتسبين إليها دينيا أو سياسيا والهجرة المطروحة اليوم والتي نحاول أن نتصدى لها هي ليست في الحقيقة مقصورة على المسيحيين إنما هي عامة على المسيحيين والمسلمين وذلك منبثق من خلال أنظمة جعلت من خلال ممارساتها الوقوف على أبواب السفارات أملاً للخلاص و النجاة وكأن كثيراً من هؤلاء الحكام يريدون أن يحكموا بلاداً بلا شعب من خلال منطق الإستبداد ومن خلال الظلم والطغيان الذي يدفع لهذه الهجرة هي هذه الأنظمة الإستبدادية التي لا تنطلق من قواعد المواطنة والإنسانية التي تساوي بين جميع المواطنين وهذا ما ينبغي أن نسعى إليه من أجل أن نثبت أبناءنا وأهلنا وشعبنا في أوطانهم ومناطقهم ولذلك تأتي زيارة قداسة البابا في هذه الظروف لترسخ في أنفسنا هذا العيش المشترك الذي امتد قرونا وأجيالا وأسسه الآباء والأجداد في منطقتنا . هو آتٍ لأجل ان يرسخ هذه القيم التي عشنا عليها في وطننا لبنان وفي المنطقة العربية كلها.
ولذلك نحن نرحب أشد الترحيب بهذه الزيارة المباركة التي تصب في تعزيز القيم الدينية ومبادئ التسامح بين مختلف المكونات الدينية في منطقتنا العربية وهو يصب دائماً في تعزيز هذه الوحدة وهذه الإلفة التي أرادها الله سبحانه وتعالى بين خلقه ويذكرني بقول الشاعر القروي رشيد سليم الخوري رحمه الله الذي يقول: يا قوم هذا مسيحي يذكركم .... لا يُنهض الشرق إلا حبنا الأخوي ويذكرني بكلام آخر قاله: أكرِّمُ هذا العيدَ تكريمَ شاعرٍ ... يتيه بآيات النبي المُعظمِ ولكنني أصبو إلى عيد أمةٍ ... محررة الأعناق من رق أعجمي إلى علمٍ من نسج عيسى وأحمدٍ ... وآمنةٌ في ظلّه أخت مريمِ
العلامة السيد علي الأمين