تحدّى زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر، رفض الحكومة العراقية منح ترخيص اعتصام أمام المنطقة الخضراء المحصّنة ببغداد، كان دعا إليه رجل الدين الشيعي، معلنا في بيان لمكتبه أن قراره بالاعتصام لا يزال قائما ولا مبرر للتراجع عنه.
وتحوّل “الصعود الصاروخي” للصدر نحو واجهة الأحداث في العراق من خلال قيادته تظاهرات حاشدة في بغداد وعدد من مدن جنوب البلاد، للمطالبة بالإصلاح، إلى ظاهرة ملتبسة تحتمل القراءة في اتجاهين.
فقد أصبح من جهة أولى عامل ضغط كبير على حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي الممزق بين رغبته في إحداث تغييرات تبدو ضرورية لإنقاذ الدولة العراقية من مخاطر الانهيار بفعل شيوع الفساد وتعقيدات الوضع الاقتصادي والأمني، وبين ممانعة الأحزاب الدينية التي تخشى أن يفضي الإصلاح إلى نزع زمام السلطة من يدها.
ومن جهة مقابلة بات الصدر أفضل ضمانة لحماية حكم تلك الأحزاب من غضب الجماهير التي فقدت الثقة بها، حيث تمكّن بما له من جماهيرية من اختطاف الحراك الاحتجاجي المدني والتحكم به ومنعه من بلوغ نقطة المطالبة بإسقاط النظام وتغييره بشكل جذري.
وقال الصدر في بيان أصدره الأربعاء “سلام على المدنيين والإسلاميين الذين تكاتفوا من أجل إنقاذ الوطن من مخالب الوحش الكاسر، أعني الفساد والمفسدين، وأسأل الله أن يثبتكم على ما فيه الإصلاح والاتحاد ونبذ الطائفية”.
وأشار إلى أن “وجود المدنيين مع الإسلاميين في الاحتجاجات ضد الظلم والفساد يضفي روعة وتماسكا واتحادا تحت شعار حب الوطن، فكلنا تيار الوطن وعشاقه”.
وخاطب الصدر أنصاره “اتركوا الاختلاف الفكري وتجمعوا على نقاط الوحدة، فاحتجاجاتنا وطنية عراقية لا شرقية ولا غربية يكاد صوتها يعلو على كل فاسد وظالم”.
وجاء بيان الصدر ساعات قليلة بعد تأكيد حيدر العبادي رئيس الوزراء في بيان صادر عن مكتبه، على عدم سماح القانون بإقامة الاعتصامات دون تراخيص، في إشارة ضمنية إلى الاعتصام المفتوح الذي دعا إليه زعيم التيار الصدري ابتداء من الجمعة على مداخل المنطقة الخضراء ببغداد.
ومن جهته، قال جمعة ديوان عضو كتلة الأحرار البرلمانية التابعة للتيار الصدري، إن الاعتصام الذي دعا إليه الصدر قائم ولا وجود لمبررات لمنعه من قبل الحكومة، مشيرا إلى أن الاحتجاجات تأتي لـ”دعم إجراء تغيير جوهري”.
وأضاف لوكالة الأناضول، إن “القوات الأمنية قادرة على حماية المتظاهرين كما تولت عملية حمايتهم طيلة الأسابيع الماضية، ونحن لسنا مع أي مظاهر مسلحة خارج إطار الدولة، حتى وإن كانت سرايا السلام، فنحن مع إقامة اعتصام من دون أي مظاهر مسلحة”.
وأوضح عضو كتلة الأحرار أن “الاعتصام الذي دعا إليه الصدر يهدف إلى دعم العبادي للضغط على بعض الكتل السياسية التي ترفض إجراء التغيير الشامل”، مؤكدا على أن “الاعتصامات ستكون سلمية”.
ودعا زعيم التيار الصدري السبت الماضي مؤيديه إلى البدء باعتصام مفتوح الجمعة أمام مداخل المنطقة الخضراء وسط بغداد ونصب الخيام حتى انتهاء المهلة التي حددها لرئيس الحكومة حيدر العبادي لتشكيل حكومة “تكنوقراط”. وهدد في بيان سابق له باقتحام المنطقة الخضراء في حالة أخفق العبادي في تشكيل حكومة تكنوقراط خلال مدة 45 يوما ابتدأت من الـ12 من فبراير الماضي.