مئات الاسئلة طرحت مع الانسحاب الجزئي الروسي من سوريا، مع الابقاء على قاعدتي حميميم وطرطوس البحرية. ذهب المناوئون لسوريا في «سكرة» القرار والتهليل والتطبيل له، وبدأوا يطلقون مواعيد جديدة لسقوط النظام ورحيل الرئيس الاسد كما فعلوا وهللوا عند بدء الازمة السورية. وها هي تمر السنة الخامسة على بدء الاحداث السورية، والنظام السوري صامد ويدير الدولة السورية بكل مؤسساتها وعلى امتداد المحافظات السورية. حتى الموظف الحكومي في الرقة والحسكة ودير الزور ما زال يتقاضى راتبه الشهري من الدولة السورية. وهذا الصمود للجيش ولمؤسسات الدولة كان محط اعجاب اعداء سوريا قبل اصدقائها، وكل هذه الادارة الصحيحة كانت تتم باشراف الرئيس بشار الاسد.
سوريا ستبقى موحدة، ولن تقسم، والفيدرالية لا يمكن ان تنجح والجيش السوري قادر على اسقاطها، وحتى الانجازات الكردية التي تحققت مؤخراً في عفرين ما كانت لتحصل لولا الضربات القوية للجيش السوري وحلفائه بغطاء من الطيران الروسي الذي سيستمر في قصف الارهابيين.
فالجيش السوري وحلفاؤه حرروا 95% من اللاذقية وريفها، وجسر الشغور في محافظة ادلب بات تحت مرمى نيران الجيش السوري. وفي حلب الانجازات واضحة والجيش السوري وحلفاؤه على تخوم الحدود التركية، وفتحوا طريق حلب - دمشق. اما في حمص، فان الجيش السوري وحلفاؤه باتوا على مشارف تدمر واصبحت المدينة ساقطة عسكرياً. وقام الطيران الروسي بقصف مواقع «داعش» على التلال المحيطة بالمدينة تمهيداً لتقدم الجيش السوري وحزب الله، فيما معظم مداخل «القريتين» باتت بيد الجيش السوري وحلفائه، وهذا ما سيؤدي الى حماية الحدود اللبنانية وتعزيز الاستقرارخصوصاً ان هدف «داعش» بات واضحاً بالتقدم من القريتين في ريف حمص وصولاً الى صدد ومنها الى الحدود اللبنانية. وسيشكل سقوط القريتين في يد الجيش السوري ارتياحاً للمسؤولين العسكريين اللبنانيين الذين عبروا عن قلقهم لمسؤولين اميركيين من سيطرة «داعش» على القريتين والتقدم الى الحدود اللبنانية. وفهم المسؤولون الاميركيون الهواجس اللبنانية.
وفي المقابل، فان الوضع العسكري في «درعا» لمصلحة الجيش السوري. وهناك مئات المسلحين سلموا انفسهم للدولة وقاموا بتسوية اوضاعهم، وتحديداً في«الرستن» وريف درعا. اما الاوضاع في ريف دمشق فبانت لمصلحة الجيش السوري، حيث عاد الاستقرار الى دمشق وعاد آلاف النازحين الى مدينتي دمشق وحلب..
فالانسحاب الروسي لن يبدل في موازين القوى العسكرية على الارض، والجيش السوري يتحكم بالامور، علما ان روسيا زودت الجيش السوري بأحدث المعدات الحربية المتطورة. وقامت بعملية تحديث الطيران السوري حيث يقوم المستشارون الروس بتدريبات يومية مع الطيارين السوريين. وكذلك تدريب الجيش السوري على الاسلحة الروسية، فيما عمل المستشارين الايرانيين يتم على امتداد الارض السورية، وبالتالي الخطوة الروسية لن تحدث اي تغيير.
هذا على الصعيد العسكري. اما على الصعيد السياسي فان وفد الحكومة السورية لن يقدم اي تنازل، ولن يجلس مع المعارضين قبل اعتذار رئيس المفاوضين التابع للمعارضة عن كلامه على الرئيس الاسد. حتى ان رئيس الوفد السوري الدكتور بشار الجعفري قال لدي ميستورا: لن نجلس مع محمد علوش قبل ان يحلق لحيته، كما ان موضوع الرئيس السوري خط احمر.
وفي المقابل، جدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التأكيد على دعم سوريا وعلى ان الانسحاب الروسي لن يضعف الرئيس الاسد، والشعب السوري يقرر من هو رئيسه ومن يحكم سوريا. ونفى الاتهامات عن ضغط روسي على الدكتور بشار الاسد،و ونفى ايضاً ان يكون الرئيس الروسي بوتين بحث مستقبل الرئيس الاسد مع الرئيس الاميركي اوباما.

نصف القوة الجوية تغادر سوريا

على صعيد آخر، أظهرت حسابات رويترز استنادا إلى لقطات محطات تلفزيون رسمية أن أقل قليلا من نصف القوة الجوية الروسية من القاذفات والمقاتلات في سوريا غادرت البلاد خلال اليومين الماضيين.
وأظهر تحليل لصور التقطتها الأقمار الصناعية ولقطات للضربات الجوية الروسية وبيانات وزارة الخارجية الروسية في وقت سابق أن روسيا احتفظت بنحو 36 مقاتلة في قاعدة حميميم الجوية التابعة لها في محافظة اللاذقية السورية.
وأظهر تحليل لقطات بثتها محطات تلفزيون رسمية أن 15 على الأقل من هذه الطائرات ومن بينها مقاتلات طراز سوخوي-24 وسوخوي-25 وسوخوي-30 وسوخوي-34 أقلعت متجهة إلى روسيا في اليومين الماضيين.
ولم يتسن لرويترز التحقق من تحركات الطائرات من مصدر مستقل. ومن المستحيل تحديد ما إذا كانت طائرات أخرى تتجه الى سوريا لتحل محل الطائرات المغادرة.
ومن المعروف أيضا أن موسكو لديها نحو 14 طائرة هليكوبتر عسكرية على الأقل فضلا عن طائرات استطلاع بدون طيار في قاعدة حميميم. وفي حال سحبها سيتم شحن طائرات الهليكوبتر بحرا أو جوا.

المخطط الكردي

على صعيد آخر، بدأت هذه الايام تنكشف المخططات الهادفة الى تفتيت الدولة السورية المركزية عبر اعلان المكونات الكردية عن استعدادهم لقيام نظام فيدرالي في المناطق التي يسيطرون عليها شمال سوريا وعلى طول 400 كلم ابتداء من الحدود العراقية وصولا الى الحسكة والقامشلي حتى اجزاء من حلب امتداداً الى عين العرب «كوباني» الى عفرين على الحدود التركية، وهذه المناطق كانت تعمل تركيا على تحويلها الى منطقة عازلة وفرض حظر طيران جوي فوقها. علماً أن العرب يشكلون 25% في هذه المناطق الكردية بالاضافة الى التركمان والاشوريين والسريان والارمن.
في حين يعترض هذا الاعلان وجود «داعش بين جرابليس واعزاز. وهذا ما يفرض طرد داعش من المنطقة وربما ادى الى تدخل تركي لمنع قيام ما يصبوه اليه الاكراد.
وتشير معلومات مؤكدة الى ان مسؤولين روس فاتحوا منذ فترة مسؤولين سوريين بارزين عن سبب معارضتهم لاعطاء حكم ذاتي للاكراد وان المسؤولين السوريين جددوا رفضهم للامر، واكدوا على وحدة الاراضي السورية وقالوا للمسؤولين الروس اذا اعلن الاكراد حكماً ذاتياً فان الدبابات التركية ستدخل الاراضي السورية فوراً وستفتح حرب جديدة لان الاتراك يتبرون هذا الامر مساً بأمنهم الداخلي، كما ان المعارضة السورية في جنيف اعلنت رفضها للتوجه الكردي فيما اكد وزير الخارجية الايراني أن اي تقسيم لسوريا يعني بداية معركة «آخر الزمان».
علماً ان عدد الاكراد في سوريا يقدر بثلاثة ملايين ويسيطرون على العديد من منابع النفط وفيها اراض صالحة لزراعة القمح وكميات كبيرة من المياه الجوية وينتشرون على مساحة تقدر بـ30 الف كلم.
وامس بدأ في بلدة رميلان بريف الحسكة الاجتماع التأسيسي لنظام الإدارة في شمال سوريا، بمشاركة قرابة 200 مندوب يمثلون الأكراد والعرب والتركمان والآشوريين والسريان والأرمن، سكان مناطق القامشلي وكوباني وعفرين، التي أعلن فيها الأكراد، في 12 تشرين الثاني 2015، عن قيام نظام حكم ذاتي.
وعقد الاجتماع الذي من المتوقع أن يعلن المشاركون فيه عن قيام نظام فدرالي، تحت شعار «سوريا الاتحادية الديموقراطية ضمان للعيش المشترك وأخوة الشعوب».
وفي هذا السياق، قال مارك تونر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن واشنطن لا تنوي الاعتراف بمناطق كردية يعلن فيها «حكم شبه ذاتي». وجدد تمسك الحكومة الأميركية بوحدة أراضي سوريا.


واعتبر أنه يجب بحث وضع أكراد سوريا في سياق عملية الانتقال السياسي المرجوة في سوريا.
من جانبه، رفض مكتب المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا التعليق على احتمال قيام نظام فدرالي لأكراد سوريا، وأكد على لسان المتحدث، عز الدين رمزي، أنه ينبغي على السوريين أنفسهم أن يحددوا نظام الحكم المستقبلي لبلادهم.
وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الخارجية التركية أن إعلان الأكراد عن قيام نظام فدرالي في الأراضي الخاضعة لسيطرتهم، سيعد خطوة غير قانونية.
وأكد متحدث باسم الخارجية التركية، أن أنقرة تدعم وحدة أراضي سوريا، مضيفا أن الشعب السوري يجب أن يقرر طريقة تشكيل الحكومة والإدارات المحلية في بلاده، اعتمادا على دستور جديد يتم تبنيه في سياق عملية الانتقال السياسي.

 

ظريف: بداية معركة «آخر الزمان»

وحذر وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، خلال كلمة له بالجامعة الوطنية الاسترالية في كانبيرا بأستراليا، من أن تغيير حدود الشرق الأوسط قد يكون بداية حروب آخر الزمان.
وقال ظريف، إنه على كل دولة في الشرق الأوسط، بما فيها إيران، التفكير في طرق إنهاء عقود من الصراع الطائفي العسكري، لكن يجب أن لا يتضمن هذا إعادة ترسيم حدود الدول بعد الحرب العالمية الثانية، من أجل إعطاء منطقة خاصة بالأكراد أو بالطائفة العلوية، بحسب صحيفة «Wall Street Journal».
وزير الخارجية الإيراني أضاف قائلاً: «التغيير في أساليب إدارتنا، وكيفية التفاعل مع بعضنا بعضاً، هو ما يجب تغييره، ولكن تغيير الحدود سيجعل الأمر أسوأ، ستكون بداية «أرمجدون».
وأرمجدون بحسب المعتقد المسيحي واليهودي، هي معركة تقع في آخر الزمان في منطقة اسمها «مجيدو» بالتسمية العبرية أو «تل مستلم» بالتسمية العربية في شمال فلسطين، فيما يؤمن الشيعة في إيران أن معارك آخر الزمان ستدور بين المهدي المنتظر ممثلا لجانب الخير، والسفياني الذي يتبعه الروم واليهود في جانب الشر حيث تدور رحى معارك آخر الزمان في سوريا، وتنتهي بهزيمة السفياني وقتله ثم «تحرير القدس»، ويؤمن الطرفان أن هذه المعارك ستسبق قيام الساعة.
وزير الخارجية الإيراني قال: «إن مستقبل الأسد، سوف يقرره السوريون على طاولة المفاوضات، وليس نحن أو الأتراك أو السعوديون أو الآخرون»، وأضاف قائلاً: «لا أستطيع قبول أشخاص يحاولون تقرير المستقبل دون إجراء مفاوضات، دعونا نوقف القتل والعنف، ودعونا نحدد المستقبل من خلال المفاوضات».
ويكثر استحضار النبوءات حول معركة «أرمجدون» في السينما الغربية خلال السنوات الأخيرة مع ازدياد الصراع الإسلامي الغربي الذي تدور رحاه في المنطقة العربية.
وقال إدريس نعسان نائب رئيس هيئة الخارجية في مقاطعة كوباني (عين العرب) إن الأكراد اعلنوا قيام نظام فدرالي في المناطق الخاضعة لسيطرتهم شمال سوريا.
وأوضح نعسان في تصريح نقلته وكالة «رويترز» أن الإعلان عن قيام النظام الفيدرالي سيعني «توسيع إطار الإدارة الذاتية التي سبق أن شكلها الأكراد وآخرون» في شمال سوريا. وأوضح أن المناطق التي ستنضم إلى النظام الفيدرالي ستسمى «اتحاد شمال سوريا» وسيكون فيه تمثيل لكل العناصر الاثنية في تلك المناطق.
ونقلت وكالة «رويترز» عن دبلوماسي بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة طلب عدم ذكر اسمه قوله إن بعض القوى الغربية الكبرى، وليست روسيا فحسب، تبحث أيضا إمكانية إقامة نظام فيدرالي لسوريا وعرضت الفكرة على دي ميستورا.
وسبق لموسكو أن أعلنت على لسان سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي، إنه لا مانع لديها، إن اتفقت الأطراف المشاركة في مفاوضات جنيف بوساطة المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، على فكرة قيام دولة اتحادية (فيدرالية) في سوريا. وفي الوقت نفسه تؤكد موسكو دائما أنه لا يحق لأحد، باستثناء السوريين أنفسهم، أن يقرروا مسائل نظام الحكم المستقبلي بسوريا. علماً أن روسيا فتحت الشهر الماضي ممثلية للاكراد في موسكو.
وفي هذا السياق شدد الكرملين على أن الحفاظ على وحدة أراضي سوريا يعد الحجر الأساس بالنسبة للأغلبية الساحقة من الدول، وبالدرجة الأولى لروسيا.
كما اعلن دي ميستورا انه لا مانع من النقاش في جينيف من اضافة نظام فيدرالي اذا توافقت الاطراف على ذلك.

قوات كردية تعتقل موالين للنظام

الى ذلك، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن قوات أمن كردية في سوريا اعتقلت 60 شخصا من مليشيا موالية للحكومة في مدينة القامشلي بشمال شرق البلاد امس. وأضاف المرصد أن قوات الأمن الكردية التي تعرف باسم الأسايش قصفت أيضا منطقة توجد بها مبان أمنية حكومية.
وتسيطر قوات الأمن الكردية على غالبية القامشلي رغم احتفاظ الحكومة السورية بوجود في المدينة واستمرار سيطرتها على مطارها.
ولم يتسن على الفور الاتصال بمسؤولين من أكراد سوريا أو الحكومة السورية للحصول على تعليق.
المشروع الكردي لا يمكن يكتب له النجاح، والوفد السوري الى جنيف، اول من طالب باشراك الاكراد في المفاوضات، لكن لا احد يوافق على ما يخطط له بعض الاكراد حالياً. واذا اصروا على هذا الخيار الانتحاري فان ابواب جهنم ستفتح عليهم من كل الجبهات.