١٥ آذار ٢٠١١ تاريخ من ذهب، يوم خرج الشعب السوري شاهراً توقه للحرية والعيش بكرامة، بعد أن حاول نظام الإجرام والإستبداد أن يقنع نفسه والآخرين بأن هذا الشعب العظيم قبل بأن يحكمه آل الأسد إلى الأبد، خرجوا في ذاك اليوم المجيد، حطّموا جدران الخوف والإستسلام وأطلقوا العنان لحناجرهم ومخيلاتهم ورسموا معالم أجمل ثورة عرفها التاريخ، فكان صوت إبراهيم القاشوش يهزّ عرش ذاك النظام الحديدي، فظن الطاغية بأنه إذا إقتلع حجرة القاشوش، سيخاف الشعب السوري ويعود إلى مملكة الخوف، فخرج بدل القاشوش ملايين القواشيش، وظنّ النظام بأنه إذا نزع أظافر أطفال درعا، سيكفّ الشعب السوري عن كتابة شعاراته على الجدران، فتفجرت بلدة كفرنبل ينابيع من الشعارات واليافطات التي أرخّت يوميات هذه الثورة الرائعة وعبّرت عن تطلعاتها ونطقت بلسان حالها.
لم يبق أمام النظام السوري سوى شيطنة الثورة عبر تحويلها إلى حرب مذهبية قذرة وضخّ في الشوارع إرهابيين وعناصر مخابرات تخرّجوا من سجونه وكلفهم بتشوبه صورة الثورة وتخويف الناس منها، وحاول إيصال رسالة مفادها بأن البديل عن النظام الإرهابي هو تنظيمات متطرفة أشدّ إرهاباً ووحشية، نجح النظام نسبياً في تشويه صورة الثورة عند بعد الدول، لكنه فشل في إخماد الثورة والإجهاز عليها كلياً، ليتبين بعد خمس سنوات بالتمام والكمال بأن جذوة الثورة ما زالت موجودة وشعلة الثورة ما زالت متقدة وما أن أُعلن وقف إطلاق النار، حتى خرج عشرات الآلاف من السوريين من بين الركام رافعين نفس الشعارات ونفس الهتافات ليؤكدوا بأن إرادتهم ما زالت قوية ولم تنل منها آلة القتل والبراميل المتفجرة والطائرات الروسية المتوحشة، وبأن الإصرار على إسقاط النظام وإنتزاع الحرية من فم الأسد لم تعد مجرد أحلام، بل أصبحت أقرب إلى الواقع أكثر من أي وقت مضى.
قال الشعب الثائر بأن مواجهته ليست مع النظام السوري وحسب، بل ستشمل إرهابيي داعش والنصرة وكل من يحاول أن يقف حائلاً بينه وبين حريته وبأن الشعب لم يدفع كل هذه الأثمان ليستبدل نظام مستبد بتنظيم متوحش ولم يخرج في ثورته لإسقاط نظام ظالم من أجل التسليم لتنظيمات ظلامية.
هذا هو الشعب السوري المتروك لمصيره هو وثورته، تآمروا عليه وإستنجدوا بكل شياطين الأرض وترسانات الدبّ الروسي وبالنظام الإيراني وكل ميليشياته المذهبية ولم يستطيعوا كسر إرادته، وما إنسحاب القوات الروسية صباح هذا اليوم من سوريا سوى دليل قاطع بأن هذا الشعب لن تقوى عليه كل آلات القتل والوحشية وبأن النظام السوري سيسقط مهما كان الثمن وبأن الثمن الباهظ الذي دفعه من أجل نيل الحرية سيزيده إصراراً وعناداً على متابعة ثورته حتى النصر وقيام سوريا الجيدة الخالية من لوثة حكم آل الأسد.
اسامة وهبي