اعتبرت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى لبنان أناليزا فيديلينو، أن لبنان «لا يزال تحت التأثير السلبي لسلسلة الصدمات الكبيرة التي أصابت المنطقة، وكان أهمها أزمة اللاجئين من سورية، الذين يمثلون نحو ثُلث سكانه، ليتجاوز عددهم المليون». ولاحظت أن «تبعات هذا الوجود الكبير للاجئين لم تقتصر على التأثير في الاقتصاد اللبناني، بل انعكست أيضاً على النسيج الاجتماعي والمشهد السياسي».
ولفتت فيديلينو، وهي تشغل أيضاً منصب المدير المساعد في إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، إلى أن «النمو تراجع في شكل حاد من متوسط 8 في المئة بين عامي 2008 و2010 إلى نحو واحد في المئة عام 2015». وتوقعت أن تكون «احتمالات التعافي المتواصل في لبنان محدودة، وأن تظل ثقة المستهلكين والمستثمرين ضعيفة، ما دامت الأزمة في سورية من دون حل».
وأوضحت في حديث عن دورها رئيسةً للبعثة في لبنان وتجربتها في تناول أهم قضاياه الاقتصادية الكلية وعملها في الصندوق، نُشر على مدوّنة عربية تابعة للصندوق بعنوان «قابل رئيس البعثة»، لتكون الأولى التي تعرض ذلك ضمن هذه السلسلة الجديدة، أن ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة «سيؤثر سلباً أيضاً على كلفة التمويل وخدمة الدَين، نظراً إلى ربط سعر صرف الليرة بالدولار». أما الناحية الإيجابية في هذا المجال، فرأت أنها تتمثل في أن أسعار الفائدة المنخفضة «أعطت دفعاً يستحق كل الترحيب لمستويات الدخل في لبنان، لكنه لا يكفي لمواجهة الأوضاع الإقليمية والمحلية المناوئة».
وشرحت فيديلينو مهماتها رئيسة لبعثة الصندوق إلى لبنان، مشيرة إلى زيارة بيروت الشهر الماضي، والاستعداد حالياً لإجراء «مشاورات المادة الرابعة»، وستزور البعثة بيروت في أيار (مايو) المقبل، «وسنُعدّ تقرير الخبراء لعرضه على المجلس التنفيذي خلال الصيف».
وعن أولويات السياسة الاقتصادية، أكدت فيديلينو أن «استقرار أوضاع الاقتصاد الكلي في شكل حاسم يتوقف على تحقيق الأمن واكتساب الثقة». وقالت: «يرجع للسلطات اللبنانية الفضل في حفظ الأمن في ظل بيئة إقليمية تكتنفها التحديات، وسيكون ترسيخ مشاعر الثقة عاملاً حيوياً أيضاً في مواصلة استقطاب التدفقات الرأسمالية الكبيرة (الودائع والتحويلات والاستثمار المباشر) إلى الاقتصاد، وتغطية حاجات لبنان الكبيرة من التمويل».
وفي هذا الصدد، أعلنت أن ثلاثة مجالات تبرز في السياسة الاقتصادية، يتمثل الأول بـ «العمل على تهيئة المناخ الداعم لزيادة فرص العمل وتعزيز النمو» للحد من الهجرة، ويقضي الثاني بـ «ضرورة تصحيح أوضاع المالية العامة». ولاحظت أن الدَين العام الكبير «ينطوي على كلفة باهظة، إذ تستهلك مدفوعات الفائدة حالياً ثُلثي الإيرادات الضريبية الكلية أو أكثر من 9 في المئة من الناتج المحلي، ويمكن توجيه هذه الموارد فعلياً إلى استخدامات منتِجة».
أما المجال الثالث، فهو أن لبنان «بات يحتاج بإلحاح إلى تطوير شبكة البنية التحتية القاصرة، والتي تتعرض لزيادة الضغط عليها نتيجة وجود أعداد كبيرة من اللاجئين». ولفتت إلى إمكان «زيادة الاستثمار في البنية التحتية أيضاً بتوثيق إشراك القطاع الخاص، الذي يتطلّب إجراء إصلاحات تنظيمية لتعزيز الإطار القانوني في لبنان، مثل تشجيع «شراكات القطاعين العام والخاص» بأسلوب سليم وشفاف (علماً أن هناك قانوناً إطارياً) ينتظر إقرار البرلمان منذ بضع سنوات».
وخلُصت إلى أن «من المهم لخبراء الصندوق وضع أنفسهم محل السلطات الوطنية كي يتعمقوا في فهم طبيعة القيود التي تواجهها عند إجراء الدراسات التحليلية ووضع التوصيات في شأن السياسات».
وعن مهماتها الجديدة، ذكرت أن «سنوات عملي الأولى في الصندوق أتاحت لي فرصة العمل كاقتصادية مبتدئة ضمن فريق الاقتصاديين المتخصصين بلبنان، واليوم بعد مرور 15 سنة، عدت إلى هذا البلد الذي شهد تغييرات كبيرة منذ زيارتي الأولى، ولا أزال أشعر بالإعجاب ذاته سابقاً بمدى اعتزاز اللبنانيين ببلدهم وإيمانهم به، وبمدى قدرة لبنان على الاحتفاظ بصلابته على رغم الصدمات التي عصفت به على مر السنين».
صندوق النقد: احتمالات تعافي لبنان محدودة
صندوق النقد: احتمالات تعافي لبنان...لبنان الجديد
NewLebanon
التعريفات:
مصدر:
جريدة الحياة
|
عدد القراء:
754
مقالات ذات صلة
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل ( ٨ ) سفارة لبنان في...
الشاعر محمد علي شمس الدين يترجل عن صهوة الحياة الى دار...
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل (7) سفارة لبنان في...
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل (6) سفارة لبنان في المانيا...
65% من المعلومات المضللة عن لقاحات كوفيد-19 نشرها 12...
لبنان: المزيد من حالات وارتفاع نسبة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro