سرقَ الأضواء مساء أمس قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين البدءَ بسحب الجزء الرئيسي من القوة الروسية في سوريا اليوم، بعدما حقّق التدخّل العسكري الروسي أهدافه الى حد كبير، ما أثار تساؤلات عدة محلّياً وإقليمياً ودولياً حول جهة توقيته وأبعاده والخلفيات، خصوصاً أنّه تزامنَ مع استئناف مفاوضات السلام السورية في جنيف بنسختها الثالثة أمس، فيما يستمرّ وقفُ إطلاق النار في سوريا صامداً. وكاد هذا التطور الروسي أن يحجب الاهتمام الداخلي عن القضايا المطروحة، من موضوع الأزمة مع الدول العربية، إلى خطة النفايات التي اتّخِذت كلّ الإجراءات الأمنية لمواكبة تنفيذها، فيما انشَدّت الأنظار مساءً إلى مواقف أطلقَها رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون الذي أعلن «أنّنا لن نسمح بالتمديد للوضع القائم منذ الـ 1990» متوجّهاً إلى جمهوره قائلاً: «إيّاكم أن تقعوا في اليأس، وجهّزوا سواعدكم». واعتبَر أنّ «مجلس النواب انتهَت صلاحيته منذ 2013 ولا يحقّ له انتخاب رئيس جمهورية شرعي». فقد أمرَ بوتين في قرار مفاجئ وزارة الدفاع الروسية بالبدء اليوم بسحب الجزء الرئيسي من القوة الروسية في سوريا، وأكد أنّ التدخّل العسكري الروسي حقق أهدافه إلى حد كبير.

وأعلنت الرئاسة السورية في بيان أنّ الجانبين السوري والروسي أكّدا خلال اتصال هاتفي بين الرئيسين ‫الأسد وبوتين على تخفيض عديد القوات الجوية الروسية في سوريا، مع استمرار وقف الأعمال القتالية». (راجع صفحة 14 ـ 15).

السعودية

وفي غمرة الانهماك الخارجي والداخلي بمتابعة التدابير الخليجية عموماً والسعودية خصوصاً ضد «حزب الله» والتي استمرّت مفاعيلها امس مع اعلان البحرين إبعاد عدد من اللبنانيين، أكد مجلس الوزراء السعودي «أنّ قرار جامعة الدول العربية اعتبار ما يسمّى «حزب الله» منظمة إرهابية واستنكار التدخّلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، يجسّد الحرص على محاربة الإرهاب والوقوف في وجه كل من يدعمه ويسانده ويحاول إثارة النعرات الطائفية لزعزعة الأمن والاستقرار بما يتنافى مع حسن الجوار ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.

وأشار المجلس في هذا الشأن إلى إدانة وشجب مجلس وزراء الداخلية العرب الذي عقد في تونس مؤخراً للممارسات والأعمال الخطيرة التي يقوم بها «حزب الله» الإرهابي لزعزعة الأمن والسلم الاجتماعي في بعض الدول العربية.

وفي الشأن الداخلي شدد المجلس على ما تضمنه بيان وزارة الداخلية من تأكيد على أن كل مواطن أو مقيم يؤيد أو يظهر الانتماء إلى «حزب الله» أو يتعاطف معه أو يروّج له أو يتبرع له أو يتواصل معه أو يؤوي أو يتستّر على من ينتمي إليه فسيطبّق بحقه ما تقضي به الأنظمة والأوامر من عقوبات مشددة بما في ذلك نظام جرائم الإرهاب وتمويله، إضافة إلى إبعاد أيّ مقيم تثبت إدانته بمثل تلك الأعمال».

إطلالات بالمفرّق

على صعيد آخر، وفي ذكرى «انتفاضة الاستقلال»، استعيض عن مشهدية 14 آذار الجامعة بإطلالات لبعض اركانها بالمفرّق، فأطلّ بعضهم «تويتريا» كالنائب وليد جنبلاط، وبعضهم عبر مؤتمر صحافي كرئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع ومنسّق الامانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد، فيما اختار الرئيس سعد الحريري التوجّه الى وزارة الدفاع والاجتماع مع قائد الجيش العماد جان قهوجي، قبل ان يغادر بيروت مساء متوجّهاً إلى باريس في زيارة خاصة.

وكان الحريري وضَع زيارته الى اليرزة في إطار «شُكر الجيش على ما يقدّمه للبنان وخصوصاً انّه حمى تظاهرة «14 آذار» 2005، ويواجه الإرهاب».

وأكد ثقته بأنّ «العرب لن يتركوا لبنان، فهم لطالما وقفوا الى جانبه وساعدوه في السرّاء والضرّاء، وأتمنى أن تكون الأمور مستقبلاً أفضل، وهذا مسعى، نحن السياسيين علينا أن نقوم به، خصوصاً أمام هذه العاصفة التي نواجهها». وقال إنّ «الهبة جُمِّدت، ولكنّنا نحن السياسيين يجب أن نسعى ونعمل ونطمئن ونقول إننا مع الجيش اللبناني وإنه جيش لكلّ اللبنانيين» (تفاصيل ص 6).

قهوجي عند برّي

ولاحقاً، زار قهوجي ومدير المخابرات الجديد كميل ضاهر، رئيس مجلس النواب نبيه بري، وجرى عرض للوضع الامني في البلاد وشؤون المؤسسة العسكرية.

جعجع

في هذا الوقت، قال جعجع :»إذا شاءت الظروف ان نستعيض هذه السنة عن الإطلالة الجامعة بإطلالات منفردة، فهذا لا يعني إطلاقاً أنّ ١٤ آذار انتهت». ودعا كلّ قيادات ١٤ آذار إلى «مراجعة لتجاوز الانقسامات الحالية والتمسك بمشروع ١٤ آذار، أي التمسّك بلبنان الحلم».

سعيد لـ«الجمهورية»

بدوره، أكد سعيد لـ«الجمهورية» انّه سيستمر في تحمّل مسؤولياته «إذا كان هناك فعلا إقتناع داخل 14 آذار لإعادة حمل القضية اللبنانية كما كنّا نحملها في العام 2005 «. لكنّه طبعاً مستقيل من معالجات الوضع داخل 14 آذار «من خلال العلاقات الخاصة والترميم بالمسكّنات».

عون

مِن جهته، أكّد رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون «أنّنا لن نسمح بالتمديد للوضع القائم منذ الـ 1990، وإيّاكم أن تقعوا باليأس، وجهّزوا سواعدكم».

قال عون خلال احتفال التيار الوطني الحر بذكرى 14 آذار «لدينا خَللٌ في التوزيع الديموغرافي، وخطأُ المسيحيين أنّهم عاشوا وتوزّعوا بـ 22 قضاءً مع كلّ الطوائف، فعاشوا كأقلية، ونحن لا نتكلّم بطائفية، لكنْ لا إنصافَ بالتوزيع، وقد طالبنا ونطالب بقانون نِسبي يتضمّن أكثرية وأقلّية من كلّ الطوائف، فيكون البرلمان صورةً كاملة عن خارطة الشعب اللبناني»، معتبراً أنّه «عندما مدّدوا للمجلس اغتصَبوا السلطة، فالشعب مصدر السلطات، يمارسها من خلال المؤسسات الدستورية. والشرعيةُ تعطى من الشعب وليس النواب من يمدّدون لأنفسهم، ومجلس النواب انتهَت صلاحيته منذ 2013 ولا يحقّ له انتخاب رئيس جمهورية شرعي».

وأضاف: «يتّهموننا بالتعطيل، ولكنّنا لن نعطي شرعيةً لمن ليس لهم شرعية، ونحن لا نطلب تغييرَ (إتفاق) الطائف بل نطلب شرحَه بشكل صحيح. فأين المناصفة بالتمثيل والقانون الانتخابي الذي سيحافظ على صحّة التمثيل لمختلف شرائح الشعب؟ هل تَحرمني مِن حقّي وتطلب منّي احترامَ قواعد العيش المشترك.

وبعد تجربة 11 عاماً لستُ مرتاحاً، الحاكمون حاوَلوا تأخيرَ عودتي إلى لبنان إلى ما بعد الانتخابات، وقالوا لي إنتبِه إلى المعارضة لا نريدها أن تنقسم، هم سرَقوا منّا الهدف والتاريخ والشعار وسمّوا أنفسَهم 14 آذار، واليوم سَقطت «14 آذار» التايوانية وبقيَت الأصلية، وسرَقوا منّا التاريخ والشعار، ولكن لا بدّ لكلّ شيء سيّئ من نهاية، وأنا جَدُّ المعارضة «وبَيّها «و «إبنها».


ورأى عون أنّ «الميثاق الوطني يُعيّن رئيس الحكومة الأكثر شعبيةً، وكذلك رئيس مجلس النواب، فلماذا لا يتمّ انتخاب رئيس للجمهورية يكون الأكثر تمثيلاً؟ هذه القصّة انتهَت ولن نقبل بعد اليوم أن تكون مصالح الشعب للبناني فريسة الأهواء والمصالح.»

إجتماع أمني

وفيما يَسود ترقّب لتنفيذ خطة النفايات على الارض، طلب رئيس الحكومة تمام سلام من قادة القوى العسكرية والأمنية مواكبة الخطة الشاملة للنفايات تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء واتّخاذ كل التدابير اللازمة لمنع أيّ محاولة للإخلال بالنظام العام.

وكان سلام ترأسَ اجتماعاً أمنياً حضرَه وزيرا الدفاع والداخلية وقائد الجيش وقادة الاجهزة الامنية، وعرض المجتمعون لآخر التطورات الأمنية والجهود المبذولة لضبط الأمن ومكافحة الجريمة في كلّ أنحاء البلاد، فضلاً عن العمليات التي يقوم بها الجيش والأجهزة الامنية ضد الارهابيين في الداخل وعند الحدود الشرقية. وطلبَ سلام من قادة القوى العسكرية والأمنية مواكبة الخطة الشاملة للنفايات تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء، واتّخاذ كلّ التدابير اللازمة لمنع أيّ محاولة للإخلال بالنظام العام.

وفي المعلومات أنّ سلام تحدّثَ في بداية اللقاء شارحاً الظروفَ الأمنية التي استدعت انعقاده، لافتاً إلى أنّ ما تحقّقه الأجهزة الأمنية من إنجازات داخلياً وعلى الحدود يلقي عليها مهمات وطنية اضافية كبرى، وتحديداً في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد، مكرّراً التأكيد أنّ معظم هذه القضايا لم تكن مطروحة بهذا النحو لو كان هناك رئيس للجمهورية. وقال «إنّ الإجتماع مخصّص لقراءة أمنية للتطورات بشمولية وعلى مختلف المستويات الداخلية والخارجية، فالقضايا الأمنية متشعّبة ومتعدّدة ولا بدّ من مواجهتها».

ثمّ قدّم قائد الجيش وقادة القوى والأجهزة العسكرية والأمنية تقارير تناولت الأحداث الأمنية من جوانبها المختلفة، كذلك تناولت العملية العسكرية التي نفّذها الجيش في عرسال الأسبوع الماضي. وشرح قهوجي أهمّيتها والنتائج المترتبة عليها مؤكداً أنّها «عملية استثنائية ناجحة بكلّ المقاييس».

وتحدّث اللواء بصبوص عن الوضع الأمني، وتوقّف ورئيس شعبة المعلومات عند الجرائم التي ارتكِبت اخيراً بحقّ بعض المواطنين الكويتيين، فلفتا الى انّ التحقيقات التي أجريَت مع منفّذي هذه الجرائم وجميعهم من السوريين ليست مترابطة وأنّ هدف السرقة واضح، وليس هناك ما يهدّد أمنَ الخليجيين عموماً أو الكويتيين، خصوصاً المقيمين على الأراضي اللبنانية.

ومن جهته، قدّم اللواء ابراهيم تقريراً مماثلا تناوَل ما تقوم به مديرية الأمن العام في مواجهة الجريمة المتعددة الوجوه. وعرضَ المجتمعون للتقارير الأمنية الداخلية والخارجية، معتبرين أنّ الوضع الأمني ممسوك وليس هناك ما هو غير استثنائي. ونوّهوا بحجم التعاون بين الأجهزة الأمنية والقضائية التي تكمل بعضُها بعضاً.

وفي جزء من الاجتماع لفتَ رئيس الحكومة ووزير الداخلية الى مقررات مجلس الوزراء الخاصة بمعالجة ملف النفايات، فأكدوا أنّ القرار السياسي متوافر لتنفيذ الخطة هذه المرّة وأنّ على قوى الأمن الداخلي ان تكون جاهزة متى أنهَت المراجع الإدارية المختصة وشركات النقل التي ستتولّى نقل النفايات سواء المجمَّعة في بيروت والمناطق وتلك التي ستُجمع من الشوارع لتوفير الحماية لها الى المطامر المحدّدة على أن تكون قوى الجيش للمؤازرة في حال حصل أي طارئ.

وأكدوا أنّ الساعة صفر لم تحدّد بعد لبدء الجمع، في انتظار التدابير الخاصة بمواعيد بدء النقل يومياً، فهناك برنامج سيحدّد لحركة الشاحنات لمنع انعكاسها على حركة السير بين العاصمة والمناطق والمطامر، وسيعلن عنه.

الجسر

في هذه الأجواء، تنعقد جولة حوار جديدة بين تيار «المستقبل» وحزب الله» مساء غد الاربعاء في عين التينة. وعشية هذه الجولة، لفتَ عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر الى انّها الاولى التي تُعقَد بعد الاجتماع الأخير بين الرئيسين بري والحريري، علماً أنّ عدم انعقاد جلسة الحوار بنصابها الكامل في المرة السابقة كان في حد ذاته تعبيراً عن موقف، والطرفان مدركان لضرورة الحوار حتى لا يتمادى الاحتقان المذهبي على ضوء ما يجري في المنطقة والحرب في سوريا».

إلّا انّ الجسر شدّد على «أنّ مشاركة تيار «المستقبل» في الحوار لا تعني حدوث ايّ تغيير في اقتناعاتنا ومواقفنا التي نظَهّرها في بيان كتلة «المستقبل»، إنْ لجهة ضرورة انسحاب الحزب من سوريا، أو بالنسبة الى التنديد بتهجّمه على المملكة العربية السعودية». ولفت الى «أنّ الحوار الذي يبحث في بندَي إزالة الاحتقان والموضوع الرئاسي سيتناول مواقف مجلس التعاون الخليجي الاخيرة والبحث في سبل تخفيف آثارها على لبنان».

مجلس وزراء

إلى ذلك، يعاود مجلس الوزراء اجتماعاته الأسبوعية ابتداءً من الخميس المقبل بعدما دعاه رئيس الحكومة الى الانعقاد في العاشرة قبل الظهر لاستكمال البحث في ما تبقّى من جدول اعمال الجلسة السابقة الذي توقّف البحث فيه قبل أسبوعين تقريباً عندما اصطدم سلام بالعراقيل التي حالت دون التفاهم على ملف النفايات، فرَفع الجلسة الى ان اقرّت الإجراءات المقترحة في جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية السبت الماضي.

وحتى امس لم تكن الأمانة العامة لمجلس الوزراء قد عمّمت على الوزراء أيّ ملحق لجدول اعمال الجلسة السابقة أو أيّ بنود إضافية، علماً أنّ الجدول القديم كان يحتوي 169 بنداً ولم يناقشه المجلس في تلك الجلسة.