الإخوة في 8 آذار يرتكبون خطأً وخطيئةً من الكبائر حين يوجِّهُون سهامَ نيرانهم نحو تيار المستقبل قاعدةً وقيادةً ورئيساً،ويحاولون إضعافَه أمامَ شارعِهِ ومموليه في الداخل والخارج وإظهارَه على أنه الجسدُ الذي شاخَ،لنسألَ هلْ لكم مصلحة عليا في إطفاء صوت الاعتدال في الساحة الوطنية والإسلامية أمام ارتفاع منسوب التطرف والتطرف المضاد؟وخصوصاً وأنَّ مجرمي داعش وأخواتها من القاعدة والنصرة يُطرقُونَ أبوابَ الوطن ولعلهم سيكونونَ البديلَ عن التيار إذا أكملتم مشوارَ محاربة الاعتدال السني الذي سيكون لمصلحة التكفريين وقادة المحاور الجدد،وهل تعلمون أن التيار هو القلعة والسد الذي يمنع انزلاق الطائفة نحو الانحدار والانجراف لمعارك عبثية يسعى إليها الآخَرون.
كان الله في عون الرئيس سعد الحريري الذي جاء من عالم الاقتصاد والأعمال إلى وحول ونفايات السياسة اللبنانية والتي يُصْبِحُ الحليمُ فيها سكراناً وكالضيعة ضايعة،فأتى لبلدٍ ضاعَ فيه كبارُ ساستِه من الهامات والقامات العِظام،ففي 2005 اغتيلَ والدُهُ،و2006 عدوان تموز،و2007 حرب مخيم نهر البارد،و2008 7 أيار المشؤوم،و2009 الانتخابات النيابية،و2010 تمّ إسقاط حكومته والإنقلاب عليه ونقض العهد والميثاق الوطني،وبعدها تمَّ نفيه قسراً خارج البلاد.إلى جانب القضية السورية والأسرى لدى النصرة وداعش وأزمة عرسال والنازحين وووو.
فالرجل قضى ومنذ دخولِه المعتركَ السياسيَّ وحتى هذه اللحظة جلَّ وقتِهِ في ردِّ الضربات واللكمات من الخصوم والحلفاء وما بينهُما مما أكسَبَه خبرةً وعِبْرَة. فبعض الإخوة في الأحزاب الشيعية والمسيحية والدرزية وباقي المكونات الوطنية يخطئون عندما يتجاهلون تيار المستقبل ويهمشون رئيسَه ويُهشِّمُونَ صورتَهُ لمآرِبَ أخرى،لأنهم بذلك سيُلْحِقونَ الضررَ بمشروع الاعتدال الوطني والإسلامي الذي يجسّدُهُ التيارُ نهجاً وسلوكاً.
فكلُّ الظروفِ اجتمعتْ ضدَّ الرئيسِ الحريري من حصار الخصوم وخذلان الحلفاء والخلفاء إلى تجفيف مصادر تمويله ممن يُفترَض أنهم ممولوه ومسانِدُوه،فقطعوا به الحبلَ وسطَ البئرِ،وضاقَت صدورُهم على شركاتِه،مما أثّرَ سلباً على خدمات مكاتبه وشعبيته وسمعته،وهذا أزعجَنا وأحرجنا جميعا.ً لذا وَجَبَ على 8 آذار دعم الظاهرة الحريرية والتواصل والتشاور معها،للوصول إلى مفاهيمَ تبني وتوحِّد وتجمع وتقرِّب بينهم،ولأنه الضمانة الوحيدة للعيش السالم والآمن مع الآخر المختلِف،وإلاّ سيندمون حين يسودُ التطرفُ ويَخْرُجُ التيارُ من المعادلة لموقعِ المتفرِّج.
أليس فيكم ومنكم رجلٌ رشيد..؟والله فإنَّ التيار عليكم نعمةٌ ورحمةٌ ولن تشعُروا بها حتى تفقدوها. ولا ننسى أنَّ مؤسساته التنظيمية والاقتصادية ينضمُّ فيها كافة الأديان والمذاهب والأعراق والمشارب المتعددة،وهذا لا نجدُهُ عندَ الآخَرين.وهذا دليل ساطع على وطنيته وتعاليه. فرفقاً بالسعدِ أيُّها الشركاءُ في الوطن،وارحَمُوا واقِعَهُ ولا تكونوا عوناً للشيطان عليه،فخلافُكم معه في السياسية وإدارة السلطة لا يعني إلغاؤه وإقصاؤه من المعادلة،فهم الذبيح بين سيفكم ونار التطرف الذي أنتم سبَبُه.ويبقى التيارُ الحليفَ والخصمَ الذي يجوز الاختلافُ معه،ولكنْ عزلُهُ حسبَ قانونِ (اجتثاث البعث)العراقي يعني هَدمُ سدِّ الموصل والنيل،فعليكم بحفظ السد ومائه قبل أن نندمَ ونعرقَ جميعاً.
وبرأيي لو انتخبَ الحريريُ في العام 2005 ميشال عون رئيساً للجمهورية لوفَّرْنا على لبنان الكثير من إراقة الدماء والمال والوقت،وهذا حقه كممثِّل للأكثرية المسيحية في حينها.ولو تحالف التيار مع حركة أمل لاستَراحَ وأراحَ،ولكنّا اليومَ أمامَ واقعٍ ومعادلةٍ آخرى أخفَّ وطأة. ففي العام 2009 قلتُ للرئيس الحريري في منزله وعلى مسمعه كلاماً لا يجرؤ عليه ألدُّ خصومِه،وما أنبأتُه به قد وصلَ إليه،والآن يعيشه واقعاً أليماً.فحين جفُّ الضرعُ رأينا الناسَ قد انفضّوا من حولِه إلى مَن ضرعُهُ ممتلئ.فهذا واقع ومُتوقَّعٌ حصولُه ولا جدالَ فيه.
وعلى التيار إعادة النظر بصياغة تفكيره ونهجه وتعامله وأسلوبه وقراءة الواقع الوطني والإسلامي ببُعدِه الاستراتيجي،من باب التحديث في الأداء والتواصل مع الأقارب والأباعد. والسؤال كيف يُطالِب فريقُ 8 آذار قيادةَ المستقبل محاربةَ الإرهابِ والتطرّف بالوقت الذي يخصِّبُون يورانيوم التطرف السياسي والعسكري والمذهبي ضدّه؟ وخصوصاً جميع القوى المسيحية التي عليها التمسك أكثر من أي وقت مضى بالتيار ورئيسه،لأنه يتماهى ومشروعها العلماني في سبيل بناء الدولة المدنية العادلة. فالخاسر الأكبر من تراجع التيار في شارعه هم المسيحيون ثم الذين يلونَهم من الأحزاب. فتيارمستقبل ارتكب أخطاءً في مسيرته،وهذا طبيعي كحزب سياسي ناشئ،وهذا ليس حجة للإقتصاص والإنقضاض عليه،في المقابل أنتم ارتكبتم خطايا بحق الوطن وبالشريك الرئيسي. فأنا لستُ منظماً لدى تيار المستقبل،لكنني أؤمن بأنه وطني ومعتدل ووسطي،ومن الجريمة محاربتُه وإضعافُه في الوقت الذي تنتشر فيه حركات التطرف الديني كالنار في الهشيم.
صالح حامد