«العبرة بالتنفيذ».
هذه العبارة رددها أمام زواره رئيس الحكومة تمام سلام، بعد ساعات صعبة، شكلت تهديده بوضع استقالته على الطاولة حتى تمكن مجلس الوزراء من إقرار خطة لرفع النفايات من الشوارع، في غضون 55 يوماً ولمدة أربع سنوات، وبحوافز مالية فورية مقدارها 50 مليون دولار للبلديات المحيطة بالمطامر التي استقر الرأي على نقل النفايات إليها، بدءاً من إعادة فتح مطمر الناعمة لشهرين فقط، واستحداث مطمر في «الكوستا برافا» بشروط النائب طلال أرسلان الذي أعاد التأكيد عليها بعد اجتماعه مع تيمور جنبلاط والوزيرين أكرم شهيّب ووائل أبو فاعور، حيث أكد المراقبة لعملية الطمر بحصة.. بحصة، إضافة إلى مطمر برج حمود، حيث ارتفع «صوت أرمني خافت» عبّر عنه حزب «الطاشناق» لجهة أن ما أقرّ يختلف عمّا اتفق عليه في المفاوضات، في وقت يقدم فيه حزب الكتائب نموذجه للتعامل مع النفايات من خلال افتتاح مركز فرز النفايات لبلديات المتن في بكفيا اليوم، والذي يدشّنه رئيس الحزب النائب سامي الجميّل كنموذج لتعميم هذا الحل على سائر البلديات، مما يُخرج بلديات المتن من شمولية قرار مجلس الوزراء الذي تحفّظ عليه الحزب، لكنه لا يشجّع أي خطوة لعرقلة التنفيذ.
وعشية بدء التنفيذ، وفيما تبيّن لمجلس الوزراء أن لا بديل عن شركتي «سوكلين» و«سوكومي» للقيام بالكنس والجمع والفرز، لحين إتمام المناقصة لاعتماد شركات بديلة، يستمع النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم إلى «سوكلين» في إطار الشكوى المرفوعة من حزب الكتائب، والتي كانت سبب تحفّظ الحزب على قرار الحكومة، وتتّجه الأنظار إلى دعوة حملة «طلعت ريحتكم» لعزل العاصمة عن المناطق، عبر قطع المداخل الرئيسية من الجنوب خلدة، ومن الشرق الحازمية، ومن الشمال الدورة، والتي لن تشارك فيها حملات: «بدنا نحاسب» و«الحراك الديموقراطي» و«حقوقيون ضد الفساد» و«من أجل الجمهورية» و«حملة إقفال مطمر الناعمة». وهذه الدعوة أيضاً مرفوضة من النقابات والمؤسسات لأسباب متعددة أبرزها تعطيل مصالح المواطنين وربما استدراج القوى الأمنية إلى إشكالات في يوم عزيز على اللبنانيين، هو يوم 14 آذار، حيث تشكّلت حركة 14 آذار الاستقلالية.
وعلمت «اللواء» من مصادر أمنية موثوق بها أن تدابير مشددة اتخذت للحؤول دون إقفال المداخل.
وأكدت هذه المصادر لـ«اللواء» عدم السماح بإقفال مداخل بيروت والطرقات مع احترام حق التظاهر، شرط أن لا يكون ذلك على حساب أعمال النّاس وحركة البلد.
إجتماع أمني
ومع بدء تنفيذ الخطة، يترأس الرئيس سلام قبل ظهر اليوم إجتماعاً أمنياً يحضره قادة الأجهزة الأمنية في إطار متابعة تنفيذ خطة النفايات فضلاً عن متابعة التطورات العسكرية التي حصلت في رأس بعلبك بين الجيش اللبناني و«داعش»، والشريط المصوّر الذي هدّد فيه مسلحان من «داعش» من محافظة الرقة السورية، كبار المسؤولين والوزراء و«حزب الله» والمسيحيين والمؤسسات الأمنية «بالعبور على أشلائهم وجثثهم إلى القدس»، إضافة إلى ما كشفه وزير العدل المستقيل أشرف ريفي بأنه «أبلغ بمعلومات عن محاولة اغتياله هو والنائب أحمد فتفت».
وإذا ما سارت الأمور على ما يرام، وتم تجاوز قطوع إقفال الطرقات، أو التجمّع أمام المطامر المقترحة للحؤول دون افتتاحها، فإن الخطة تكون قد أخذت طريقها إلى التنفيذ بمشاركة كل القوى السياسية الممثلة في مجلس الوزراء، ويصبح في إمكان الحكومة بالتالي، وفقاً لمصادر وزارية معنية، أن تلتقط أنفاسها وتفعّل أعمال مجلس الوزراء ريثما يتوضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود في ما يتعلّق بانتخابات الرئاسة الأولى التي التقى الرئيسان نبيه برّي وسعد الحريري على توقّع حصولها في نيسان.
وفي هذا السياق، نقل زوّار سلام عنه نيّته دعوة مجلس الوزراء للإنعقاد يوم الخميس المقبل في جلسة عادية للبحث في جدول أعمال لتسيير شؤون البلاد والعباد.
ولاحظ هؤلاء الزوار أن سلام اكتفى بعبارة «العبرة بالتنفيذ»، تعليقاً على قرار مجلس الوزراء الذي أنهى كابوس النفايات الذي استمر قرابة الثمانية أشهر، وهو بدا حذراً، رافضاً أمام الزوار الدخول بأي تفاصيل حول الموضوع، خصوصاً وأن الأجواء التي رافقت جلسة الحكومة السبت لم تكن أجواء مريحة بشكل عام، بل  تخللتها نقاشات وصلت أحياناً إلى الحدة، وكان ذلك واضحا من خلال المدة التي استغرقتها النقاشات في الجلسة والتي تعدت السبع ساعات.
وحسب مصادر وزارية فالجلسة كانت بمثابة «كباش» لاقرار الخطة وان جهودا حثيثة بذلت من جميع القوى السياسية لاقرارها خصوصا انها ترافقت مع حراك للحراك المدني الذي وصل الى بعد أمتار من السراي الحكومي.
وأشارت المصادر «للواء» ان مجلس الوزراء كان امام خيارين السيئ والأسوأ ولم يكن هناك من خيار ثالث فأقر السيئ وهو قرار جدي ولكن ليس تحدي حسب المصادر.
وكشفت المصادر نفسها ان مطمر الناعمة الذي تقرر فتحه لإستيعاب النفايات غير المطمورة معرّض إلى عدم البدء بالعمل إلا بالتوازي مع العمل في مطمري برج حمود والكوستابرافا مع العلم ان ذلك قد يستغرق بعض الوقت بفعل تحضير العمل على الأرض حولهما.
ورأت أن موضوع مطمري برج حمود والكوستابرافا يتطلب متابعة سريعة لجعلهما يستوعبان النفايات.
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«اللــواء» ان الحكومة انتهى دورها بعد إقرار الخطة، وأن المهمة اليوم تقع على عاتق مجلس الإنماء والإعمار، مرجحاً أن يطلب الرئيس سلام المؤازرة الأمنية للمساعدة في تنفيذ الخطة.
وإذ وصف وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دوفريج عبر «اللــواء» ولادة الخطة بالولادة القيصرية تخوّف من أن ينسحب ذلك على تنفيذها.
وانتقد الوزير دوفريج المبالغ المالية التي أعطيت كحوافز، معتبراً انه لو كنا نعيش في ظل وضع طبيعي حيث ان مجلس النواب يعمل وهناك ثقة يبديها الشعب لحكومته، لكانت القرارات التي صدرت تسقط حكومات.
ورداً على سؤال، رأى انه كان بالإمكان ان تتخد قرارات كالتي اتخذت حول ملف النفايات منذ فترة لولا التعطيل الذي حصل، مؤكداً ان التسهيل أتى بعدما رشح الرئيس سعد الحريري النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
وقال: «لست مسروراً بحفلة المزايدات التي تحيط بملف النفايات والخطة التي أنجزتها الحكومة حول هذا الملف».
أما وزير حزب الله حسين الحاج حسن، فإنه رأى ان مطلع الأسبوع يفترض أن يشهد بدء تنفيذ خطة المطامر الثلاثة التي أقرها مجلس الوزراء، لكنه أعاد ساعة الصفر للتنفيذ إلى الخطة التي سيضعها مجلس الإنماء والاعمار، معتبراً انه لم يكن أمامنا سوى هذا الحل وهذا الخيار الذي أقرته الحكومة.
ولفتت مصادر وزارية إلى ان قرار الحكومة جاء بعد مخاض عسير ونتيجة مساعي ربع الساعة الأخيرة، وبعد تلويح الرئيس سلام بالاستقالة.
وكشفت ان النقاشات تركزت بمعظمها على كيفية تمويل الصندوق البلدي المستقل من خزينة الدولة، وسيكون ذلك من خلال مشروع قانون ستحيله الحكومة إلى مجلس النواب.
وأشارت إلى ان «سوكلين» التي كانت مشكلة عندما بدأت أزمة النفايات عادت لتكون جزءا من الحل، ولكن إلى متى؟
حزب الله
وفي تطور يتعلق بوضع قرار دول مجلس التعاون الخليجي، ومجلس وزراء الداخلية العرب (إعلان تونس) باعتبار حزب الله منظمة إرهابية، موضع التنفيذ، أعلن مصدر مسؤول في وزارة الداخلية السعودية ان «من يخالف الإجراءات المترتبة على هذا القرار ستتم محاسبته على كافة تجاوزاته».
وأكد المصدر ان «كل مواطن أو مقيم (في المملكة) يؤيد أو يظهر الانتماء إلى ما يسمى «حزب الله» أو يتعاطف معه أو يروّج له، أو يتبرّع له، أو يتواصل معه أو يؤوي أو يتستر على من ينتمي اليه، فسيطبق بحقه ما تقضي به الأنظمة والأوامر من عقوبات مشددة، بما في ذلك جرائم الإرهاب وتمويله، إضافة إلى إبعاد أي مقيم تثبت إدانته بمثل تلك الأعمال».
في هذا الوقت كان مسؤولو «حزب الله» يواصلون الحملة على المملكة العربية السعودية.
أما ذكرى 14 آذار التي تصادف ذكرى انطلاقتها الحادية عشرة اليوم، فستكون من خلال محطتين:
الأولى: وقفة رمزية دعا إليها النائب نديم الجميّل في ساحة ساسين في الأشرفية، تتزامن مع المؤتمر الصحافي الذي يعقده مُنسّق الأمانة العامة الدكتور فارس سعيد للمناسبة، والذي سيكون بمثابة استعادة للذكرى وما تمثّله في نظر الكثيرين كحركة استقلالية ساهمت في تحقيق إنجازات على مدى السنوات الأخيرة، رغم الإحباطات التي تعرّضت لها، وكان آخرها عدم تمكنها من إقامة احتفال بالمناسبة.
أما المحطة الثانية، فستكون عبر الكلمة التي سيوجهها النائب ميشال عون، باعتبار أن المناسبة كانت الرافعة التي أسهمت في إنهاء مُـدّة إبعاده عن لبنان، مع خروج القوات السورية منه، إلا أن أي معلومات لم تُشر إلى المنحى الذي ستوضع فيه الكلمة، وفي أي اتجاه، وإن كان موضوع رئاسة الجمهورية أحد عناوينها الرئيسة.