المشهد ضبابي بامتياز على كل الصعد، بدءاً من تعثّر انتخاب رئيس جمهورية منذ سنة وعشرة أشهر تقريباً، مروراً بالعمل النيابي العالق عند «تشريع الضرورة» في ظل الشغور الرئاسي، وصولاً الى التوتر المستمر في العلاقة بين «حزب الله» والمملكة العربية السعودية التي أعلنت أمس أنها ستعاقب كل من ينتمي الى «الحزب» أو يؤيّده أو يتعاطف معه أو يأوي أحداً منه. مُنبّهة الى انها ستطبّق بحق السعوديين والمقيمين «ما تقضي به الأنظمة والأوامر من عقوبات مشددة بما في ذلك نظام جرائم الإرهاب وتمويله، إضافة إلى إبعاد أيّ مقيم تثبت إدانته بمِثل تلك الأعمال». وكان مصدر مسؤول في وزارة الداخلية السعودية أدلى امس بالبيان الآتي:

«إشارة إلى قرار دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المتضمن أن مليشيات «حزب الله « بكافة قادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة والمنبثقة عنها تعد منظمة إرهابية، و أن دول المجلس سوف تتخذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ هذا القرار استناداً إلى ما تنص عليه القوانين الخاصة بمكافحة الإرهاب المطبقة في دول المجلس، والقوانين الدولية المماثلة .

وإشارة إلى إعلان مجلس وزراء الداخلية العرب (إعلان تونس) الصادر في ختام اجتماعات دورته الثالثة والثلاثين التي عقدها المجلس يوم الأربعاء 22 / 5 / 1437 هـ الموافق 2 / 3 / 2016 م المتضمن إدانته وشجبه للممارسات والأعمال الخطرة التي يقوم بها هذا الحزب لزعزعة الأمن والسلم الاجتماعي في بعض الدول العربية .

وإشارة إلى البيان الذي سبق أن أصدرته الوزارة في تاريخ 16 / 5 / 1435 هـ بناءً على الأمر الملكي رقم أ / 44 بتاريخ 3 / 4 / 1435 هـ بخصوص الجماعات والمنظمات والتيارات والأحزاب الإرهابية والعقوبات التي ستطبق على المنتمين أو المؤيدين أو المتعاطفين معها، وما تضمنه بيان الوزارة من تحذير أي مواطن سعودي أو مقيم من القيام بتأييد أي من تلك المنظمات أو الجماعات أو التيارات أو الأحزاب، وأن من يخالف ذلك بأي شكل من الأشكال ستتم محاسبته على كافة تجاوزاته .

وبناءً على ذلك تؤكد وزارة الداخلية أن كل مواطن أو مقيم يؤيد أو يظهر الانتماء إلى ما يسمى «حزب الله»، أو يتعاطف معه أو يروج له أو يتبرع له أو يتواصل معه أو يؤوي أو يتستر على من ينتمي إليه فسيطبق في حقه ما تقضي به الأنظمة والأوامر من عقوبات مشددة بما في ذلك نظام جرائم الإرهاب وتمويله ، إضافة إلى إبعاد أي مقيم تثبت إدانته بمثل تلك الأعمال. وبالله التوفيق».

وتزامناً مع تداعيات القرارات السعودية والخليجية والعربية الأخيرة، يبدأ السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري جولة على القيادات السياسية والحزبية، فيزور ظهر اليوم رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل في الصيفي لعرض آخر التطورات.

صاروخان أميركيان

إلى ذلك، ضجّ خبر أمني في الإعلام العالمي ليل أمس، حيث نقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن وسائل إعلام صربيّة أنه تم العثور على صاروخين يحملان رأسين حربيين متفجرين على متن طائرة ركاب في رحلة كانت متجهة من لبنان إلى الولايات المتحدة الاميركية عبر صربيا، وان السلطات الصربية تحقّق في القضية.

ونقلت الوكالة عن محطة «إن 1» التلفزيونية الصربيّة «ان الشحنة تتضمن صاروخين موجهين خارقين للدروع، اكتشفهما كلب بوليسي، السبت بعدما هبطت رحلة تابعة لشركة طيران صربيا في مطار بلغراد، آتية من بيروت.

وذكرت وسائل الإعلام الصربية، أن الوثائق ذكرت أن الوجهة النهائية للصاروخين من طراز «إيه جي إم 114 هال فاير»، هي مدينة بورتلاند في ولاية أوريغون الأميركية.

وأفادت محطة «إن 1»، أن شركة طيران صربيا، تساعد في التحقيق. فيما قالت شركة النقل الجوي الحكومية إن الأمن والسلامة هما الأولويتان المركزيتان بالنسبة لشركة طيران صربيا.

غير ان معلومات مؤكدة لـ «الجمهوريّة» كشفت أن «الصاروخين كانا من ضمن المساعدات الأميركيّة للجيش اللبناني والتي تم تسليمها الى لبنان في تشرين الأوّل 2015، وهما عبارة عن صاروخي «ليزر» مخصصين للتدريب على طائرات «السيسنا»، وقد تمّ اعادة شحنهما الى أميركا (ترانزيت) بعد انتهاء عملية التدريب عليهما، ضمن الإجراءات القانونية الرسميّة، وبعلم السلطات اللبنانية والأميركيّة المعنية.

وعلمت «الجمهورية» ايضاً ان الالتباس حصل لدى تمرير الصاروخين في مطار بلغراد على آلة كاشفة لأثر المتفجرات (Explosive trace detector) ETD، وتبيّن وجود آثار مادة البارود عليهما. واكدت مصادر مطلعة ان هذا أمر طبيعي نتيجة التدريب عليهما ميدانياً. ولم يكن هناك أي خطر على سلامة الطيران.

«14 آذار»

وسط هذه التطورات، تعبر ذكرى «ثورة الأرز» هذه السنة وسط تفكك قوى 14 آذار وتضعضع صفوفها واضطرابها بعد الترشيحات الرئاسية التي قصمَت ظهرها، خصوصاً بين تيار «المستقبل» و»القوات اللبنانية».

وفيما يغيب الاحتفال الشعبي أو الرسمي في الذكرى، علمت «الجمهورية» انّ المؤتمر الصحافي الذي سيعقده منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد ظهر اليوم في مقر الامانة العامة ليس بديلاً من ضائع. وبالتالي، فإنّ خطوته مُتفلّتة من الجميع، وهي فِعل إرادة منه وغير منسّقة مع قيادات 14 آذار.

الجميل لـ«الجمهورية»

ودعا النائب نديم الجميّل الى تجمّع في ساحة ساسين عند السابعة مساء اليوم، وقال لـ«الجمهورية»: «إننا اليوم في حاجة الى «ثورة الأرز» أكثر من أي وقتٍ مضى، وإن حصل تشَرذم ضمن الفريق المنظّم لـ«14 آذار»، فذلك لا يمكن أن يمنعنا من ان نتّحد مجدداً ونستمر في المطالبة بحقوقنا». وكشف انه في صدد «التحضير لمشاريع أخرى عدة لإحياء ثورة الأرز مجدداً». (تفاصيل صفحة 8)

عون

في الموازاة، تشخص الأنظار الى المواقف التي سيعلنها رئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب ميشال عون في العشاء السنوي الذي ينظّمه «التيار الوطني الحرّ» في ذكرى 14 آذار عند الثامنة والنصف من مساء اليوم في فندق «الحبتور».

وعلمت «الجمهورية» انّ خطاب عون لن يكون عادياً، بل سيأتي مغايراً لكل الخطابات والمواقف التي أدلى بها منذ فترة طويلة حتى اليوم، إذ سيضع عون النقاط على الحروف في خطاب مفصلي تاريخي، يتخلله تحديد مسؤوليات بحيث ستتوقّف أمور كثيرة في ضوء تعاطي الآخرين وتفاعلهم مع هذا الخطاب الذي سيتمحور حول الدستور والميثاق تحت سقف الشراكة الوطنية.

بري

وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره، أمس، «انّ الخطة التي أقرّها مجلس الوزراء لمعالجة ازمة النفايات هي افضل ما امكن التوصّل اليه، ولكن المهم أن تحزم الحكومة أمرها وتباشر في التنفيذ فوراً، خصوصاً انّ هناك كارثة في الشارع تزيد عن ثلاثمئة الف طن من النفايات. وبالتالي، لا مبرر لكل الاعتراضات التي تحصل من هنا وهناك».

ورداً على سؤال، قال بري: «إنّ عجلة الدولة ستبقى معطّلة طالما انّ المجلس النيابي شِبه معطّل. وبالتالي، كنّا قد وضعنا موضوع تفعيل المجلس النيابي بنداً في جدول أعمال الحوار، وهذا ما سأستمر في التأكيد عليه كركيزة أساسية لانطلاق العمل التشريعي والحكومي وتسيير امور الناس، وهنا تكمن مسؤولية جميع الاطراف، وسأركّز على ذلك في جلسة الحوار المقبلة».

وعن تفاؤله بنضوج ثمرة الاستحقاق الرئاسي وتوقعات الرئيس سعد الحريري بانتخاب رئيس خلال شهر نيسان المقبل، قال بري: «إنتخابات رئاسة الجمهورية تبقى بنداً اولاً وثانياً وثالثاً ورابعاً... وعاشراً، ولكننا لا نستطيع ان نبقى متفرّجين على عدم إجراء هذه الانتخابات، وهذا الامر لا يمنع من تفعيل مجلس النواب.

ويجب ان يدرك الجميع انّ اجراء الانتخابات الآن ضرورة، ولا بد من قطف هذه الثمرة التي نضجت. ومع الاسف اذا لم نُبادر الى قطفها سريعاً فالجميع خاسرون، وربما الخاسر الأكبر هو 8 آذار في ظل الترشيحات القائمة».

النفايات

من جهة ثانية، تخوض الحكومة اليوم تحدي تنفيذ خطة طمر النفايات التي كادت أن تطمرها، والتي سيبدأ برفعها من الشوارع الى المطامر المحددة لها وسط تهديد بعض منظّمات المجتمع المدني بالتحرّك، فيما تبلغ كمية النفايات المتراكمة في الشوارع 350 ألف طن، وسيستغرق نقلها نحو 45 يوماً، على حدّ قول أحد الوزراء.

وقالت مصادر أمنية لـ«الجمهورية» انّ رئيس الحكومة تمام سلام وجّه الدعوة الى اجتماع وزاري وقيادي أمني موسّع عند الرابعة بعد ظهر اليوم في السراي الحكومي لمناقشة الوضع الأمني العام في البلاد في ضوء المستجدات وما يمكن أن يطرأ عند بداية تنفيذ الخطط الخاصة بمعالجة النفايات الصلبة. وأوضحت أنّ البحث سيتناول مجمل التطورات الأمنية، سواء تلك الناجمة عن التهديدات التي تتحدث عن عمليات ارهابية ومحاولات ضرب الأمن الداخلي في البلد والتهديد الجاثِم على الحدود اللبنانية ـ السورية. كذلك سيتناول البحث التدابير الواجب اتخاذها لتنفيذ قرارات الحكومة في شأن نقل النفايات الى المطامر المحددة لها.

طرق ومدارس

وكان الحراك المدني قرر إقفال الطرق المؤدية الى بيروت ومداخلها صباح اليوم لساعات عدة «تعبيراً عن رفض سياسة الترحيل والمطامر في حلّ أزمة النفايات». ودعا الاهالي الى عدم إرسال أبنائهم الى المدارس.

الّا انّ وزير التربية الياس بو صعب اكد انّ اليوم «هو يوم تدريس عادي». فيما دعا اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة الى «تحييد القطاع التربوي والتعليمي عن كل ما من شأنه ان يؤدي الى بَلبلة في المدارس».

«الداخلية»

الى ذلك، أكّدت مصادر وزارة الداخلية لـ«الجمهوريّة» أن «الوزارة حريصة على الحفاظ على المعادلة التالية: ضمان حقّ التظاهر وحريّة التعبير من جهة، والإلتزام بضمان حقّ الناس بالتنقّل بحريّة وتأمين حمايتهم وعدم تعطيل البلد من جهة ثانية»، مشيرة الى أنّ «الأجهزة الأمنية ستتخذ كل الإجراءات الضرورية لحماية حياة المواطنين».

مرجع أمني

وقال مرجع أمني رفيع لـ«الجمهورية»: «التعليمات أعطيت الى القوى الأمنية لمَنع قطع الطرق بأيّ طريقة، بالحسنى أولاً، ومن ثم بما تقتضيه الظروف التي ترافق الوضع، ولكلّ حادث حديث».

«أمل» و«العصبة»

أمنياً، علم انّ لقاء عقد أمس بين ممثلين عن قيادة حركة «أمل» و«عصبة الأنصار»، هو الاوّل من نوعه. واللافت انّ توقيت هذا اللقاء جاء غداة التطورات الاخيرة التي شهدها بعض المخيمات، ولا سيما منها مخيم عين الحلوة. ورجّحت مصادر اطلعت على ما دار في هذا اللقاء أن يُفضي الى إيجابيات لاحقة.