أقر مجلس الوزراء اللبناني وبالاجماع في جلسة استمرت سبع ساعات، برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام، الذي كان دعا إليها ليل أول من امس، لاستكمال البحث في ملف النفايات، وعلى وقع احتجاجات مدنية حاشدة في ساحة رياض الصلح القريبة من السراي الكبيرة، خطة لطمر النفايات ومعالجتها ومدتها 4 سنوات. ويجري خلالها وضع خطة للحل المستدام.
وقضت الخطة بالموافقة على انشاء مراكز موقتة للطمر في كل من برج حمود والبوشرية ومصب نهر الغدير، واعادة فتح مطمر الناعمة لشهرين لاستيعاب النفايات المتراكمة ويتحدد في وقت لاحق مركز لمعالجة النفايات في كل من الشوف وعاليه، وتوزيع نفايات بيروت الادارية على المراكز المستحدثة في برج حمود وكوستا برافا اضافة الى مكب صيدا.
كما قضت الخطة بتكليف وزيري الداخلية والمال اعداد مشروع قانون للحوافز التي ستعطى الى البلديات التي يتواجد فيها مطامر ومعامل لمعالجة النفايات وهي: برج حمود والبوشرية - الجديدة والشويفات وبرج البراجنة والشوف وعاليه وذلك بعد الاتفاق على مراكز المعالجة، واقتطاع من حساب الصندوق البلدي المستقل 6 دولارات عن كل طن من النفايات المتراكمة والتي ستوضع في مطمر الناعمة.
وكان الرئيس سلام اكد وجوب اقرار الخطة بالاجماع، وحينها سحب وزراء حزب «الكتائب» تحفظهم عنها. ورافق اقرار الخطة بحث مطول تناول التوافق على الحوافز المالية للمناطق التي ستستقبل النفايات.
وترك أمر معالجة مسألة اعادة فتح مطمر الناعمة موقتاً لرئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط.
وكان موضوع الخطة تابعه من خارج الجلسة، زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري وكذلك جنبلاط مع الرئيس سلام لتذليل العقبات التي تعترض التوافق، وهما لعبا دوراً اساسياً لانضاج الخطة.
وغاب عن الجلسة وزيرا الخارجية جبران باسيل والمهجرين (والعدل بالوكالة) أليس شبطيني.
ولدى خروج الوزير الكتائبي الآن حكيم من الجلسة اعلن ان الحزب «تحفظ عن الخطة لأن هناك نواقص وافخاخاً والخطة سلقت سلقاً».
وكان وزير التربية الياس بو صعب قال لدى دخوله السراي الكبيرة للمشاركة في الجلسة، إن «سوكلين الشركة الوحيدة المؤهلة لرفع النفايات»، مشدداً على «أننا لن نقبل باستمرار الأمر كما هو، نريد مناقصات». ولفت الى أن «أي اتحاد بلديات جاهز للانسحاب من الحل المطروح هو حر، وهذا ما شددنا عليه».
وكانت الدعوة الى جلسة مجلس الوزراء تمت بعد اجتماع اللجنة الوزارية لإدارة النفايات الصلبة ليل أول من امس، وخروج وزير الداخلية نهاد المشنوق للإعلان أنه «تم حل 99 في المئة من أزمة النفايات في الجلسة»، وقول وزير الصناعة حسين الحاج حسن بعد الجلسة إن «أزمة النفايات في طريقها إلى حل بعد موافقة النائب طلال إرسلان على إقامة مطمر في كوستا برافا».
وعلى وقع الجلسة الماراتونية لمجلس الوزراء، أسف النائب ارسلان إلى أنّ «السلطة تريد فرض مطمر للنفايات في منطقة كوستا برافا ووضع الناس أمام خيارات ضيقة، إمّا ترك النفايات في شوارع الشويفات والضاحية أو قبول مطمر في كوستا برافا، ونحن نقول حاميها حراميها». وأعلن انه سيعقد اجتماعاً تشاورياً مع تيمور جنبلاط قبل ظهر اليوم في الشويفات، يحضره وزيرا الزراعة أكرم شهيّب والصحة وائل أبو فاعور ومشايخ المنطقة والفاعليات البلدية والحزبية والاختيارية وهيئات المجتمع المدني، للبحث في مستجدات ملف النفايات والقرارات الصادرة.
وكانت «خلية الأزمة» في الشويفات التي تضم الأحزاب السياسية والمخاتير والجمعيات الأهلية، رفضت في بيان أول من أمس، «وبشكل قاطع استخدام أي أرض أو بحر تقع في نطاقها البلدي والجغرافي لأغراض الطمر أو الحرق تحت أي ذريعة أو مسمى كان، وبأي شكل من الأشكال، حفاظا على سلامة أهلنا في الشويفات والأوزاعي وحماية سلامة الطيران المدني وحفظ كرامة الدولة اللبنانية في الملاحقة التي ستتعرض لها في حال مخالفة اتفاقية برشلونة وتعديلاتها». ودعت إلى اعتصام عند مثلث خلده في الرابعة بعد ظهر اليوم.
الحراك المدني يعود بزخم إلى الشارع ويلوّح مع «الكتائب» بإقفال الطرق غداً
طغى ملف النفايات على ما عداه من ملفات الساحة اللبنانية، ليشكل الموضوع الأبرز، ليس على المستوى السياسي فحسب، وإنما بالنسبة إلى المواطنين الذين ضاقوا ذرعاً بالروائح الكريهة المنبعثة من أكوام النفايات التي تكدَّست في شوارع العاصمة وضواحيها. وعلى وقع جلسة مجلس الوزراء الماراتونية التي عقدت أمس، عاد الحراك المدني إلى ساحة رياض الصلح مجدداً، رفضاً لحل المطامر المبدئي والمحارق، في مسيرة ضمت آلاف المواطنين انطلقت من ساحة ساسين في الاشرفية برزت فيها في شكل خاص مشاركة حزب «الكتائب»، بانتظار ما سيصدر عن الجلسة المخصصة لبحث أزمة النفايات لتحديد الخطوات اللاحقة.
ووصل المتظاهرون حاملين الأعلام اللبنانية، مرددين هتافات ورافعين لافتات حملت على السلطة السياسية والنواب وعلى الفساد والحلول غير البيئية لأزمة النفايات.
كما طالب بعض الهتافات الكتائبية رئيس الحكومة تمام سلام ووزير البيئة محمد المشنوق ورئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر بالقيام بعملهم وإلا الاستقالة.
وطالب المتظاهرون الحكومة باعتماد سياسة الفرز من المصدر وتشغيل مراكز المعالجة الموجودة في مناطق عدّة، ومن اللافتات المرفوعة: «لأنن عم يشنقونا كل يوم... ليصبح المشنوق اسماً على مسمّى»، «خنقتونا لبنان مش زبالة»، «25 سنة وبعدنا عم نطمر حالنا»، «تفعيل أجهزة الرقابة الـ3 يوقف هدر المال». وعبّر مشاركون عن عدم ثقتهم بالسياسيين ولا بالحلول التي يتوصّلون إليها، واعتبروا أن «السياسيين يريدون إعادة الامور إلى سوكلين للاستمرار في السرقة والسير بمبدأ المحاصصة وإتمام الصّفقات».
واستبق وصول المتظاهرين إلى ساحة رياض الصلح تجمّع مجموعات الحملات، منها «جايي التغيير»، «طلعت ريحتكم» على وقع بث أغان وطنية عبر مكبرات للصوت وسط إجراءات أمنية مشدَّدة أمام السراي الكبيرة حيث وقف عناصر القوى الأمنية خلف عوائق الحديد لمنع المتظاهرين من التقدّم نحو السراي، كما عزّز عناصر الجيش المولجون حماية المجلس النيابي إجراءاتهم الأمنية.
ورفض المتظاهرون اقتراح المطامر الصحية باعتبار أن لا مطامر صحية، مطالبين بحل بيئي مستدام قائم على الفرز من المصدر باعتبار أن ذلك عنصر مهم وأساسي من عناصر برنامج إدارة النفايات الصلبة. ودعا المتظاهرون الأهالي الى عدم إرسال أولادهم الى المدارس يوم غد، ملوحين بأنهم سيقفلون كل الطرق «من أجل صحتنا».
وطالبت نقابة موظفي وعمال مرفأ بيروت بـ «إزالة أكوام النفايات في المكب المستحدث فوراً عن مداخل المرفأ ومحيطه والعمل على رش المبيدات والمعالجة الصحية السليمة في هذا الإطار، وهذا دور وزارة الصحة والمنظمات البيئية». ودعت «مجلس الإدارة إلى المبادرة الفورية لاتخاذ القرار بإخلاء منطقة المباني الإدارية ومحيطها من الجهاز البشري الإداري إلى منطقة أكثر أماناً صحياً وبيئياً (تأهيل مبنى الصناعيين في المنطقة الحرة)». ونبّهت من «إضراب تحذيري ومواقف تصعيدية تعلن في وقت قريب إذا بقيت الأمور على حالها».