يثير الكلام الروسي الرسمي الأخير حول "جمهورية فدرالية" في سوريا، الكثير من التساؤلات حيال مستقبل ذلك البلد كما حيال مستقبل دول المنطقة على وجه العموم، خاصة تلك التي تحوي بذور انفجار أقلياتها الدينية والعرقية.

 

لم يصدر الكلام الروسي عن موظف بسيط في الرئاسة او الخارجية، بل هو صدر عن نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف، في الوقت الذي تكثف فيه موسكو من حربها على الفصائل السورية المسلحة.

يطرح الكلام الروسي، بغض النظر عن ظروفه وجديته، قضية الفدرالية على بساط البحث الجدي، في الوقت الذي أَطلَق فيه ما سمّي "الربيع العربي" العنان لطموحات الأقليات في العالم العربي، ما يطرح بجدية قضية مستقبل وحدة الأقطار العربية وما اذا كان ذلك لمصلحة الشعوب العربية أم مقدمة الى تفتيت ما هو مقسم.

هل الشعوب العربية حاضرة لتطبيق الفدرالية في بلادها؟

يُعرف رئيس قسم العلوم السياسية في الجامعة الأميركية الدكتور هلال خشان، الفدرالية بكونها "لامركزية سياسية"، فتقسم الدولة الى: أقاليم، ولايات، مقاطعات، يتمتع كل منها بنظمه وقوانينه الخاصة عبر حكومته. وإذا كان هناك نوعان للفدرالية، مركزية وغير مركزية، فإن القرار يبقى للمركز في سياسات ثلاث: الدفاعية والخارجية والمالية.

ويعود التزام الشعوب في الأنظمة المتقدمة بقوانين الفدرالية الى شعور قومي يجمع بين بعضها البعض، تضاف إليه «المواطنية» والمسؤولية التي يتمتع بها هؤلاء السكان والاحترام الذي يكنونه لقوانين بلادهم.

هنا يكمن الفارق بين تلك الشعوب والشعوب العربية التي تغيب عنها هذه الالتزامات. وفي كل الأحوال، لا يزال امام العرب الكثير والكثير من الزمن والتضحيات لكي ترتقي بأنظمتها الى مرحلة الديموقراطية، بحسب خشان.

ففي أوروبا مثلا، جاءت الثورة الصناعية لكي تنتقل بشعوبها من المرحلة الإقطاعية، حيث الاعتماد على المزارع، الى المرحلة الصناعية، حيث الاعتماد على العمال. وقد أدت تلك الثورة الى انتفاء الحدود بين المجتمعات التي باتت في حاجة الى العمال الذين ألغوا، بتنقلهم بين المجتمعات، الحدود في ما بينها. أدى هذا الامر في أوروبا الى إنشاء مجموعات جديدة من البشر تلتقي في ما بينها على مفهوم الأمة، حسب خشان.

أما في المجتمعات العربية، فإن شعوبها تعودت على طبيعة الدولة المركزية، برغم اعتبارها عدوة لها. كما ان المنطقة حكمت منذ قرون طويلة من قبل حكم مركزي في مراحل مختلفة من تاريخها، تتخذ منه حاميا لها في مقابل تقديم المال والجند له، وقد عاشت شعوبها ككتلة متكاملة في منطقة مفتوحة على التنقل بين منطقة وأخرى..

من هنا، لا زاد لشعوب المنطقة لكي تؤسس دولة متقدمة، وستعيش الشعوب العربية حروبا طويلة قبل التوصل الى حكم ديموقراطي، علما ان هذا الامر قد اتخذ نحو 400 عام في أوروبا على سبيل المثال لكي تتوصل الى ديموقراطيتها، شيئا فشيئا..

لقراءة المقال كاملًا إضغط هنا

( السفير)