غرابة في الشكل وواقعية بالمضمون، فمن الغرابة بمكان أن تعتصم عائلة النائب السابق حسن يعقوب أمام مبنى السفارة الإيرانية في بيروت مطالبة السفير الإيراني «محمد فتح علي» بالتدخل للإفراج عن ابنها بعدما أوقفه القضاء اللبناني لتورطه في خطف هنيبعل معمر القذافي.
فحسن يعقوب موقوف في لبنان من قبل قضاء لبناني فيما السفير محمد فتح علي هو سفير لإيران مقيم في لبنان، إلا أن هذه الغرابة تتبدد إن تأملنا المضمون، فالكل يعلم وإن أنكر أن السفير الإيراني في بيروت يمكنه أن يوجه أوامر مباشرة إلى حزب الله وأن الأخير يمكنه أن يوجه أوامر مباشرة إلى الدوائر الحكومية اللبنانية وبالتالي فإن ما بين غرابة الشكل وواقعية المضمون، فإن عائلة حسن يعقوب اختارت القناة الفعالة للإفراج عن ابنها.
إلا أنه وبعيدا عن واقعية رؤية عائلة يعقوب لواقع الحال في لبنان والهيمنة الإيرانية الواضحة فإن الفضيحة الكبرى تمثلت بما نقل عن السفير الإيراني «محمد فتح علي» على لسان عائلة يعقوب أنه وعدهم بالتدخل لمعالجة الأمر...؟! فتصريح الدبلوماسي الأول في سفارة إيران ببيروت في اللغة الدبلوماسية يعتبر خطأ فادحاً لأن مطلقه إما أنه تواقح على لبنان وسيادته وكرامة اللبنانيين ومؤسساتهم الشرعية أو أنه تغابى في قضية القواعد الدبلوماسية التي عليه أن يلتزم بها في عمله على رأس السفارة ببيروت، فالقضاء اللبناني والذي من المفترض أن يكون سلطة مستقلة لا يمكن للرؤساء والوزراء والنواب في لبنان أن يتدخلوا بأحكامه حري به أن يكون مستقلا وممانعا بوجه وقاحة دبلوماسي يعمل على الأرض اللبنانية إلا إن كانت السفارة الإيرانية ببيروت قد تحولت إلى مقر للانتداب الإيراني وبات السفير «محمد فتح علي» المندوب الايراني السامي على لبنان. وهنا يبرر دور الحكومة اللبنانية ووزير خارجيتها جبران باسيل في توضيح الأمر ووضع النقاط على حروف الوقاحة الإيراينة إلا في حال قررت الحكومة اللبنانية الاستمرار في سياسة النعامة التي تدفن رأسها بالتراب.
المصدر عكاظ