في مؤشر جديد إلى تضعضع «القبضة الحديد» لتنظيم «داعش»، كُشفت أمس لوائح بأسماء آلاف العناصر من المتطوعين في صفوفه والذين وصلوا من عشرات الدول الأجنبية للقتال في سورية والعراق. وتُعتبر اللوائح بلا شك «كنزاً» لأجهزة الاستخبارات، إذ إنها لا تتضمن فقط اسم المتطوع وكنيته، بل أيضاً عنوانه في الدولة التي جاء منها، وطريقة تهريبه إلى سورية، وأسماء الأشخاص الذين «يكفلونه» وأرقام هواتف لأفراد من العائلة يمكن الاتصال بها عند الضرورة.
وفي حين قالت أجهزة أمن غربية إنها تدرس اللوائح والأسماء الواردة فيها، أفادت «سكاي نيوز» البريطانية إنها حصلت على ملفات المتطوعين والبالغ عددها 22 ألفاً محفوظة في «ذاكرة» إلكترونية، أمّنها «منشق» عن «داعش» أراد كشف عدم صلة التنظيم بالإسلام. وأشار موقع «زمان الوصل» السوري المعارض إلى أن الملفات التي حصل عليها أيضاً تتضمن فعلاً 22 ألفاً لكنها عبارة عن أسماء وملفات متكررة، موضحاً أن عدد المتطوعين الذين تتناولهم الملفات يقع في حدود 1700. وعلى رغم أن الملفات تعود إلى العام 2014 عندما كان «داعش» ما زال يطلق على نفسه إسم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، إلا أن قيمتها «الاستخباراتية» تظل مرتفعة نظراً إلى الكم الهائل من المعلومات المتعلقة بالمتطوعين. وهي تذكّر في الحقيقة بـ «الكنز» الذي حصل عليه الأميركيون في تشرين الأول (اكتوبر) عام 2007 عندما حصلوا على «ملفات سنجار» التي ضمت تفاصيل عن 700 متطوع التحقوا بـ «القاعدة في بلاد الرافدين» بين العامين 2006 و2007 ودخلوا إلى العراق عبر الأراضي السورية من خلال معبر قريب من سنجار.
وذكرت «سكاي نيوز» في تقرير من تركيا إن الملفات تكشف أن المتطوعين في صفوف «داعش» وصلوا من نحو 51 دولة، بما فيها بريطانيا، وأنهم سلّموا التنظيم معلومات مفصلة عن خلفياتهم قبل تطوعهم، وتم تسجيلها في ملف شخصي يحوي 23 سؤالاً لكل متطوع. وبعض المتطوعين من بريطانيا معروفون في وسائل الإعلام ولدى أجهزة الاستخبارات مثل عبدالباري عبدالمجيد المصري الأصل والذي كان مغنياً للراب قبل سفره إلى سورية عام 2013 مروراً بليبيا ومصر وتركيا. وهو اشتهر في وسائل الإعلام عندما نشر على صفحته في «فايسبوك» صورة شخصية مع رأس مقطوعة. وبين الأسماء البريطانية أيضاً جُنيد حسين الذي قُتل بغارة على الرقة العام الماضي، ورياض خان (من ويلز) الذي التحق بسورية عام 2013 وقُتل لاحقاً.
وتتضمن الملفات ملاحظات في شأن المتطوعين الذين عليهم الإجابة عن سؤال يتعلق بما إذا كانوا يريدون أن يكونوا «مقاتلين» أو «انغماسيين» أو «استشهاديين». ونشرت «زمان الوصل» أسماء 122 شخصاً من هؤلاء الذين تطوعوا لأن يكونوا «استشهاديين» بمجرد وصولهم إلى سورية. وتضمن ملف «ابو عبيدة اللبناني»، الذي اطلعت عليه «الحياة»، إشارة إلى أنه يحمل الجنسية الأسترالية وجاء بـ «مكتوب من الشيخ أبو بكر العراقي لإرساله إلى حلب» وأنه يشكو من «ضعف النظر» و «لا يرى في الليل» و «لا يعرف غير قيادة السيارات الأوتوماتيكية» لكنه جاء ليكون «استشهادياً»، ما يعني أن التنظيم كان عليه أن يتدبر آلية تُقاد بطريقة أوتوماتيكية إذا ما أراد اللبناني - الأسترالي أن يفجّر نفسه بها.
ولفتت «سكاي نيوز»، إلى أن عدداً من الأرقام الواردة في اللوائح ما زالت تعمل، وأن كثيراً منها تستخدمه عائلات المتطوعين. وكشفت أنها حصلت على اللوائح من شخص يدعى «أبو حامد» كان سرقها من مسؤول شرطة الأمن الداخلي في «داعش» الذي كان يضعها على جهاز حفظ صغير (ذاكرة إلكترونية). ونقلت عن «أبو حامد» أنه التحق بـ «داعش» من صفوف «الجيش الحر» لكنه اكتشف أن ممارسات التنظيم ليست لها علاقة بتعاليم الدين الإسلامي وأنه يُدار من جنود سابقين في الجيش البعثي للرئيس الراحل صدام حسين.
وقال المنشق إن التنظيم ينهار في سورية حالياً وإنه يستعد للانسحاب من معقله في مدينة الرقة في اتجاه البادية السورية ومنها إلى العراق.
وفي برلين (أ ف ب)، رجّحت الشرطة الجنائية صحة القوائم التي تتضمن اسماء العناصر الألمان الذين التحقوا بـ «داعش». وقال متحدث باسم الشرطة الجنائية: «ننطلق من مبدأ أن الأمر يتعلق على الأرجح بوثائق صحيحة ونحن نأخذها في الاعتبار في إطار ملاحقاتنا الجنائية وإجراءاتنا الأمنية».