لا بد من الرياض وإن طال الإنقلاب. هذه الدرس الذي فهمه قادة التمرد الحوثي وفق الوقائع الميدانية على الارض ووفق التطورات السياسية التي حملتها الاسابيع الماضية.
فكان قرار الانقلابيين بالحوار مع السلطات السعودية والبحث معهم في كيفية العودة من الانقلاب الى تطبيق مندرجات خطة السلام في اليمن التي رفضوها سابقاً، والتي تقوم اساساً على قرار الامم المتحدة ٢٢١٦.
اللافت ان الحوثيين هم من قرر تسريب خبر التفاوض، وربما حاولوا بشكل طفولي جعله يبدو كإنتصار على السعودية التي ذهبوا اليها وجلسوا على أرضها وتفاوضوا مع قيادتها وفق شروطها وليس وفق شروطهم!
تسريب خبر التفاوض، الذي ينطوي على إقرار بإنسداد افق مشروع الانقلاب، دفع بالايرانيين الى بعث رسائل تطمين لحلفائهم، لتهدئة إندفاعتهم نحو حل سياسي بشروط المملكة. فقال نائب رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية، الجنرال مسعود جزائري في مقابلة مع وكالة "تسنيم" للأنباء إن إيران قد تدعم الحوثيين بنفس أسلوب دعمها للقوات الحكومية في سوريا، ملمحاً الى إحتمال أن ترسل طهران مستشارين عسكريين إلى اليمن!
وقبل ذلك، كان التصريح الغريب لأمين عام حزب الله حسن نصرالله الذي لم يُفهم حتى في اوساط حزبه ومؤيديه حيت اعلن أن اشرف واعظم عمل قام به هو خطابه عن اليمن في اليوم الثاني لإنطلاق عاصفة الحزم، وتجرؤه على القول إن معاناة اليمنيين أكبر من معاناة الشعب الفلسطيني وأن حربه هناك اهم من حرب تموز!!
ربما الآن يُفهم هذا التصريح بوصفه محاولة رشوة لفظية كبيرة قدمها نصرالله للحوثيين حين بدأ يتنبه الى أن الأمور لا تسير على ما يرام بالنسبة للميدان اليمني! وفي المعلومات أن مخابرات الحزب تدقق في الجهة اليمنية التي سربت شريط مدرب حزب الله في اليمن وكيفية وصوله ليد السعودية وثم بثه عبر قناة العربية وقنوات لبنانية!
غير أن هذه الرشى لم تأتِ أوكلها! ففي تصريح غير مسبوق نوعاً وسقفاً حذر طالب يوسف الفيشي (أبو مالك)، الذي يعد من قيادات الصف الأول في حركة الحوثيين، (عضو ما تسمى اللجنة الثورية العليا) إيران من التدخل في الشؤون اليمنية، داعياً رعاته الى "السكوت وترك الاستغلال والمزايدات بملف اليمن".
عوامل عدة ساهمت في وصول الحوثيين الى هذه القناعة، أبرزها نجاح الحملة العسكرية في ضرب البنية العسكرية للانقلابيين، ونجاح الحصار في قطع خطوط امدادهم. غير ان الاشارة السياسية التي عززت من قناعة الحوثيين ان لعبة الانقلاب وصلت إلى نهايتها الفاشلة كانت قرار حكومة عبد ربه منصور هادي تعيين علي محسن الاحمر المقيم في الرياض، نائبا للقائد العام للقوات المسلحة. تعيين الاحمر يسحب من يد الحوثيين الورقة التي راهنوا عليها وهي في خلو الجسم السياسي والعسكري الموالي للرياض من شخصيات شمالية يمكنها ان تعطي شرعية لأي عملية عسكرية في صنعاء او لأي عملية سياسية تنهى الازمة اليمنية. حتى تعيين الأحمر كان عبد الملك المخلافي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية هو الشخصية الشمالية الأعلى الى جانب الشرعية وهو لا يحظى بالحضور القبلي والعشائري والسياسي الذي يحظى به الاحمر! ثم شكلت اتصالات ولقاءات الفريق الاحمر مع قيادات المقاومة وشيوخ القبائل في صنعاء صفعة كبيرة للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ورسالة واضحة للحوثيين أن الإنقلاب إنتهى، وأنهم يملكون الفرصة للقفز من قارب صالح المثقوب.
وفي السياق، يؤكد الإنهيار الحاصل في جبهة تحالف الحوثيين - صالح ما نقلته صحيفة الشرق الاوسط عن مصادر قيادية في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه إن لقاءاً موسعاً لقيادات الحزب، سيعقد قريباً في مصر، للنظر في الوضع القيادي للحزب الذي بات مختطفا بيد صالح. وقال الشيخ سعود سعيد اليوسفي، نائب رئيس فرع حزب المؤتمر الشعبي في محافظة مأرب، إن مواقف معظم قيادات الحزب "مع الشرعية وضد الانقلاب".
يدرك الحوثيون أن صالح إنتهى والمعلومات المتداولة تفيد أنه فتح دفاتره القديمة باحثاً في عاصمة خليجية عن مخارج لعائلته على أن يغادر هو الى أميركا تحت ستار العلاج!
اليمن… خريف الإنقلاب
اليمن… خريف الإنقلابنديم قطيش
NewLebanon
مصدر:
المدن
|
عدد القراء:
802
عناوين أخرى للكاتب
مقالات ذات صلة
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro