منذ أن فُتحت الحرب في اليمن , فتح أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله النار على المملكة العربية السعودية بطريقة مباشرة وشبه يومية مع كلّ خطبة مناسبة تشييع أو ذكرى جثامين عائدين مستشهدين حيث يجب أن يموتوا دفعاً أودفاعاً عن لبنان وايران وفلسطين وزوداً عن سوريا والعراق واليمن وقتالاً للارهاب وقتلاً للارهابيين الاسلاميين الجهاديين .
أبّان الحربين العراقية والسورية لم يستحضر السيّد السعودية بحدّة كما استحضرها في المسألة اليمنية وكشف من خلالها عن عمق القتال في اليمن وعن وعورة العلاقات الايرانية – السعودية وعن أذى المملكة لمصالح ايران في المنطقة وتفردها في محاربة ما تسميه المدّ الايراني المجوسي في أرض النبيّ العربي محمّد بن عبد الله (ص) مع كتلة عربية واسلامية هائلة لم تتوفر طيلة التاريخ العربي حتى للرئيس الاستثنائي عبد الناصر نفسه طيلة فترة زعامته للأمّة .
يبدو أن السيّد مؤمن بحساسيّة المسألة اليمنية وبحساباتها السياسية على ضوء النتيجة التي قد تحسم فيها الأمور لصالح السعودية باعتبار أن ميزان القوى راجح لدول التحالف المدعوم من المجتمع الدولي بما فيهم روسيا الواقفة على الحياد اليمني احتساباً منها لعلاقة مرجوة مع دول الخليج وتحديداً العربية السعودية .
من شأن النتائج اليمنية أن تطال حروب المنطقة بمعنى أن المنتصر هناك سيكون له شروط هنا ومما يعني أن الحروب استنزفت طاقات في الفراغ السياسي ولم تستطع السياسة ملء ما حفره الدم من عمق وجود وحضور في سوريا خاصة .
اذا كان اليمن أسير أمن المملكة الاستراتيجي وعملية بناء سلطة خارج أسوار الأمن السعودي مستحيل عربياً و اقليمياً ودولياً, لأن ذلك يؤثر على مملكة محروسة من قبل الجميع ولا طاقة لأحد في ارضاء اليمن على حساب السعودية .
واذا كانت سورية محكومة في جميع أحوالها السياسية والأمنية والعسكرية لأكثرية سُنية أفاقتها الحرب الضروس فيها على سنيتها المفقودة منذ حكم البعث لها, فان الصيغ المطروحة والمحتملة والقابلة للتنفيذ هي لصالح هذه الأكثرية التي لن تكون أبداً في المجال الايراني واعطاء ايران حصّة الأقليات في سورية هو بمثابة جائزة ترضية لا أكثر .
وحده العراق سيبقى في المجال الايراني رغم صعوبة المشاركة فيه من قبل عرب السُنة لتغذية شهية قيام اقليم سُني مشابه للاقليم الكردي ظناً منهم بأنه الحلّ الأمثل والأفضل من شراكة ناقصة ولن تكتمل .
من هنا يتبين حجم حضور المملكة في دول تعتبر مراكز قوّة ايران الاقليمية وذهابها وضياعها يضع ايران خارج المشهد الاقليمي المؤثر في منطقة الشرق الأوسط لذا لن يتمّ التعاطي مع السعودية بنبرة عالية فحسب بل بما هو أبعد من ذلك بكثير وسوف تكشف الأيام المقبلة طبيعة الصراع معها بطرق تتجاوز حدود السياسة والمواقف اللاذعة لأنها تلعب في ملعب محسوب بدقة بالنسبة لجمهورية تزن مصالحها بماء الدم .