يشكل صمت المجتمع الدولي على ممارسات حزب الله الخطيرة في لبنان والمنطقة إشارة له للتمادي أكثر، حيث لم يسجل أي موقف دولي فعلي يعترض على ما يقوم به الحزب الشيعي من تعطيل للحياة السياسية في لبنان، أو لإرساله مقاتلين إلى سوريا أو اليمن أو غيرهما من الدول العربية.
واقتصرت الولايات المتحدة على الإعلان من حين لآخر عن إدراج بعض عناصره أو مقربين منه على لائحة الإرهاب، وهي إجراءات ليست بجديدة ولم تؤت ثمارها إلى حد الآن في وقف تجاوزات الحزب المستمرة.
وحتى اتفاق وقف الأعمال العدائية في سوريا الذي صاغته كل من واشنطن وموسكو لم يكن على قدر التحدي الذي يشكله هذا التنظيم، حيث تمت الإشارة له ضمن القوى العسكرية الحليفة للنظام، رغم ارتكابه جرائم موثقة لا تقل بشاعة عن تنظيمي داعش والنصرة اللذين تم استثناؤهما من الاتفاق.
ووجهت مؤخرا الولايات المتحدة الأميركية انتقادات ضمنية للملكة العربية السعودية حيال الإجراءات العقابية التي اتخذتها مؤخرا بحق لبنان.
ويقول البعض كان الأولى بواشنطن أن تمارس المزيد من الضغوط على حزب الله، بدلا من إرسال مثل هكذا رسائل مجانية له.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة أبلغت حليفتها السعودية عن “قلقها” حيال قرار المملكة الرجوع عن تقديم مساعدات إلى لبنان.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية جون كيربي خلال مؤتمر صحافي إن واشنطن أعربت للرياض عن “قلقها حيال قطع المساعدة العسكرية السعودية عن لبنان”، من دون المزيد من التفاصيل عن فحوى “المحادثة الدبلوماسية”.
وأشار كيربي إلى أن “دعم القوات المسلحة اللبنانية أمر مهم لإيجاد توازن مع حزب الله ورعاته في الخارج” في إشارة إلى إيران.
وشدد المتحدث الأميركي على أن “القوات المسلحة اللبنانية تستحق من الأسرة الدولية الاستمرار في دعمها”.
وجمدت السعودية في فبراير مساعدات بقيمة ثلاثة مليارات دولار للجيش اللبناني بعد موقف الخارجية اللبنانية في جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الإسلامي في يناير الماضي حين رفضت إدانة إيران على خلفية التهجم على سفارة السعودية بطهران وقنصليتها بمشهد.
وعكس هذا الرفض حقيقة مفادها أن القرار اللبناني بات مصادرا من قبل حزب الله وحليفه الاستراتيجي التيار الوطني الحر (يملك حقيبة وزارة الخارجية).
ويرى متابعون أن على الدول الغربية أن تكون أكثر حزما في مواجهة الحزب الذراع الرئيسية لإيران، فلبنان يحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى وقفة حاسمة تعيد سلطة القرار إليه بعد أن باتت رهين طهران.
ويلفت هؤلاء إلى أن الدول الخليجية لم تكن ترمي من إجراءاتها الأخيرة إلى معاقبة اللبنانيين، وإنما كان الهدف الأساس هو الضغط لإعادة البوصلة إلى نصابها بعد أن باتت متجهة كليا صوب إيران.
وأكد مسؤولون سعوديون وخليجيون أن لبنان يقع ضمن أولوياتهم وأن ما قاموا به هو محاولة لحث الطبقة السياسية على المسك بزمام الأمور في هذا البلد الذي تحاول إيران إخراجه عن مداره العربي.
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن ما يجري من حديث عن عقوبات أخرى قد تطال لبنان مثل طرد الجاليات اللبنانية في الدول الخليجية ليس صحيحا.
وأوضحت المصادر أن المعنيين بهذا الإجراء فقط من تثبت علاقتهم مع الحزب الذي تم تصنيفه مؤخرا تنظيما إرهابيا من قبل دول مجلس التعاون الخليجي.
وشددت على أن الغطاء الدولي مازال قائما في لبنان، فليس من صالح أي طرف اليوم ضرب الاستقرار في هذا البلد وهو أمر متفق عليه بين الدول العربية والغربية وخاصة فرنسا وواشنطن.
وأكد وزير الدولة الفرنسي لشؤون مجلس النواب جان ماري لوغوين خلال لقاء جمعه مؤخرا برئيس المرصد اللبناني للعلاقات الدولية والاستراتيجية وليد عربيد أن “فرنسا عملت وستعمل على إبقاء لبنان بعيدا عن التداعيات السلبية لأزمات المنطقة بواسطة مظلة أمن واستقرار”، مشددا على “ضرورة أن يبادر اللبنانيون وينتخبوا رئيسا للجمهورية يساهم في تعزيز هذه المظلة الدولية”.
ويعرقل حزب الله انتخاب رئيس للبلاد عبر مقاطعة نوابه وحلفائه لجلسات الانتخابات التي وصلت إلى 37 جلسة محققة بذلك رقما قياسيا جديدا.
ويرى مراقبون أن الحزب يهدف من خلال ذلك إلى ضرب مؤسسات الدولة تباعا تمهيدا لإقامة نظام يتوافق وأجندة وحسابات داعمته طهران.
وتباهى، الأربعاء، نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني العميد حسين سلامي بامتلاك حزب الله لترسانة من الصواريخ في رسالة اعتبرت موجهة ليس فقط لإسرائيل بل للدول العربية.
وقال العميد سلامي بعد إطلاق مختلف أنواع الصواريخ الباليستية لقوات الحرس الثوري في اليوم الثاني من المرحلة الأخيرة للمناورات الصاروخية “اقتدار الولاية” الجارية في المنطقة العامة لصحراء قم (وسط)، “حينما يختزن حزب الله أكثر من مئة ألف صاروخ، فإن للجمهورية الإسلامية الإيرانية عشرات أضعاف ذلك من الصواريخ من مختلف الأصناف وإن هذا الاقتدار لن يتوقف”.
وتعتمد إيران بشكل أساسي على الحزب الشيعي اللبناني في تنفيذ مشروعها التوسعي بالمنطقة، حيث يوجد اليوم الآلاف من عناصر الحزب في سوريا، كما أن هناك أدلة دامغة على وجود مدربين ومستشارين له يساعدون المتمردين الحوثيين في اليمن، فضلا عن اكتشاف خلايا نائمة تابعة للحزب، على مر السنوات الأخيرة، في كل من الكويت والبحرين والسعودية.