هل هو غضبُ المُنهزم , أو غضبُ الغريزة بخلفية تاريخية مليئة بالتناقضات المفاهيمية , أو غضب المُدافع عن الشرف العربي بخلفية ثقافية حكمت السلوك الاجتماعي العربي منذ إنبلاج فجر العرب وما زال هذا العنوان يفتك بالحريات العامة والخاصة وحقوق الانسان في العالمين العربي والاسلامي , ولطالما إرتُكبت جرائم ومورس العنف تحت عنوان جرائم الشرف والعنف الاسري بحجة الحفاظ على الكرامة والشرف , وإلى الآن مازالت هذه الثقافة تُلقي بظلالها السلبية غير الوارفة على المواطن العربي .
إن المُلفت في الصراع الحالي بين لبنان من جهة متمثلا بحزب الله , وبين العرب وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية هو الموقف الاميركي الذي يلقي اللوم على المملكة بوصف موقفها بأنه متسرّع , وفيه ظلم , مما جعل المملكة تبحث عن علّة لموقفها يقنع الاميركي بصوابية ما تتخذه المملكة من إجراءات حول لبنان , فكان آخر ما إستحسنه وزير الخارجية السعودي " الجبير " أن السبب الذي دفع المملكة لإتخاذ مواقفها من لبنان هو إطلاق صراح ميشال سماحة , وصرّح وزير الخارجية السعودي , أن قرار إطلاق سراح الإرهابي ميشال سماحة من قبل المحكمة العسكرية , يدل على أن الجيش اللبناني غير مستقبل عن نفوذ حزب الله , وهذا الذي دفع السعودية إلى تجميد وإلغاء الهبة الممنوحة للبنان .
فبين الغضب السعودي الخليجي وبين الرحمة الاميركية المشروطة طبعا , ينبغي على المعنيين بالصراع إعادة الحسابات , بناء على المعيار الذي أطلقه الامام الخميني رحمه الله , عندما قال : إذا قالت أميركا : لا إله إلا الله فلا تصدقوها .
هذا المعيار هو صحيح من جهة أن اميركا تتبنى دين المصلحة ولا شغل لها بدين السماء إلا بقدر ما يُستثمر لمصلحتها , فقد تقول أميركا لا إله إلا الله بناء على ما تراه مناسبا لمصالحها , وقد تكفر بلا إله إلا الله أيضا بناء على ما تراه مناسبا لمصالحها , هذه النقطة الجوهرية في السياسة الاميركية التي لم يفهمها أحد من أطراف الصراع الحالي في المنطقة , وهي واضحة بذلك ولا تستحي به , والفرق بيننا وبين أميركا أننا نؤمن بدين المصلحة والمنفعة سرّا وباطنا , ونعلن الايمان بلا إله إلا الله , ونعلن تمسكنا به , وكل سلوكنا متناقض مع لا إله الا الله , وهذا سرّ إخفاقنا وإنكسارنا في الداخل فضلا عن إخفاقنا مع الآخر .