لم يكن ينقص قطاع الاتصالات في لبنان إلّا أن تكشف «لجنة الإعلام والاتصالات» النيابية، أمس، عن وجود عدد من الشركات «المجهولة» التي تقدّم الانترنت للبنانيين بصورة غير شرعية وقانونية، من خارج إطار قطاع الاتصالات الرسمي، ومن مصادر مجهولة!

وكشف رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله، في مؤتمر صحافي عقده مع وزير الاتصالات بطرس حرب، بعد اجتماع اللجنة أمس، أن «هناك بعض الجهات والشركات عمدت إلى تركيب تجهيزات ضخمة في بعض الجرود ومرتفعات بعض المناطق اللبنانية، وتعمد هذه التجهيزات الى أخذ الانترنت من الخارج ومن ثم تزويد المواطنين باشتراكات غير شرعية وغير قانونية». وأضاف فضل الله أن «وزارة الاتصالات، كما تبلغنا من معالي الوزير حرب، عمدت إلى اتخاذ مجموعة من الاجراءات وزوّدت النيابة العامة التمييزية والنيابة العامة المالية والأجهزة الأمنية بملف كامل، وأيضاً سلمت الوزارة إلى لجنة الإعلام والاتصالات ملفاً كاملاً حول هذه الخروق في مجال الانترنت».
كلام فضل الله عكس النقاشات التي دارت خلال جلسة اللجنة، بعد أن عرض حرب تقريراً مفصّلاً عن عمل الوزارة خلال المرحلة الماضية، والتقدّم الذي حققته والعثرات التي تواجه قطاع الاتصالات. إلّا أن الحديث حول مسألة الشركات المجهولة وغير الشرعية أخذ حيّزاً مهماً من النقاش، خصوصاً أن وزارة الاتصالات كانت قد أخذت علماً قبل مدة بهذه المخالفات التي تحمل أخطاراً أمنية بالغة، إضافة إلى «لاشرعيتها» المالية، ولم تتحرّك الأجهزة الأمنية حتى اللحظة للتحقق من الأمر. وعلمت «الأخبار» أن شركات لا تزال غير معروفة قامت بتركيب هوائيات و«آنتينات» لالتقاط شبكة الانترنت من جهات مجهولة أيضاً، في جرود تنورين وجرود الضنية، وهذه الجهات تقوم بتزويد المشتركين بالانترنت من خارج قطاع الاتصالات الرسمي.
وكشف حرب خلال الجلسة عن هذه المعلومات، بعد تقرير عمل الوزارة، الذي تبيّن فيه أن أعداد الشركات التي تزوّد الانترنت بشكل قانوني (isp) ارتفع من 37 إلى 112، مع وجود أعداد غير معروفة من الشركات التي تزوّد المواطنين بالانترنت بصورة غير شرعية.


شركات غير معروفة قامت بتركيب هوائيات لالتقاط الانترنت من جهات مجهولة



ووضع فضل الله المخالفات في إطارين: الأول أمني، و«جميعنا يذكر شبكة الباروك التي جرى وضع اليد عليها في الماضي، وتبين أن هناك شبكة تجسّس إسرائيلية كبيرة على لبنان من خلال ما عرف بشبكة الباروك، واليوم هناك شبكات مماثلة. لكن لن نستبق التحقيقات لكي نكشف عنها ولن نوجّه اتهامات الآن لأحد، لكن هناك مخاطر حقيقية، وقد تكون هذه الشبكات مخروقة من قبل العدو الاسرائيلي، أو حتى من قبل أي جهة تريد أن تتجسّس على لبنان». وفي الإطار الثاني، أشار رئيس اللجنة إلى أنه في المخالفات «هناك تهرّب كبير من دفع الرسوم والاموال العائدة للدولة اللبنانية، ونعرف أن قطاع الانترنت هو اليوم من القطاعات الانتاجية في لبنان».
بدوره، أشار حرب إلى أنه «بلغنا من معلومات ومن شكوى حول قيام أشخاص لا نعرفهم بعد بمّد شبكات وخدمات للإنترنت للخدمات الهاتفية واللاسلكية في لبنان بطرق غير شرعية»، وأنه قدم شكوى حول الأمر إلى النيابة العامة التمييزية وإلى النيابة العامة المالية فوراً و«طلبنا إجراء التحقيق اللازم في هذا الأمر... وسأبلغ أنا شخصياً الأجهزة الأمنية المختصة، قبل القضائية، لاتخاذ التدابير والحيطة، لئلا يستعمل هذا الأمر في أي طرق للاعتداء على لبنان، وأمن اللبنانيين أو الدخول في أسرار اللبنانيين».
كلام حرب عن إبلاغ الأجهزة الأمنية لا يعفي المسؤولين من مسؤولية تأخر التحرّك لوقف هذه الإنشاءات ووضع اليد عليها، قبل الشروع في المسار القضائي. ويمكن التساؤل هنا عن السبب في تأخر إجراءات الملاحقة حتى اجتماع اللجنة أمس، علماً بأن هذه الشركات غير شرعية وغير مرخصة ومصادر الانترنت فيها مجهولة المصدر، وقد بعثت وزارة الاتصالات رسائل إلى اللجنة بتاريخ 4 آذار الجاري، ولم يتم التحرّك حتى يوم أمس. وبمعزلٍ عن المخاطر الأمنية لتفلّت مصادر الانترنت في البلاد، وقد سبق أن عانى لبنان من الاختراقات الإسرائيلية، يمكن السؤال أيضاً عن كيفية قيام أشخاص أو جهات بتركيب معدات لاستقبال الانترنت من دون مراجعة الاجهزة المتخصة أو الحصول على التراخيص المطلوبة، في وقت لا توفّر فيه الجهات الرسمية ورشة بناء صغيرة من الملاحقة.