رأى زعيم «تيار المستقبل» الرئيس السابق للحكومة اللبنانية سعد الحريري «أننا نمر حالياً في مواجهة كبيرة بين دول الخليج العربي وإيران جراء التدخلات الإيرانية السلبية في شؤون العديد من الدول العربية»، واصفاً الإجراءات الأخيرة لدول مجلس التعاون الخليجي بأنها ليست بسبب غضب هذه الدول من لبنان وإنما بسبب خوفها عليه، وقال: «هم اتخذوا هذه الإجراءات بعد اكتشافهم العديد من الخلايا التخريبية التابعة لحزب الله في البحرين والسعودية والكويت».
وأشار الحريري خلال استقباله في «بيت الوسط» وفداً موسعاً من فعاليات ورؤساء بلديات ومخاتير وكوادر منسقية «تيار المستقبل» في البترون وجبيل، إلى أن «حزب الله» يعتبر نفسه إمبراطورية، يحق له ما لا يحق لغيره»، وقال: «لدى طرح أي موضوع أو مسألة حساسة في مجلس الوزراء يصر وزراء الحزب على حصول إجماع وزاري لاتخاذ قرار بخصوصها، ولكن ذهاب الحزب للقتال في سورية أو العراق أو اليمن قرار يتفرد به الحزب من دون أن يسأل رأي أي لبناني فيه».
واعتبر الحريري أن «حزب الله ليس بإمكانه تقرير مصير سلاحه بنفسه، لأن القرار بخصوصه ليس بيده، وإنما بيد النظام الإيراني، والتسوية على مصير سلاح الحزب إقليمية صرفة، ولذلك فإن تغيير العقد أو النظام السياسي لن يغير في الواقع شيئاً وسيبقي الانقسام قائما في البلد». وشدد على «أننا نرفض الانجرار إلى حملات التصعيد وتأجيج مشاعر الناس وملاقاة البعض في مواقفهم التحريضية ضدنا، لأننا في النهاية نتحمل المسؤولية بكل جدية، ونمثل الناس الطيبين الذين ذاقوا ويلات الحروب الأهلية ومآسيها ويرفضون تكرارها»، معتبراً أن «مشاركة حزب الله بالقتال إلى جانب النظام السوري ضد الشعب السوري هي ضرب من الجنون».
ورأى الحريري أن «المشكل السياسي القائم في لبنان حالياً ليس بسبب النظام السياسي المرتكز الى دستور الطائف، كما يحلو للبعض توصيفه من وقت لآخر، وإنما بسبب وجود سلاح غير شرعي مع طرف لبناني دون سائر الأطراف الأخرى، الأمر الذي يبقي الأوضاع مترجرجة وغير مستقرة، وترهيب السلاح يهيمن على واقع البلد من كل الجوانب»، مشدداً على أن «عقداً سياسياً جديداً لن ينفع ما دام فريق لبناني يحمل السلاح غير الشرعي، ولكن المهم أن نصل إلى تسوية سياسية، ونحن من هذا المنطلق طرحنا مبادرتنا لانتخاب رئيس للجمهورية». وقال: «صحيح أن اتفاق الطائف أنهى الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان لسنوات، لكن وجود السلاح أمر خطير وسيف سيبقى مسلطاً على السلم الأهلي في لبنان، والكل يعلم أننا من جانبنا نرفض حمل السلاح أو اللجوء إليه في بت الخلافات السياسية».
وإذ لفت إلى أن «البلاد تعيش حرباً باردة على صعيد الانقسام السياسي السائد حالياً»، قال: «المشكل القائم ليس بالعقد أو النظام السياسي، بل لأننا نتأثر بمجريات الحرب الدائرة في سورية وتداعياتها، ولا أحد بإمكانه التكهن إلى أين تتجه الأزمة في سورية، على رغم تدخل روسيا في الحرب».
وأكد الحريري «أننا نخاف على لبنان وحريصون عليه، ونقتدي بمسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي رفض رفضاً مطلقاً إنشاء أي ميليشيا وأصر على تعليم الشباب وتسليحهم بالعلم والمعرفة في ذروة الحرب الأهلية بدلاً من انخراطهم في صفوف الأحزاب والميليشيات المسلحة». وقال: «البلد يمر حالياً بمرحلة حساسة جداً، ولكن على رغم كل ذلك لبنان قادر على النهوض بتماسك أبنائه ومن خلال إيمانهم بصيغة العيش المشترك». وقال: «نحن نريد كسب لبنان الدولة والوطن، الدولة بكل مقوماتها، والوطن لكل اللبنانيين، وأنتم تمثلون بلدات تؤمن وتطبق صيغة العيش المشترك قولاً وفعلا، ونأمل في أن ننجح بالخروج من هذه الأزمة على رغم كل الصعوبات التي تعترضنا».
وكان الحريري التقى وزير المال علي حسن خليل وعرض معه التطورات السياسية. كما التقى السفير البابوي لدى لبنان غبريال كاتشيا في حضور داود الصايغ ونادر الحريري وجرى بحث ملفات محلية وإقليمية. والتقى الوزير السابق فيصل كرامي وأقام على شرفه مأدبة غداء. وشدد كرامي لدى مغادرته على «حاجة البلد إلى كل الجهود الطيّبة والنوايا الحسنة من أجل النهوض مجدداً»، مشيراً إلى «أن العلاقة مع الرئيس الحريري لم تنقطع منذ العام 2009 حين زار والدي برفقة نادر الحريري في منزلنا، وقال الرئيس كرامي في حينه «اتفقنا على أن لا نختلف»، وبالفعل وجدنا أن ما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا، تجمعنا المصلحة الوطنية ومسألة ترتيب البيت السنّي إذا صحّ التعبير. وأثنينا على الجهود التي يقوم بها الرئيس الحريري لإطفاء نار الفتنة ولمّ الشمل وترطيب الأجواء، وأكدنا أننا إلى جانبه في كل ما يساعد على حلحلة الأزمات في لبنان».
واعتبر أن «الانتخابات البلدية تمثل استحقاقاً داهماً، وكان هناك تطابق في وجهات النظر حول ضرورة إشراك كل القوى السياسية في طرابلس بهذا الاستحقاق، وإبعاد السياسة عنه، ووعدنا الرئيس الحريري بأنه بعد إنجاز هذه الانتخابات سيكون هناك جهد للنهوض اقتصاديا بالمدينة». ورداً على سؤال، أكد «أن الحريري وكل القيادات حريصون على أفضل العلاقات مع المملكة العربية السعودية لأن ذلك من مصلحة لبنان، والحريري لم يوفر جهداً من أجل الوصول إلى هذا الهدف».