سلام يدعو نصرالله للكف عن مهاجمة السعودية , والازمة إلى تزايد
السفير :
تكاد الحرب العالمية المفترضة على «داعش» تتحول الى ما يشبه الأسطورة. يحكى عنها كأنها جرت، ولكن نتائجها الهزيلة الى الآن، تظهرها كأنها لم تحصل. لا بل إن عصابات هذا التنظيم الإرهابي الأكثر غموضاً وتسلحاً وتفوقاً، تبادر الى شن هجمات واسعة ومؤلمة لا على مساحات الجبهة الممتدة ما بين سوريا والعراق فحسب، بل تتعداها وصولاً الى تونس بالأمس، واليمن ومصر ولبنان وليبيا والكويت وإندونيسيا قبلها.
الصفة «العالمية» للحرب تبدو خرافة لا أكثر. لا بل إن هذه «العالمية» تحديداً هي التي تؤجل أو تؤخر ـ لأسباب متنوعة ـ المواجهة الكبرى التي يمكن ان تخاض مع هذا التنظيم الآخذ في استقطاب المزيد من الأتباع خلف رايته السوداء، كلما تأجلت المنازلة الحاسمة معه.
وصار من الطبيعي أن يذهب كثيرون الى القول إن العديد من الأطراف الدولية والإقليمية هي التي تتيح لـ«داعش» التمدد بدل الانكفاء، بسبب تضارب مصالحها وسياساتها الإقليمية وارتباط بعضها، بتيارات الجهاد التكفيري. ولعل المثالين الأكثر بروزاً هنا، تركيا والسعودية، بما تمثلان من حاضنة، حتى لو كانت غير معلنة، في التمويل تارة، وفي التسهيل والتسليح والدعم الإعلامي، وفي الرفد الإيديولوجي. ولهذا، يكون من الغريب الرهان على الانتصار في معركة ضد تنظيم إرهابي بمثل هذه الوحشية والامتداد، فيما الحاضنة ذاتها ما زالت قائمة، ومرشحة لتكوين أجيال جديدة من الإرهابيين العابرين للحدود.
وفي هذه الأثناء، فإن «داعش» يتمدد، اللهم إلا إذا استثنينا بعض المنازلات العسكرية التي تلقّى فيها ضربات مثلاً في جرود القلمون، أو في الحسكة وبعض أرياف حلب وبعض نواحي العراق، من دون أن يعني ذلك تلاشي قدرته على المبادرة والهجوم والتوحش.
ولا مفر من التذكير بأن عجلة التصعيد ضد «داعش وأخواته» تدحرجت بشكل أكثر جدية بعد الاقتحام الروسي للمشهد السوري والإقليمي في 30 أيلول من العام 2015. لكن السؤال الأساسي هو ماذا كان «التحالفان» القائمان والمختلفان ما بين سماء العراق وسوريا يفعلان؟ علماً أن «داعش» بدأ ينتشر في العراق في كانون الثاني العام 2014 بالسيطرة على الفلوجة والرمادي قبل أن يتوّج غزواته باحتلال الموصل في حزيران من العام ذاته.
وماذا سيضيف «التحالف الإسلامي» الذي أعلنته الرياض من جهتها؟ وأي استراتيجية ستجمع هذه التكتلات العسكرية الهلامية للتعامل مع المرحلة الجديدة بعدما فرض الروس إيقاعات التسوية بمسار مختلف عما كان يجري؟ وعلى ماذا سيلتقي السعودي والتركي والروسي والأميركي والإيراني في مسارات الحرب الطويلة ضد «داعش وأخواته» بينما تتباين - بل تتعارض - الأهداف المتوخاة من هذه الحرب «العالمية» وأنماط استغلالها سياسياً؟ ولماذا يصر الأميركيون حتى الآن على أنهم لا يتشاركون مع الروس أهدافهم العسكرية، لكنهم في الوقت ذاته ينسقون معهم؟
كما من الضروري فهم مغزى الإنكار الأميركي - برغم الإلحاح الروسي - للدور الرئيسي الذي يقوم به الجيش السوري والحلفاء، من إيران و «حزب الله» في مواجهة التنظيمات الإرهابية (المتفق عليها)، تماماً مثلما هو من الضروري فك ألغاز العرقلة الأميركية المستمرة لمحاولات الجيش العراقي مدعوماً من «الحشد الشعبي» تحرير المناطق التي احتلها «داعش»، بينما وفّرت واشنطن الكثير من الدعم لمقاتلي «البشمركة» للسيطرة على المزيد من الأراضي في الشمال العراقي! الالتباسات كثيرة ومن بينها أيضاً، القبول الأميركي الضمني بالتحذير التركي من تقدم المقاتلين السوريين الأكراد نحو مدينة أعزاز في الشمال السوري، ما أوقف المعارك عند أبوابها!
ولهذا، وربما بسبب كل ذلك، لا تبدو المعركة الموعودة في الموصل والرقة وشيكة بعدما سلّم الجميع بتداخل ساحاتهما. لكن «الغول الداعشي» يذهب في الاتجاه الآخر، يضرب في بغداد نفسها، ويكاد يقترب من المطار. ويحاول المبادرة في إربد الأردنية. ويتمدد تدريجياً في عدن «المحررة» بفضل الحنكة السعودية. ويحشد في ليبيا المتروكة لمصيرها منذ تآمر عليها بعض «الأخوة العرب» باسم «تحريرها من المستبد». وها هي الأساطيل الأوروبية تتهيأ مجدداً لغزوها باسم «تحريرها الثاني».
نهاية «داعش» مؤجلة، لا بسبب صلابتها، وإنما بسبب راية إسلامها المشوه المراد لها كما يبدو أن ترفرف في ربوع ديار العرب والمسلمين، إذ أينما رُفعت حل الخراب وفُتحت خزائن المال من أجل السلاح، والقبض على مقدرات الأمة بأبشع ما عرفته منذ «استقلال» دولها. كبار المسؤولين الأميركيين ، وبينهم الجنرال ريموند أوديرنو، قالوا إن هزيمة «داعش» قد تتطلب من 10 الى 20 سنة. يتفق معه الرئيس السابق للاستخبارات مايكل مورين. وزير الدفاع السابق ليون بانيتا اعتبر أن هذه الحرب قد تتطلب 30 سنة! وأن مسارحها قد تمتد الى الصومال واليمن ونيجيريا وليبيا. آخرون قالوا إنها ما بين 3 الى 5 سنوات. لا يبتعد القادة الأوروبيون عن التقديرات الأميركية. يقولون أيضاً إن المعركة شاقة وتتطلب سنوات.
لن تختلف نهاية «داعش» المفترضة، عن بدايتها، في غموضها والتباسها، تماماً كغموض «الحرب العالمية» المعلنة عليها بكل تناقضاتها وارتباكاتها وخباياها.
ولعل ما جرى في تونس، بالأمس، وما يجري على جبهات القتال كافة، يقود الى طرح سؤال يثير قلق كثيرين، وهو: هل يمكن فعلاً إلحاق الهزيمة بـ «داعش» أبو بكر البغدادي؟
معركة طويلة
يرى المحلل الأمني في مؤسسة «جيرمان مارشال فاوند» الأميركية أيان ليزر، في حديث الى «السفير»، أن «من المبكر الحكم على عدم نجاح الحملة على داعش... فهذا صراع طويل الأجل».
ويعتقد ليزر أن «الأسباب في عدم هزيمة داعش حتى الآن هي أننا أمام حملة معقدة تتداخل فيها عوامل كثيرة ومتشابكة، فهناك الصراعات المحلية، وهناك الانتشار الجغرافي الواسع للصراع الذي يجعل المهمة صعبة».
وبحسب ليزر فإنه «لا يمكن التكهن بإطار زمني لإلحاق الهزيمة بداعش، ولكن من دون شك، فإن ذلك سيتحقق، في نهاية المطاف، في سوريا والعراق وليبيا».
وفي المقابل، يعتقد ليزر أن القضاء على التهديد الأمني لتنظيم «داعش» في المجتمعات الغربية، وأماكن أخرى، سيتطلب وقتاً أطول، باعتبار ان هذه المهمة «أكثر تعقيداً وأطول أجلاً».
قدرة على «التمدد والبقاء».. والاختراق
حديث ليزر عن الصراع الطويل الأمد ربما تكون من أسبابه الأساسية قدرة التنظيم التكفيري على التمدد والبقاء، فبرغم الحملات العسكرية المتعددة الجنسيات ضد «داعش»، إلا أنه ما زال قادراً على فتح جبهات أبعد من سوريا والعراق.
هذا ما حصل في مصر، على سبيل المثال، حيث أصبح «داعش» يشكل «تهديداً قائماً وليس محتملاً»، كما يقول الخبير المصري في شؤون الحركات الإسلامية أحمد بان لـ «السفير»، الذي يرى أن هذا التهديد مثلث الزوايا، سواء في ليبيا غرباً، وهي تُعتبر «ممراً لداعش إلى مصر وليست هدفاً بحد ذاته»، أو في سيناء شرقاً والسودان جنوباً، ناهيك عن الخلايا النائمة في الداخل المصري.
ويبدو واضحاً أن «داعش»، بحسب التجارب السابقة، يجيد اتباع تكتيك التمدد، في كل مرّة كانت تطورات الميدان في سوريا والعراق تشهد تحولات معينة.
وعلى سبيل المثال، فإن «ولاية سيناء» تشكلت مباشرة بعد تشكيل ما يعرف بـ «التحالف الدولي» ضد الإرهاب من قبل الولايات المتحدة، و «ولاية القوقاز» جاءت مباشرة بعد انطلاق «عاصفة السوخوي» الروسية. وربما تكون الهدنة السورية، المستثنى منها «داعش» وأخواته، قد دفعت التنظيم المتشدد الى استدراج «الأعداء» الى الجبهة التونسية.
ويقول المحلل السوري والخبير في الحركات الإسلامية حسام الدين شعيب إن «التدخل الروسي في سوريا غيّر المعادلة، وزاد الضغط على داعش، الأمر الذي دفعه إلى البحث عن خطط بديلة للاستمرار والبقاء».
قدرة «داعش» على التمدد ترافقها خطة جاهزة للاختراق، حينما تسمح الظروف.
ويقول احمد بان إن خطة «داعش» في مصر، على سبيل المثال، «تقتضي تحريك كل الأجنحة في وقت واحد مع إشعال الجبهة الداخلية باستغلال أي فرصة أمنية أو سياسية تتيح لهذه الأجنحة إشعال الموقف».
هذا الأمر شهده العراق، وما زال، ومن آخر فصوله الاختراق «الداعشي» للمقدادية والحلة ومدينة الصدر.
ولكن القيادي في قوات «الحشد الشعبي» العراقية كريم النوري يقول لـ «السفير» إن «اختراق المناطق السكانية لا يتعلق بالوضع العسكري، وهو لا يعني أن داعش يحقق الانتصارات»، مضيفاً «هم يحاولون بطريقة وأخرى إلحاق الأذى بالمواطنين لأنهم يعتبرون الوصول الى المناطق الرخوة سهلاً».
اختلاف الأجندات الدولية
لكن القدرات العسكرية والاستراتيجية لـ «داعش» ربما لا تكون كافية لتحديد أسباب بقائه وتمدده. وثمة سؤال يطرحه كثيرون منذ ثلاثة أعوام هو كيف تبقى كل جيوش العالم وأجهزة استخباراته عاجزة عن دحر هذا الخطر؟
يعتقد حسام الدين شعيب أن «مقولة أن العالم عاجز عن هزيمة داعش خاطئة نظرياً وتطبيقياً.. فالأصح القول إن العالم أو القوى المتنفذة في العالم لا تريد إنهاء داعش وإنما الاستفادة من وجوده أطول فترة ممكنة، الأمر الذي يجعل تقدير فترة المعركة ضده مرتبطة بمصالح هذه الدول».
وتتفق وجهة أحمد بان، بشكل أو بآخر، مع الرأي السابق، قائلاً إن «التباينات والتناقضات بين القوى الكبرى وفّرت، بجانب حالة الفوضى الأمنية والسياسية التي اجتاحت دولاً مثل سوريا والعراق، بيئة مثالية للتنظيم الإرهابي وغيره من التنظيمات الإرهابية».
كذلك، يرى المحلل السياسي البحريني حسن العالي، في حديث الى «السفير»، أن «القوى العظمى التي تحارب داعش لا تعطي شعوراً بأنها تبذل جهوداً جدية للقضاء على هذا التنظيم، لا بل تعطي شعوراً بأنها مستفيدة من وجوده لاستنزاف ثروات الدول».
ويرى انه «لو كانت هناك جدية، لاستطاعت أميركا وغيرها من الدول التي تملك كل هذه الأساطيل والطيارات أن تدحر داعش»، ليخلص الى القول إن هذا التنظيم ربما يكون له «دور لم يُستنفد حتى الآن».
انطلاقاً من هذا التعارض والتشكيك يرى أحمد بان أن «هزيمة داعش بحدها الأدنى لن تحدث إلا بالتنسيق بين القوى الإقليمية والدولية، وإنهاء حالة التناقض والتباين القائمة»، إنه «لا يمكن الحديث عن استراتيجية موحدة للقضاء على داعش في ظل التشتت بين أجندات روسية وأميركية وإيرانية وتركية إزاء هذا التنظيم الذي يركّز على استفادته من هذه التناقضات».
ولكن الأمر لا يقتصر على التباينات السياسية. وبحسب ما يقول الباحث الأردني المتخصص في الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية لـ «السفير» فإن «أسباب عجز العالم عن إلحاق هزيمة بداعش تتعلق بحسابات الكلفة والمنافع»، فالدول الكبرى، برأيه، «تفضل عدم استخدام قوات برية وتكتفي بالضربات الجوية، بجانب الاعتماد على القوات المحلية، وفي المقابل فإن القوات المحلية على الأرض لا تستطيع لوحدها أن تخرج داعش»، ولذلك فهو يرى أن «داعش باق ما دامت التسوية السياسية في العراق وسوريا يحكمها الفشل».
النهار :
قد تكون من غرائب المفارقات اللبنانية ان تأتي المناخات والاجواء والاستعدادات الجارية لاستحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية، الذي يشكل متنفساً ديموقرطياً ملحاً أكثر من أي وقت مضى، لتزيد التعقيدات أمام حل المطامر والشروع في انهاء ازمة النفايات. واذا لم يكن من الجائز والانصاف في أي شكل تغطية تبعة القصور والعجز الحكوميين والتواطؤ والفساد السياسي بكل احماله المتراكمة بالمناخات الاهلية التي ترفض اساسا حل المطامر لعدم تهيئة القوى السياسية الارضية الملائمة له فان ما ابرزته الجهود المحمومة الجارية في الاسابيع الاخيرة عكست صعود العامل الانتخابي بدوره في تعقيد الحل اذ بات من الصعوبة بمكان تجاهل هذا العامل الذي تتداخل فيه الاعتبارات التنافسية مع العوامل الطائفية والمذهبية بما اقتضى نوعا آخر من المعالجات التي تصارع عامل التأخير الكبير الذي أوقع الحكومة في لحظة التوقيت السيئ لتمرير حل المطامر المصطدم مجددا بجدار المجتمع الاهلي.
هذا العامل، الى "الازدواجية " التي تطبع مواقف قوى سياسية من الحل المطروح، استدعيا استنفاراً سياسياً في الايام الاخيرة مع ما أبرزه رئيس الوزراء تمام سلام من ايحاءات وصفت بانها جادة للغاية حيال اتجاهه الى الاستقالة. ولم يكن أدل على جدية اتجاه سلام الى الاستقالة من ايفاد رئيس "اللقاء الديموقراطي " النائب وليد جنبلاط ليل الاحد الماضي وعقب التظاهرة الكبيرة التي حصلت في اقليم الخروب رفضا لاقامة مطمر في المنطقة الوزيرين أكرم شهيب ووائل ابو فاعور في مهمة عاجلة لاقناع رئيس الوزراء بالتريث افساحا لمزيد من الجهود، خصوصا ان معلومات توافرت عن اتجاه سلام في حال تجنبه اعلان استقالة الحكومة الى الامتناع عن توقيع المعاملات عبر اعتكاف طويل. كما ان العودة السريعة للرئيس سعد الحريري من الرياض الى بيروت ليل الاحد ساهمت في احياء دورة جديدة من المساعي الناشطة اذ كرّس الحريري معظم اتصالاته امس لهذه المشكلة والتقى لهذه الغاية وزير المال علي حسن خليل وتناول البحث، على ما علمت "النهار"، جوانب تتعلق بالمعالجات والحوافز التي ترافق حل المطامر. ثم اجتمع الحريري مساء بالوزراء شهيب وأبو فاعور ونهاد المشنوق في حضور السيد نادر الحريري وتركز جانب أساسي من البحث على معالجة عقبات حل المطامر. وافادت معلومات لـ"النهار" ان ملامح ايجابية برزت في الساعات الاخيرة حيال معالجة العقبات التي تعترض الحل في بعض المناطق وان الساعات الـ48 المقبلة قد تحمل تطوراً ايجابياً.
وعبّر النائب جنبلاط في تغريدة عبر "تويتر" عن استيائه من اجواء المزايدات السائدة حيال حل هذه الازمة اذ قال: "على سبيل اخذ العلم والأخبار، ليس هناك أي مشروع لمطمر نفايات في إقليم الخروب، فكفى تقاذف اتهامات وشعارات".
واضاف في تلميح الى المزايدات الطائفية والمذهبية السائدة : " من المحزن والمعيب ان يختزل شعار الشهيد الكبير جبران تويني بهذه الطريقة".
وأبلغ الوزير شهيب لـ"النهار" ان "هناك عدداً من رؤساء البلديات يتصرف كأن الانتخابات البلدية غداً وعددأ آخر لا يمانع في ان تبقى النفايات في الشوارع". واسف لتظاهر ثلاثة آلاف شخص ضد المطامر " فيما هم موافقون على المكبات العشوائية". وشدد على ان القضية لا تقتصر على استخدام المطامر "بل يقوم الحل على معالجة النفايات وطمر ما تبقى منها وهذا ما نطرحه بالاتفاق مع القيادات السياسية والبلديات وخدمة للاخيرة". ولفت الى ان العملية متكاملة " فاذا لم نوجد البديل من موقع الاقليم ماذا نفعل؟ لم نترك وسيلة إلاّ جربناها".
بري وسلام والمملكة
على الصعيد السياسي والديبلوماسي المتصل بأزمة العلاقات اللبنانية – الخليجية، علمت "النهار" ان رئيس مجلس النواب نبيه بري والسفير السعودي علي عواض عسيري تناولا في لقائهما أمس في عين التينة تفاصيل ما وصلت اليه الامور بين لبنان والمملكة العربية السعودية. وحمل بري السفير عسيري رسالة شفوية الى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز من غير ان يكشف مضمونها.
وفي المقابل، أكد الرئيس سلام ان لبنان لن يخرج عن الاجماع العربي، داعياً الامين العام لـ"حزب الله " السيد حسن نصرالله الى عدم مهاجمة المملكة العربية السعودية ودول الخليج. وقال في حديث الى محطة "العربية" مساء أمس: "نحن نسير في حقل الغام والحكومة تعاني كثيراً، وان حزب الله يتدخل في شؤون خارج لبنان ونتمنى ان يعود الى الوطن وأدعو السيد حسن نصرالله الى عدم مهاجمة السعودية ودول الخليج وأتمنى ان يأخذ دعوتي هذه في الاعتبار". كما طالب العرب "بالا يتركوا لبنان" داعياً "الجميع الى عدم أخذ لبنان الى ما لا طاقة له على تحمله".
ويشار في هذا السياق الى ان وزير البيئة محمد المشنوق الذي مثل لبنان في القمة الاسلامية في جاكرتا، التقى أمس وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، وجاء في بيان أصدره المشنوق عن اللقاء انه "لمس ان لا تصعيد سعوديا مرتقبا وان التوتر بين لبنان والمملكة بات وراءنا".
المستقبل :
في مستجدات المشهد المتصل بعلاقات لبنان العربية، برزت خلال الساعات الأخيرة مؤشرات رسمية متقاطعة ترفع منسوب الأمل الوطني بمحاصرة سلبيات هجوم «حزب الله» المتمادي على العرب وعزل رواسبه الإيرانية الشاذة عن المسار التاريخي لهذه العلاقات، بدءاً ممّا عكسه تأكيد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أنّ إجراءات المملكة لا تستهدف «الحكومة اللبنانية«، مروراً بما تضمنه «الكلام الممتاز» الذي عبّر عنه رئيس الحكومة تمام سلام مساءً وفق تقويم مصادر ديبلوماسية عربية لـ«المستقبل»، وصولاً إلى ما نقلته مصادر لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري مع السفير السعودي علي عواض عسيري من «أجواء ممتازة» خيّمت على اللقاء. في وقت كان الرئيس سعد الحريري يضع الإجراءات الخليجية الأخيرة بحق لبنان في إطار «الخوف عليه وليس الغضب منه»، معيداً على المستوى الداخلي التصويب على أمّ المشاكل الوطنية المتمثلة بمشكلة «السلاح غير الشرعي»، بينما أبدى الحريري في معرض التمسك «قولاً وفعلاً» بصيغة
العيش المشترك رفضه التموضع في «قفص» طائفي ومذهبي: «أنا لبناني أولاً، أتشرف أن أكون مسلماً سنياً ولكني أيضاً أمثل كلّ اللبنانيين المسلمين والمسيحيين».
الحريري، وخلال استقباله في بيت الوسط وفداً موسّعاً من فعاليات ورؤساء بلديات ومخاتير وكوادر منسقية «تيار المستقبل« في البترون وجبيل، جدد عزمه على تعزيز مقومات دولة المواطنة قائلاً: «هناك من يفكر بحصر نفسه بزاروب أو حيّ بالسياسة، ولكن حين أقول العيش المشترك فأنا أعيشه في كل لبنان وأمارسه وأتنفسه، وإن كان هناك من يريد وضعي في قفص طائفتي ومذهبي فأنا لا أوضع في قفص». وإذ لفت إلى أنّ البلد يعيش «حرباً باردة على صعيد الانقسام السياسي»، أشار الحريري إلى أنّ المشكلة ليست بالنظام المرتكز على دستور الطائف إنما في «وجود سلاح غير شرعي مع طرف لبناني» بحيث لا ينفع مع بقائه «أي عقد سياسي جديد»، مشدداً في الوقت عينه على كون «حزب الله» لا يمتلك تقرير مصير سلاحه لأنّ «القرار بخصوصه بيد النظام الإيراني» والتسوية بشأنه «إقليمية صرفة».
وفي إطار لقاءاته السياسية، استقبل الحريري كلاً من وزراء المالية علي حسن خليل، والزراعة والصحة والداخلية أكرم شهيب ووائل أبو فاعور ونهاد المشنوق، فضلاً عن الوزير السابق فيصل كرامي الذي أقام على شرفه مأدبة غداء استعرضا خلالها مختلف المستجدات وأكد كرامي إثر اللقاء الوقوف إلى جانب الحريري «في كل ما يساعد على حلحلة الأزمات».
سلام.. والسعودية
ومساءً برزت على صعيد مستجدات الموقف اللبناني الرسمي تجاه العلاقة مع السعودية، إطلالة لرئيس الحكومة عبر قناة «العربية»، دعا خلالها سلام الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله إلى «عدم مهاجمة» المملكة ودول الخليج العربي، مؤكداً في الوقت نفسه تمسك لبنان الرسمي بعلاقاته التاريخية مع المملكة العربية السعودية، وقال: «رئيس الوزراء في لبنان هو الناطق باسم الحكومة (...) نحن مع الإجماع العربي وهو مصدر قوّتنا ولن نخرج عنه ولن نتخلى عن عروبتنا حتى لو حصل خطأ من هنا أو هناك».
الديار :
كل الاتصالات لفتح «ثغرة» في ملف المطامر لم تنجح، وبقيت الابواب موصدة في وجه الحل نتيجة المحاصصات المالية، وعدم القدرة على تنظيم السرقة بين اركان الطبقة ولا احد يريد التنازل عن حصته لان ملف النفايات هو بمثابة «منجم ذهب».
فالخلافات على «السرقات» وليس على اي شيء آخر، ولان الناس تعرف هذه الحقائق ترفض اقامة مطامر في مناطقها، ولا ثقة لديها بوعود المسؤولين واحاديثهم عن مطامر صحية، وابرز مثال على ذلك مطمر الناعمة الذي خلف كوارث على اهالي منطقة الشحار الغربي، وبأنه قنبلة موقوتة تنبعث منه الغازات المميتة.
لكن السؤال الاساسي، ماذا سيفعل الرئيس تمام سلام امام هذه الطبقة السياسية التي تدرك ان رئيس الحكومة هو «الحلقة الاضعف» في هذه المواجهة، وغير قادر على الاستقالة نتيجة عوامل داخلية واقليمية ودولية، لكن مصادر الرئيس سلام تشير الى عكس ذلك وتؤكد ان الرئيس سلام سيضع اركان طاولة الحوار الوطني غداً خلال اجتماعهم الدوري في عين التينة برئاسة الرئيس نبيه بري بقراره بالاستقالة او بالاعتكاف ويضع الجميع امام مسؤولياتهم، وسنأخذ القرار المناسب والعالي السقف. لكنه لن يصل الى حد استقالة الحكومة، لان هذا القرار ليس بيد الرئيس سلام والارجح الاعتكاف او عدم دعوة مجلس الوزراء الى الاجتماع.
وفي المعلومات، ان هناك «توزيع ادوار» بين القوى السياسية ومناصريهم في القبول او الاعتراض على هذا الملف، فبعد حصول «انفراج نسبي» في ملف مطمر برج حمود والذي يقضي برمي الف طن يومياً من نفايات المتن وبعبدا وكسروان، حتى اعلن الاهالي رفضهم وهددوا بخطوات تصعيدية.
اما المعلومات التي اشارت الى موافقة النائب طلال ارسلان على ازالة اعتراضاته عن مكب كوستا برافا فتبين انها غير دقيقة، ومن المفروض ان يتم رمي قسم من نفايات عاليه والشوف والضاحية في كوستا برافا وبمعدل 1000 طن يوميا، اما مطمر الناعمة فيفتح لعدة ايام فقط ولطمر النفايات المتواجدة على الارض وتقدر بمليون طن، وبعدها لا يستطيع المكب تحمّل اي كمية اضافية. وبالنسبة لمكب «كسارة كجك» في الجية، فالخلاف بين الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط يعرقل الحل. واساس الخلاف رفض وليد جنبلاط اعطاء اي تلزيمات لجهاد العرب، علما ان جنبلاط منع اي تلزيمات للعرب في عاليه والشوف والمتن، وهذا الخلاف المستمر منذ فترة وتفاقم اخيراً وادى الى موقف حاسم من النائب جنبلاط «لا مكب للنفايات في الاقليم» فيما اشار المتعهد جهاد العرب بأن لا مصلحة له بتحويل كسارة كجك الى مكب للنفايات»، علما ان العرب طالب بتلزيمه الكنس والجمع كي يقبل تحويل الكسارة الى «مطمر» وهذا ما رفضه جنبلاط.
وتشير المعلومات «ان الخلاف بين الحريري وجنبلاط في منطقة اقليم الخروب، ليس خافياً على احد، ويعود لسنوات، ويتمثل بخلاف على «التلزيمات» اولا حيث وضع الحريري «فيتو» على تسهيل العمل لشركة رياض الاسعد، شريك جنبلاط، وحرك الحريري عبر احمد الحريري الشارع ضد شركة الاسعد في الاقليم، وتمكن من العرقلة ودفع بجهاد العرب الى الواجهة في اقليم الخروب وطريق الساحل وهذا ما رفضه جنبلاط، خصوصاً ان تيار المستقبل في اقليم الخروب يتقدم على حساب القاعدة الاشتراكية، كما ان تحريض تيار المستقبل على الاشتراكي ظاهر للجميع. وهناك اتهامات للنائب محمد الحجار باثارة الحملة، كما ان الحريري لم يراع الخصوصية الجنبلاطية في الاقليم، وبالتالي فان جنبلاط لن يسمح للعرب ومشاريعه بالامتداد الى هذه المنطقة وتجيير العمل الى مكاسب سياسية، لصالح المستقبل.
لكن اللافت ان الموقف الجنبلاطي حظي بدعم شعبي كبير من المجتمع المدني الذين تظاهروا رفضاً للمكب ودعمهم جنبلاط بموقفه الحاسم لا مكب في الاقليم.
هذه «اللوحة» لملف النفايات تؤكد ان ابواب الحلول موصدة، والجميع بدأ يتبرأ من الحل فماذا سيفعل سلام.
ـ ملف النفايات الى المربع الاول ـ
ووفق مصادر سياسية عليمة بان الاتصالات لحلحلة قضية المطامر تمهيداً لحل ازمة النفايات لا تزال تراوح مكانها بل انها عادت لنقطة الصفر من حيث وضع القوى السياسية المعنية العراقيل اما اقامة مطامراو اعادة العمل بمطامر سابقة، اي ان كل قوى سياسية تحرك جمهورها في منطقة نفوذها للاعتراض على اقامة المطامر.
ولاحظت المصادر ان واجهة هذه الاعتراضات هي طائفية من خلال رفض بعض القوى السياسية حصر المطامر في مناطق معينة دون مناطق اخرى ذات لون طائفي آخر، الا ان المصادر اوضحت ان الاعتراض الخفي من عرقلة اقامة المطامر هي المصالح المالية لبعض القوى، وبالتالي فهناك من يصرّ على ان تكون له حصة في تلزيم النفايات. وتساءلت المصادر لماذا المشاركة السياسية بما حصل ويحصل من اعتراضات في منطقة اقليم الخروب.
الا ان المصادر رأت ان لا استقالة لحكومة الرئيس تمام سلام لان اياً من القوى السياسية المشاركة فيها، لا مصلحة له في دفع الحكومة نحو الاستقالة، وكذلك لا مصلحة لهم في تعطيل الحوار، ولذلك اشارت المصادر الى ان ملف النفايات سيبقى هو ايضاً في دائرة «الكباش» بعد ان جرى تسييس هذا الملف. وبالتالي، اصبح من ضمن القضايا الخلافية بين اركان السلطة.
وعلمت من مصادر وزارية ان الحكومة تلقت مؤخراً رسالة ثانية من الحكومة الروسية بالاستعداد لنقل النفايات الى روسيا الاتحادية، وهي الرسالة المماثلة للرسالة الاولى التي تنصّلت السلطات الرسمية الروسية منها. واضافت المصادر ان العودة الى موضوع ترحيل النفايات امر غير وارد. لكنها قالت في الوقت نفسه ان حل المطامر يواجه صعوبات حتى الآن ولا يبدو ان الحسم في هذا الشأن سيكون هذا الاسبوع.
ـ بري والسفير السعودي ـ
اما على صعيد الاتصالات السياسية الداخلية، فقد كان لافتاً امس استقبال الرئيس نبيه بري للسفير السعودي علي عواض عسيري وعلم ان الرئيس بري حمل السفير السعودي موقفاً شفوياً لنقله الى الملك سلمان بن عبد العزيز والجدير ذكره ان الرئيس بري اكد في احاديثه السابقة وكان اخرها من بروكسيل على ضرورة الحوار الايراني - السعودي لحل مشاكل المنطقة.
الجمهورية :
ما كادت تفتح كوّة صغيرة في جدار الأزمة بين السعودية ولبنان تمثّلت بلقاء وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مع وزير البيئة محمد المشنوق على هامش القمة الاسلامية في جاكرتا، في اول اتصال لبناني ـ سعودي عقب اندلاع الازمة بين لبنان ودول الخليج عموماً والسعودية خصوصاً، وتأكيد الجبير أنّ الخطوات التي لجأت اليها بلاده لم تكن تستهدف حكومة لبنان، بل هناك تقدير لرئيسها تمام سلام ولمواقفه، حتى استمرّ التأزم بين الرياض و»حزب الله» الذي واصلَ حملته على السعودية فيما أعاد مجلس الوزراء السعودي التشديد على قرار دول مجلس التعاون الخليجي اعتبار الحزب، بقادته وفصائله والتنظيمات التابعة له والمنبثقة عنه «منظمة إرهابية، نظراً لاستمرار الأعمال العدائية التي تقوم بها عناصر تلك الميليشيات وما تشكّله من انتهاك صارخ لسيادة دول المجلس وأمنها واستقرارها، وممارسات في عدد من الدول العربية تتنافى مع القيَم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية والقوانين الدولية، وتشكّل تهديداً للأمن القومي العربي». أشار رئيس الحكومة تمام سلام الى أنّ «العلاقات العريقة بيننا وبين دول الخليج دائمة ومستمرة ونعمل على تعزيزها». وقال في حديث الى قناة «العربية» ضمن برنامج «بانوراما»: «إنني أعوّل على ما للبنان من مكانة عند خادم الحرمين الشريفين وقادة دول الخليج»، وتوجَّه الى دول الخليج والسعودية في مقدمها بالقول «إنّ العلاقات التاريخية بيننا وبينهم قائمة ودائمة وقوية ونعمل على تثبيتها ولن نُقصّر في ذلك، ولا يمكن أن أقول إنّه وفّقنا بسياسة النأي بالنفس»، لافتاً إلى أنّ «حزب الله مكوّن سياسي أساسي في البلد، وله دور مقاوم أساسي في وجه إسرائيل،
وهو ذهب الى خارج لبنان وتدخّل في شؤون خارجية، وهذا ما أضرَّ لبنان، ونحن نُسائل حزب الله في ذلك، ونطلب منه العودة الى الوطن، لأنّ التجارب التاريخية أثبتت أنّ أيّ جنوح خارجي لأيّ تنظيم يجعل لبنان يدفع الثمن غالياً».
ودعا سلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الى «عدم مهاجمة السعودية ودول الخليج، وأتمنى أن يأخذ دعوتي هذه في الاعتبار»، مؤكداً أنّ «الحكومة الإئتلافية غير قادرة على إلزام أيّ فريق بأيّ شيء، والتوافق يجب أن يكون سيّد الموقف»، لافتاً إلى أنّ «السلاح هو خيار ليس متوافراً، وعلينا السعي بكلّ الوسائل الأخرى لحلّ الأزمة».
واعتبر أنّ «الدولة في أوج ضعفها في ظلّ غياب رئيس الجمهورية، وكلّ عامل يأخذ بعداً إقليمياً لا قدرة للبنان على تحمّله، ووجود «حزب الله «خارج لبنان يؤثر سلباً ويعرّضنا لمزيد من المخاطر». وطلب من الجميع «ألّا يأخذوا لبنان الى ما لا طاقة له على تحمّله، وما يحصل من صراعات في المنطقة كبير جدّاً».
ورأى أنّه «لا يمكن فكّ العلاقة القائمة الآن داخل الحكومة، فذلك يعرّض لبنان للانهيار».
الحريري
وفي السياق، لفت الرئيس سعد الحريري «الى أننا نمرّ حالياً في مواجهة كبيرة بين دول الخليج العربي وإيران جرّاء التدخلات الإيرانية السلبية في شؤون عدد من الدول العربية». واعتبر انّ الإجراءات الأخيرة لدول مجلس التعاون الخليجي» ليست بسبب غضب هذه الدول من لبنان وإنما بسبب خوفها عليه».
وقال الحريري: «هم اتخذوا هذه الإجراءات بعد اكتشافهم عدداً من الخلايا التخريبية التابعة لـ»حزب الله» في البحرين والسعودية والكويت». ورأى انّ الحزب «يعتبر نفسه إمبراطورية، يحقّ له ما لا يحقّ لغيره».
واكد الحريري انّ «حزب الله» ليس بإمكانه تقرير مصير سلاحه بنفسه، لأنّ القرار بخصوصه ليس بيده، وإنما بيد النظام الإيراني، والتسوية على مصير سلاح الحزب إقليمية صرفة. ولذلك، فإنّ تغيير العقد أو النظام السياسي لن يغيّر في الواقع شيئاً وسيبقي الانقسام قائماً في البلد».
فرنسا
وفيما أوضح الجبير أنّ «السلاح الذي تمّ شراؤه من فرنسا بموجب الهبة السعودية سيبقى في عهدة الجيش السعودي»، قال الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسية رومان نادال عن تجميد عقد تسليح الجيش وقوى الأمن: «في ما يتعلّق بآليات تعاوننا العسكري مع لبنان، أدعوكم الى طرح السؤال على وزارة الدفاع. انّ فرنسا متمسّكة باستقرار لبنان الذي تساهم فيه القوات المسلحة اللبنانية، هذا هو هدف عقد التسليح».
وأوضح نادال أنّ زيارة وليّ العهد السعودي الامير محمد بن نايف لباريس كانت مناسبة للتطرّق إلى هذا الموضوع ومواصلة الحوار حول الوضع في لبنان واستقراره.
قهوجي يطمئن
وفي هذه الاجواء، طمأن قائد الجيش العماد جان قهوجي اللبنانيين «إلى أنّ الجيش هو قويّ اليوم أكثر من أي وقت مضى، وأنّ الأمن على الحدود وفي الداخل تحت السيطرة، ولا صحّة على الإطلاق للشائعات المغرضة التي تطفو على السطح بين الحين والآخر، حول احتمال اهتزاز الاستقرار في لبنان أو حصول فتنة طائفية ومذهبية تذهب بالوطن الى المجهول، فقرارنا حازم في منع تدحرج كرة النار الإقليمية إلى لبنان، وسنضرب بيد من حديد أي محاولة تهدف إلى إحياء مشاريع الفوضى والتفرقة والتقسيم، أو الإطاحة بصيغة العيش المشترك والوحدة الوطنية.
وسيبقى الجيش في أعلى جهوزيته على كلِّ جبهات المسؤوليات والواجب: من مكافحة الإرهاب على الحدود، إلى الدفاع في وجه إسرائيل ومخططاتها، إلى بسط الأمن والاستقرار في الداخل».
الشباب والرياضة
وفي أوّل خطوة تتصل بالإجراءات التي باشَرتها دول مجلس التعاون الخليجي بإقصاء لبنان عن النشاطات العربية والإقليمية المشاركة في الورش العربية التي تستضيفها، حجبت دولة الإمارات العربية المتحدة سِمات الدخول عن الوفد اللبناني المشارك في فعاليات برنامج ملتقى الشباب العربي الأول للمجموعات التطوعية في دبي، والذي شكّلته وزارة الشباب والرياضة لتمثيل لبنان في هذا المنتدى المقرّر عقده بقرار من مجلس الشباب والرياضة العرب في جامعة الدول العربية الذي عقد قبل فترة.
وذكرت الأنباء الواردة من الإمارات العربية انّ سمات الدخول حجبت ايضاً عن الوفدين التونسي والجزائري، ما يوحي بأنّ القرار شملَ ممثلي ووفود الدول التي اعترضت على تصنيف «حزب الله» بمنظمة ارهابية، وهو ما ألحقَ هذه الوفود بالوفود السورية التي أقصيَت عن مختلف النشاطات التابعة للمؤسسات والمنظمات الإقليمية التابعة للجامعة العربية منذ شطبها عن لائحة الدول في الجامعة العربية قبل ثلاثة اعوام.
حناوي
وأسف وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي للقرار الذي أعاق سفره الذي كان مقرراً في الساعات المقبلة الى دبي. وقال لـ«الجمهورية»:»كنت أتمنى إعطاء الوفد اللبناني سمات الدخول الى مثل هذه التظاهرة الشبابية العربية التي تجمع شبّاناً وشابّات من مختلف دول العالم العربي».
وأكد انه «كان من الأفضل التعاطي مع حدث من هذا النوع بروح رياضية لا سياسية».
حوار وحكومة ونفايات
سياسياً، تشخص الانظار مجدداً الى جلسة الحوار بين اقطاب الكتل النيابية والتي تنعقد غداً في عين التينة، في وقت لم يسجّل أي انفراج لا على خط الازمة الرئاسية ولا الحكومية على خلفية ملف النفايات.
وأمس، نشطت الحركة السياسية في البلاد فزار السفير السعودي علي عواض عسيري رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي استقبل وزير الصحة وائل ابو فاعور موفداً من رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط ، فيما حطّ المعاون السياسي لبري وزير المال علي حسن خليل في «بيت الوسط» وعرضَ مع الحريري آخر التطورات.
وشدد الحريري على أنّ «الحوار يخفّف الاحتقان، ويبقي الباب مفتوحاً لأيّ تسوية، وخصوصاً في مسألة انتخابات رئاسة الجهورية». وأضاف: «صحيح أننا نمرّ بمرحلة صعبة ودقيقة، لكننا نسعى الى انتخاب رئيس للجمهورية، لأنّ استمرار الفراغ هو خراب للبنان»، لافتاً إلى أنّ انتخاب رئيس أقرب ممّا نتصوّر».
جنبلاط الى باريس
وكان جنبلاط توجّه أمس الى باريس في زيارة رسمية يلتقي خلالها غداً الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في قصر الإليزيه للبحث معه في مختلف التطورات في المنطقة ولبنان، وتحديداً ما يتصِل بالمساعي الفرنسية المبذولة لإنجاز الإستحقاق الرئاسي في لبنان في ضوء الحراك الذي قادته فرنسا وما زالت لتوفير الأجواء المؤدية الى انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية.
وقالت مصادر الحزب التقدمي لـ«الجمهورية» انّ اللقاء مبرمج منذ زمن بعدما كان الطرفان اتفقا، خلال لقائهما مطلع العام الجديد والذي حضره ايضاً تيمور جنبلاط، على اللقاء مجدداً لتقويم التطورات المحيطة بانتخابات الرئاسة في لبنان وتطورات المنطقة».
اللواء :
بعد غد الأربعاء، يوم آخر في حياة «حكومة المصلحة الوطنية»، فإما ان تفك القوى السياسية المجتمعة خلف طاولة الحوار في عين التينة «أسر النفايات»، أو يرمي، بعد الاجتماع، الرئيس تمام سلام كرة النار في وجه الكتل السياسية ليقول لهم: «كفى تسويفاً وتلاعباً وتوزيعاً للادوار»، وتطييفاً «لقضية وطنية بحجم أزمة النفايات»، هذه الأزمة التي باتت تُهدّد، بدءاً من الكرنتينا، اللحوم والاسماك والخضار والصحة، حيث حضر هذا الموضوع في اجتماعات معالجة النفايات، لا سيما في اللقاء المسائي الذي عقد في «بيت الوسط» بين الرئيس سعد الحريري والوزراء نهاد المشنوق واكرم شهيب ووائل أبو فاعور في حضور نادر الحريري.
وعلمت «اللواء» ان هذا الاجتماع أرسى صيغة حل لازمة النفايات، لكنها تحتاج إلى مزيد من الاتصالات بين الأفرقاء المعنيين، على ان تعلن في جلسة لمجلس الوزراء سيتفق على موعدها، وتكون مؤشراً إلى نضوج هذه الصيغة المطروحة.
وعلم أيضاً، ان البحث تناول حصيلة الاتصالات في ما خص استحداث مطمر للنفايات في الإقليم، وفي إطار متابعة ما جرى عرضه في اللقاء قبل أيام بين الرئيس الحريري والنائب وليد جنبلاط.
وأشار مصدر في الإقليم إلى ان تبايناً في وجهات النظر بين الطرفين حول استحداث المطمر، وهو ما عبر عنه جنبلاط عندما «غرد» أمس قائلاً: «لا يوجد مشروع لمطمر نفايات في الاقليم».
ووفقاً لمعلومات هذا المصدر، فإن الـ48 ساعة المقبلة ستكون حاسمة لجهة فتح معبر لمعالجة النفايات، أو فليستعد الوزراء بدءاً من يوم الخميس لحزم حقائبهم والعودة إلى منازلهم.
ونفس التوقع، أكده مصدر وزاري لـ«اللواء» عندما لفت إلى ان الأمور ما تزال مقفلة بالنسبة للاتصالات الجارية حول ملف النفايات، مشدداً على انه في حال لم يُصرّ إلى حل في غضون 48 ساعة المقبلة فإن مصير الحكومة على المحك، خصوصاً وأن الرئيس تمام سلام الغاضب من وصول الحال إلى ما وصلت إليه جاد في اتخاذ القرار في وقت قريب.
وسأل المصدر: ما الذي يمنع الدولة من تنفيذ قرار المطامر سيما وأن هناك اراض مشاع تملكها الدولة في مختلف المناطق، معرباً عن خشيته من ان يكون وراء الملف «قطبة مخفية من شأنها إدخال البلاد في أتون الفراغ على كافة المستويات».
تجدر الإشارة إلى ان الرئيس سلام لم يوجه أمس أي دعوة للحكومة أو اللجنة الوزارية المكلفة دراسة الملف، مما يعني ان لا ايجابيات ظهرت حتى الآن، وأن الوقت بات يداهم رئيس الحكومة الذي أعطى لنفسه اياماً معدودة.
وفي هذا الاطار كشف زوار سلام « للواء» جدية رئيس الحكومة باعلان استقالته خلال الايام القليلة المقبلة ولكنها أكدت ان سلام لم يحدد لنفسه يوما معيناً لاعلان موقفه.
واشارت المصادر الى ان لا نية لدى سلام بالاعتكاف بل انه سيستقيل وسيقلب الطاولة بوجه الجميع وسيسمي الاشياء باسمائها، وسيكشف معرقلي خطة النفايات، ومن يتحمل مسؤولية استمرار بقاء النفايات منتشرة على الطرقات.
وكشف الزوار ان سلام قد يقدُم على تقديم استقالته في حال بقيت الامور مقفلة، واذا لم يلمس اي نتائج ايجابية. وسيذهب الى أبعد من ذلك من خلال تصريف اعمال الحكومة من دارته في المصيطبة وليس من السراي الحكومي.
واشارت المصادر الى ان سلام مستاء من القوى السياسية التي لم تعمل على تسهيل مهمة رئيس الحكومة بشكل جدي كما وعدته، وكشفت المصادر ان العقدة الاساسية في الملف تكمن بنفايات مدينة بيروت التي تلاقي رفضا من قبل كل مطامر المناطق، مع العلم ان سكان العاصمة وكما هو معلوم ليسوا ابناء بيروت وحدهم، وهذا الامر يزيد من انزعاج سلام خصوصا ان هناك 450 طناً من النفايات يوميا في بيروت وحدها، وتشير المصادر الى ان أهالي أقليم الخروب رفضوا إستقبال نفايات العاصمة وكذلك اهالي عكار.
الأزمة مع السعودية
وتتوارى وراء أزمة النفايات الظاهرة الأزمة الدبلوماسية والحيوية بين المملكة العربية السعودية ولبنان، والتي سجلت يوم أمس تطورات تؤشر على استمرارها وتفاعلها، رغم الإجراءات التي اتخذها لبنان والمواقف التي يعلنها الرئيس سلام والتي كان آخرها أمس، ما أكّد عليه لمحطة «العربية» حيث دعا الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله إلى التوقف عن مهاجمة المملكة ودول الخليج، كاشفاً اننا نسائل الحزب الذي ذهب إلى خارج لبنان وتدخل في شؤون خارجية (في إشارة إلى مشاركته في الحرب السورية والعراق والبوسنة).
وقال سلام: نطالب حزب الله بالعودة إلى الوطن، والتجارب التاريخية أثبتت أن أي جنوح خارجي لأي تنظيم يجعل لبنان يدفع الثمن غالياً.
وتوقف رئيس الحكومة عند الإجماع العربي فقال: لا يمكن أن نتحفظ عليه ولا يمكن أن نتخلى عن عروبتنا، رغم الأخطاء التي تحصل من هنا وهناك، كاشفاً أن بيان مجلس الوزراء الأخير حافظ على تماسك الائتلاف الحكومي، فلا يمكن فك العلاقة القائمة الآن داخل الحكومة، فذلك يعرّض لبنان للإنهيار، داعياً الأخوة العرب إلى تفهم وضع لبنان، مشيراً إلى أن خطتنا تتمثل في استمرار جمع الكلمة وتوحيد الصفوف.
على أن البيان الصادر عن مجلس الوزراء السعودي كشف أن الموقف الخليجي والعربي مستمر لتصحيح الخلل، «ووضع حدّ لتصرفات حزب الله».
فقد شددت الحكومة السعودية على قرار دول مجلس التعاون الخليجي «إعتبار ميليشيا حزب الله بقادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة عنها منظمة إرهابية، نظراً لاستمرار الأعمال العدائية التي تقوم بها عناصر تلك الميليشيات، وما تشكله من إنتهاك صارخ لسيادة دول المجلس وأمنها واستقرارها وممارسات في عدد من الدول العربية تتنافى مع القيم والمبادئ الأخلاقية والانسانية والقوانين الدولية، وتشكل تهديداً للأمن القومي العربي».
وفي السياق ذاته، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لوزير البيئة محمد المشنوق الذي التقاه في جاكرتا على هامش القمة الإسلامية أن الخطوات التي لجأت إليها المملكة لم تكن تستهدف الحكومة اللبنانية.
وأشار البيان الذي أصدره المشنوق، ونقلاً عن الجبير أن المملكة تقدّر الرئيس سلام والمواقف التي يتخذها.
وحسب البيان فإن المشنوق، بعد الاجتماع الذي دام ساعة خرج بانطباع أن «لا تصعيد مرتقباً في الأجواء، وأن التوتر بين لبنان والسعودية بات وراءنا».
وفي باريس، وحسب ناطق باسم «الكي دورسيه» وفي معرض التوضيح لتصريحات الجبير، من أن الأسلحة التي كان من المفترض أن تسلّم للجيش اللبناني بتمويل الهبة السعودية، هي في عهدة الجيش السعودي الآن، أوضح هذا الناطق أن فرنسا متمسكه باستقرار لبنان الذي تساهم بتوفيره القوات المسلحة اللبنانية، وهو كان موضوع عقد الهبة السعودية.
وأكد الناطق أن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن نايف إلى باريس شكلت مناسبة لإثارة هذا الموضوع ومتابعة الحوار حول الوضع في لبنان.
وترك الناطق لوزير الدفاع الفرنسي تقرير آليات التعاون العسكري مع لبنان بصرف النظر عن الهبة.
الحريري
وفور عودته إلى بيروت، واصل الرئيس الحريري لقاءاته الهادفة إلى الحضّ على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهو أعلن أن انتخاب الرئيس بات أقرب مما نتصوّر، لكنه لفت إلى أن حزب الله لا يعمل بجدّية لملء الفراغ، معتبراً أن السلاح أمر خطير وسيبقى مسلطاً على السلم الأهلي، مشيراً إلى أن البلاد تعيش حرباً باردة على الصعيد السياسي، واصفاً «حزب الله» بأن قراره ليس بيده، وإنما بيد النظام الإيراني، معتبراً أن الإجراءات التي اتخذتها دول مجلس التعاون ليست بسبب غضب تلك الدول من لبنان وإنما بسبب خوفها عليه.
وخلال استقباله وفدا موسعا من قطاع الشباب في «تيار المستقبل»، اعتبر الرئيس الحريري أن «الحوار يخفف الاحتقان، ويبقي الباب مفتوحا لأي تسوية، وخصوصا في مسألة انتخابات رئاسة الجمهورية، وقال مخاطبا الشباب: «نحن وإياكم مستمرون في مسيرة رفيق الحريري ومشروعه للنهوض بالبلد، لأنه المشروع الوحيد الذي يعطي الأمل للشباب والشابات بمستقبل واعد».
البلد :
التهديد بالاعتكاف او الاستقالة هو رد رئيس الحكومة تمام سلام على العجز عن اي خطوة لاستيلاد حلّ لأزمة النفايات، الذي يعكسه إحجامه عن توجيه دعوة للجنة الوزارية المكلفة متابعة الملف الى الاجتماع، وامام ما يرخيه هذا الفشل من ظلال قاتمة على مستقبل الحكومة، سُجّل نوع من الليونة السعودية ازاء لبنان الرسمي و"حزب الله" بعد عاصفة التصعيد التي هبّت من المملكة، تُرجم على لسان وزير الخارجية السعودية عادل الجبير الذي أكد ان "الخطوات التي لجأت اليها المملكة لم تكن تستهدف الحكومة اللبنانية بل هناك تقدير لرئيس مجلس الوزراء للمواقف التي يتخذها".
وأتى كلام الدبلوماسي السعودي خلال لقاء جمعه بوزير البيئة محمد المشنوق على هامش القمة الاسلامية في جاكرتا، لمس خلاله المشنوق ان "لا تصعيد سعوديا مرتقبا وان التوتر بين لبنان والمملكة بات وراءنا"، وفق ما جاء في بيان وزعه مكتب وزير البيئة. وخلال الاجتماع، أوضح الجبير أن السلاح الذي تمّ شراؤه من فرنسا بموجب الهبة السعودية سيبقى في عهدة الجيش السعودي، لافتا الى أن الخطوات التي لجأت اليها المملكة لم تكن تستهدف الحكومة اللبنانية."
وفي حديث تلفزيوني له مساء، قال سلام للسعودية ودول الخليج: "اننا متمسكون بعلاقتنا التاريخية معها ولن ننسى ما فعلته لانقاذ لبنان". ولفت الى ان "موقف السعودية والخليج يجب ان يكون حافزا لنا لتصويب المسار".
وشدد على "اننا مع الاجماع العربي". وقال: "هو مصدر قوتنا ولن نخرج عنه. ما زلنا بحاجة الى الدعم لمحاربة الإرهاب ولبنان بلد صغير يتحمل أعباء كثيرة والحوار الوطني هو السبيل لتخطي الصعاب". وأضاف: "وجود مكون لبناني مثل حزب الله خارج لبنان يعرض لبنان الى مخاطر".
وليس بعيدا من محور المساعي لاعادة المياه الى مجاريها بين لبنان والمملكة، برز في الساعات الماضية مسعى مصري، لجمع وزير الخارجية جبران باسيل ونظيره السعودي خلال قمة وزراء الخارجية العرب ال