بعد غد الأربعاء، يوم آخر في حياة «حكومة المصلحة الوطنية»، فإما ان تفك القوى السياسية المجتمعة خلف طاولة الحوار في عين التينة «أسر النفايات»، أو يرمي، بعد الاجتماع، الرئيس تمام سلام كرة النار في وجه الكتل السياسية ليقول لهم: «كفى تسويفاً وتلاعباً وتوزيعاً للادوار»، وتطييفاً «لقضية وطنية بحجم أزمة النفايات»، هذه الأزمة التي باتت تُهدّد، بدءاً من الكرنتينا، اللحوم والاسماك والخضار والصحة، حيث حضر هذا الموضوع في اجتماعات معالجة النفايات، لا سيما في اللقاء المسائي الذي عقد في «بيت الوسط» بين الرئيس سعد الحريري والوزراء نهاد المشنوق واكرم شهيب ووائل أبو فاعور في حضور نادر الحريري.
وعلمت «اللواء» ان هذا الاجتماع أرسى صيغة حل لازمة النفايات، لكنها تحتاج إلى مزيد من الاتصالات بين الأفرقاء المعنيين، على ان تعلن في جلسة لمجلس الوزراء سيتفق على موعدها، وتكون مؤشراً إلى نضوج هذه الصيغة المطروحة.
وعلم أيضاً، ان البحث تناول حصيلة الاتصالات في ما خص استحداث مطمر للنفايات في الإقليم، وفي إطار متابعة ما جرى عرضه في اللقاء قبل أيام بين الرئيس الحريري والنائب وليد جنبلاط.
وأشار مصدر في الإقليم إلى ان تبايناً في وجهات النظر بين الطرفين حول استحداث المطمر، وهو ما عبر عنه جنبلاط عندما «غرد» أمس قائلاً: «لا يوجد مشروع لمطمر نفايات في الاقليم».
ووفقاً لمعلومات هذا المصدر، فإن الـ48 ساعة المقبلة ستكون حاسمة لجهة فتح معبر لمعالجة النفايات، أو فليستعد الوزراء بدءاً من يوم الخميس لحزم حقائبهم والعودة إلى منازلهم.
ونفس التوقع، أكده مصدر وزاري لـ«اللواء» عندما لفت إلى ان الأمور ما تزال مقفلة بالنسبة للاتصالات الجارية حول ملف النفايات، مشدداً على انه في حال لم يُصرّ إلى حل في غضون 48 ساعة المقبلة فإن مصير الحكومة على المحك، خصوصاً وأن الرئيس تمام سلام الغاضب من وصول الحال إلى ما وصلت إليه جاد في اتخاذ القرار في وقت قريب.
وسأل المصدر: ما الذي يمنع الدولة من تنفيذ قرار المطامر سيما وأن هناك اراض مشاع تملكها الدولة في مختلف المناطق، معرباً عن خشيته من ان يكون وراء الملف «قطبة مخفية من شأنها إدخال البلاد في أتون الفراغ على كافة المستويات».
تجدر الإشارة إلى ان الرئيس سلام لم يوجه أمس أي دعوة للحكومة أو اللجنة الوزارية المكلفة دراسة الملف، مما يعني ان لا ايجابيات ظهرت حتى الآن، وأن الوقت بات يداهم رئيس الحكومة الذي أعطى لنفسه اياماً معدودة.
وفي هذا الاطار كشف زوار سلام « للواء» جدية رئيس الحكومة باعلان استقالته خلال الايام القليلة المقبلة ولكنها أكدت ان سلام لم يحدد لنفسه يوما معيناً لاعلان موقفه.
واشارت المصادر الى ان لا نية لدى سلام بالاعتكاف بل انه سيستقيل وسيقلب الطاولة بوجه الجميع وسيسمي الاشياء باسمائها، وسيكشف معرقلي خطة النفايات، ومن يتحمل مسؤولية استمرار بقاء النفايات منتشرة على الطرقات.
 وكشف الزوار ان سلام قد يقدُم على تقديم استقالته في حال بقيت الامور مقفلة، واذا لم يلمس اي نتائج ايجابية. وسيذهب الى أبعد من ذلك من خلال تصريف اعمال الحكومة من دارته في المصيطبة وليس من السراي الحكومي.
واشارت المصادر الى ان سلام مستاء من القوى السياسية التي لم تعمل على تسهيل مهمة رئيس الحكومة بشكل جدي كما وعدته، وكشفت المصادر ان العقدة الاساسية في الملف تكمن بنفايات مدينة بيروت التي تلاقي رفضا من قبل كل مطامر المناطق، مع العلم ان سكان العاصمة وكما هو معلوم ليسوا ابناء بيروت وحدهم، وهذا الامر يزيد من انزعاج سلام خصوصا ان هناك 450 طناً من النفايات يوميا في بيروت وحدها، وتشير المصادر الى ان أهالي أقليم الخروب رفضوا إستقبال نفايات العاصمة وكذلك اهالي عكار. 
الأزمة مع السعودية
وتتوارى وراء أزمة النفايات الظاهرة الأزمة الدبلوماسية والحيوية بين المملكة العربية السعودية ولبنان، والتي سجلت يوم أمس تطورات تؤشر على استمرارها وتفاعلها، رغم الإجراءات التي اتخذها لبنان والمواقف التي يعلنها الرئيس سلام والتي كان آخرها أمس، ما أكّد عليه لمحطة «العربية» حيث دعا الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله إلى التوقف عن مهاجمة المملكة ودول الخليج، كاشفاً اننا نسائل الحزب الذي ذهب إلى خارج لبنان وتدخل في شؤون خارجية (في إشارة إلى مشاركته في الحرب السورية والعراق والبوسنة).
وقال سلام: نطالب حزب الله بالعودة إلى الوطن، والتجارب التاريخية أثبتت أن أي جنوح خارجي لأي تنظيم يجعل لبنان يدفع الثمن غالياً.
وتوقف رئيس الحكومة عند الإجماع العربي فقال: لا يمكن أن نتحفظ عليه ولا يمكن أن نتخلى عن عروبتنا، رغم الأخطاء التي تحصل من هنا وهناك، كاشفاً أن بيان مجلس الوزراء الأخير حافظ على تماسك الائتلاف الحكومي، فلا يمكن فك العلاقة القائمة الآن داخل الحكومة، فذلك يعرّض لبنان للإنهيار، داعياً الأخوة العرب إلى تفهم وضع لبنان، مشيراً إلى أن خطتنا تتمثل في استمرار جمع الكلمة وتوحيد الصفوف.
على أن البيان الصادر عن مجلس الوزراء السعودي كشف أن الموقف الخليجي والعربي مستمر لتصحيح الخلل، «ووضع حدّ لتصرفات حزب الله».
فقد شددت الحكومة السعودية على قرار دول مجلس التعاون الخليجي «إعتبار ميليشيا حزب الله بقادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة عنها منظمة إرهابية، نظراً لاستمرار الأعمال العدائية التي تقوم بها عناصر تلك الميليشيات، وما تشكله من إنتهاك صارخ لسيادة دول المجلس وأمنها واستقرارها وممارسات في عدد من الدول العربية تتنافى مع القيم والمبادئ الأخلاقية والانسانية والقوانين الدولية، وتشكل تهديداً للأمن القومي العربي».
وفي السياق ذاته، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لوزير البيئة محمد المشنوق الذي التقاه في جاكرتا على هامش القمة الإسلامية أن الخطوات التي لجأت إليها المملكة لم تكن تستهدف الحكومة اللبنانية.
وأشار البيان الذي أصدره المشنوق، ونقلاً عن الجبير أن المملكة تقدّر الرئيس سلام والمواقف التي يتخذها.
وحسب البيان فإن المشنوق، بعد الاجتماع الذي دام ساعة خرج بانطباع أن «لا تصعيد مرتقباً في الأجواء، وأن التوتر بين لبنان والسعودية بات وراءنا».
وفي باريس، وحسب ناطق باسم «الكي دورسيه» وفي معرض التوضيح لتصريحات الجبير، من أن الأسلحة التي كان من المفترض أن تسلّم للجيش اللبناني بتمويل الهبة السعودية، هي في عهدة الجيش السعودي الآن، أوضح هذا الناطق أن فرنسا متمسكه باستقرار لبنان الذي تساهم بتوفيره القوات المسلحة اللبنانية، وهو كان موضوع عقد الهبة السعودية.
وأكد الناطق أن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن نايف إلى باريس شكلت مناسبة لإثارة هذا الموضوع ومتابعة الحوار حول الوضع في لبنان.
وترك الناطق لوزير الدفاع الفرنسي تقرير آليات التعاون العسكري مع لبنان بصرف النظر عن الهبة.
الحريري
وفور عودته إلى بيروت، واصل الرئيس الحريري لقاءاته الهادفة إلى الحضّ على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهو أعلن أن انتخاب الرئيس بات أقرب مما نتصوّر، لكنه لفت إلى أن حزب الله لا يعمل بجدّية لملء الفراغ، معتبراً أن السلاح أمر خطير وسيبقى مسلطاً على السلم الأهلي، مشيراً إلى أن البلاد تعيش حرباً باردة على الصعيد السياسي، واصفاً «حزب الله» بأن قراره ليس بيده، وإنما بيد النظام الإيراني، معتبراً أن الإجراءات التي اتخذتها دول مجلس التعاون ليست بسبب غضب تلك الدول من لبنان وإنما بسبب خوفها عليه.
وخلال استقباله وفدا موسعا من قطاع الشباب في «تيار المستقبل»، اعتبر الرئيس الحريري أن «الحوار يخفف الاحتقان، ويبقي الباب مفتوحا لأي تسوية، وخصوصا في مسألة انتخابات رئاسة الجمهورية، وقال مخاطبا الشباب: «نحن وإياكم مستمرون في مسيرة رفيق الحريري ومشروعه للنهوض بالبلد، لأنه المشروع الوحيد الذي يعطي الأمل للشباب والشابات بمستقبل واعد».
وأضاف: «صحيح أننا نمر بمرحلة صعبة ودقيقة، ولكننا نسعى لانتخاب رئيس للجمهورية، لأن استمرار الفراغ هو خراب للبنان»، لافتا إلى أن انتخاب رئيس أقرب مما نتصور.
وكان الرئيس الحريري استقبل ظهراً في «بيت الوسط» الوزير السابق فيصل كرامي واستبقاه إلى مائدته للغداء.
واستعاد كرامي بعد اللقاء عبارة لوالده الرئيس الراحل عمر كرامي قالها عندما زار الحريري في العام 2009 بأننا اتفقنا على ان لا نختلف، مشيرا إلى ان ما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا، وما يجمعنا هو المصلحة الوطنية، ومسألة ترتيب البيت السني إذا صح التعبير، مؤكداً انه سيكون إلى جانبه في كل ما يُساعد على حلحلة الأزمات في لبنان.