كل الاتصالات لفتح «ثغرة» في ملف المطامر لم تنجح، وبقيت الابواب موصدة في وجه الحل نتيجة المحاصصات المالية، وعدم القدرة على تنظيم السرقة بين اركان الطبقة ولا احد يريد التنازل عن حصته لان ملف النفايات هو بمثابة «منجم ذهب».
فالخلافات على «السرقات» وليس على اي شيء آخر، ولان الناس تعرف هذه الحقائق ترفض اقامة مطامر في مناطقها، ولا ثقة لديها بوعود المسؤولين واحاديثهم عن مطامر صحية، وابرز مثال على ذلك مطمر الناعمة الذي خلف كوارث على اهالي منطقة الشحار الغربي، وبأنه قنبلة موقوتة تنبعث منه الغازات المميتة.
لكن السؤال الاساسي، ماذا سيفعل الرئيس تمام سلام امام هذه الطبقة السياسية التي تدرك ان رئيس الحكومة هو «الحلقة الاضعف» في هذه المواجهة، وغير قادر على الاستقالة نتيجة عوامل داخلية واقليمية ودولية، لكن مصادر الرئيس سلام تشير الى عكس ذلك وتؤكد ان الرئيس سلام سيضع اركان طاولة الحوار الوطني غداً خلال اجتماعهم الدوري في عين التينة برئاسة الرئيس نبيه بري بقراره بالاستقالة او بالاعتكاف ويضع الجميع امام مسؤولياتهم، وسنأخذ القرار المناسب والعالي السقف. لكنه لن يصل الى حد استقالة الحكومة، لان هذا القرار ليس بيد الرئيس سلام والارجح الاعتكاف او عدم دعوة مجلس الوزراء الى الاجتماع.
وفي المعلومات، ان هناك «توزيع ادوار» بين القوى السياسية ومناصريهم في القبول او الاعتراض على هذا الملف، فبعد حصول «انفراج نسبي» في ملف مطمر برج حمود والذي يقضي برمي الف طن يومياً من نفايات المتن وبعبدا وكسروان، حتى اعلن الاهالي رفضهم وهددوا بخطوات تصعيدية.
اما المعلومات التي اشارت الى موافقة النائب طلال ارسلان على ازالة اعتراضاته عن مكب كوستا برافا فتبين انها غير دقيقة، ومن المفروض ان يتم رمي قسم من نفايات عاليه والشوف والضاحية في كوستا برافا وبمعدل 1000 طن يوميا، اما مطمر الناعمة فيفتح لعدة ايام فقط ولطمر النفايات المتواجدة على الارض وتقدر بمليون طن، وبعدها لا يستطيع المكب تحمّل اي كمية اضافية. وبالنسبة لمكب «كسارة كجك» في الجية، فالخلاف بين الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط يعرقل الحل. واساس الخلاف رفض وليد جنبلاط اعطاء اي تلزيمات لجهاد العرب، علما ان جنبلاط منع اي تلزيمات للعرب في عاليه والشوف والمتن، وهذا الخلاف المستمر منذ فترة وتفاقم اخيراً وادى الى موقف حاسم من النائب جنبلاط «لا مكب للنفايات في الاقليم» فيما اشار المتعهد جهاد العرب بأن لا مصلحة له بتحويل كسارة كجك الى مكب للنفايات»، علما ان العرب طالب بتلزيمه الكنس والجمع كي يقبل تحويل الكسارة الى «مطمر» وهذا ما رفضه جنبلاط.
وتشير المعلومات «ان الخلاف بين الحريري وجنبلاط في منطقة اقليم الخروب، ليس خافياً على احد، ويعود لسنوات، ويتمثل بخلاف على «التلزيمات» اولا حيث وضع الحريري «فيتو» على تسهيل العمل لشركة رياض الاسعد، شريك جنبلاط، وحرك الحريري عبر احمد الحريري الشارع ضد شركة الاسعد في الاقليم، وتمكن من العرقلة ودفع بجهاد العرب الى الواجهة في اقليم الخروب وطريق الساحل وهذا ما رفضه جنبلاط، خصوصاً ان تيار المستقبل في اقليم الخروب يتقدم على حساب القاعدة الاشتراكية، كما ان تحريض تيار المستقبل على الاشتراكي ظاهر للجميع. وهناك اتهامات للنائب محمد الحجار باثارة الحملة، كما ان الحريري لم يراع الخصوصية الجنبلاطية في الاقليم، وبالتالي فان جنبلاط لن يسمح للعرب ومشاريعه بالامتداد الى هذه المنطقة وتجيير العمل الى مكاسب سياسية، لصالح المستقبل.
لكن اللافت ان الموقف الجنبلاطي حظي بدعم شعبي كبير من المجتمع المدني الذين تظاهروا رفضاً للمكب ودعمهم جنبلاط بموقفه الحاسم لا مكب في الاقليم.
هذه «اللوحة» لملف النفايات تؤكد ان ابواب الحلول موصدة، والجميع بدأ يتبرأ من الحل فماذا سيفعل سلام.
ـ ملف النفايات الى المربع الاول ـ
ووفق مصادر سياسية عليمة بان الاتصالات لحلحلة قضية المطامر تمهيداً لحل ازمة النفايات لا تزال تراوح مكانها بل انها عادت لنقطة الصفر من حيث وضع القوى السياسية المعنية العراقيل اما اقامة مطامراو اعادة العمل بمطامر سابقة، اي ان كل قوى سياسية تحرك جمهورها في منطقة نفوذها للاعتراض على اقامة المطامر.
ولاحظت المصادر ان واجهة هذه الاعتراضات هي طائفية من خلال رفض بعض القوى السياسية حصر المطامر في مناطق معينة دون مناطق اخرى ذات لون طائفي آخر، الا ان المصادر اوضحت ان الاعتراض الخفي من عرقلة اقامة المطامر هي المصالح المالية لبعض القوى، وبالتالي فهناك من يصرّ على ان تكون له حصة في تلزيم النفايات. وتساءلت المصادر لماذا المشاركة السياسية بما حصل ويحصل من اعتراضات في منطقة اقليم الخروب.
الا ان المصادر رأت ان لا استقالة لحكومة الرئيس تمام سلام لان اياً من القوى السياسية المشاركة فيها، لا مصلحة له في دفع الحكومة نحو الاستقالة، وكذلك لا مصلحة لهم في تعطيل الحوار، ولذلك اشارت المصادر الى ان ملف النفايات سيبقى هو ايضاً في دائرة «الكباش» بعد ان جرى تسييس هذا الملف. وبالتالي، اصبح من ضمن القضايا الخلافية بين اركان السلطة.
وعلمت من مصادر وزارية ان الحكومة تلقت مؤخراً رسالة ثانية من الحكومة الروسية بالاستعداد لنقل النفايات الى روسيا الاتحادية، وهي الرسالة المماثلة للرسالة الاولى التي تنصّلت السلطات الرسمية الروسية منها. واضافت المصادر ان العودة الى موضوع ترحيل النفايات امر غير وارد. لكنها قالت في الوقت نفسه ان حل المطامر يواجه صعوبات حتى الآن ولا يبدو ان الحسم في هذا الشأن سيكون هذا الاسبوع.
ـ بري والسفير السعودي ـ
اما على صعيد الاتصالات السياسية الداخلية، فقد كان لافتاً امس استقبال الرئيس نبيه بري للسفير السعودي علي عواض عسيري وعلم ان الرئيس بري حمل السفير السعودي موقفاً شفوياً لنقله الى الملك سلمان بن عبد العزيز والجدير ذكره ان الرئيس بري اكد في احاديثه السابقة وكان اخرها من بروكسيل على ضرورة الحوار الايراني - السعودي لحل مشاكل المنطقة.