يبدو أنّ الجنّ كانت أكثر حكمة من الإنس ودراية، عندما استمع نفرٌ منهم للوحي، فقالوا إنّا سمعنا قرآناً عجبا، ثم تساءلوا "وإنّا لا ندري أشرٌّ أُريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربُّهم رشدا" (الآية العاشرة من سورة الجنّ).
ونحن اليوم لا ندري، أشرٌّ أراد بنا الإيرانيون أم رشدا؟،وكذلك الأتراك، والرّوس وكذلك الأمريكان. وكُنّا على يقين بأنّ الإسرائيلين لا يُضمرون لنا إلاّ الشّر، فبتنا في حيرة من أمرنا، بعد الذي عانيناه من ذوي القربى ،وإخوان الدين، ورفاقنا الأمميّين ، وابن جلدتنا باراك حسين أوباما، ولا ندري ماذا يُضمر لمصر ولنا مرشد الإخوان وجماعته، ولا مرشد إيران وجماعته، ولا ما يضمره خليفة المسلمين أبو بكر البغدادي في الموصل، أو بشار الأسد الصامد في سوريا منذ خمسة أعوام، أو ما تُضمره النفس لصاحبها، ذلك أنّالنفس أمّارةٌ بالسوء.
أضف إلى أنّنا لا نعرف ما تُضمره لنا المملكة العربية السعودية بعد أن سحبت "هبتها" للجيش اللبناني، أو ما يضمره أمين عام حزب الله في اندفاعته العربية لنُصرة المستضعفين في اليمن، ودفاعاً عن حامي المقاومة وحارس الممانعة بشار الأسد، أو ما يضمره لنا "الطيب" اردوغان ،الذي كان "طيّباً" عندما زار لبنان، فامّسخ (من المسخ) شيطانا عندما وقف بوجه النظام السوري لم تبق إلاّ الحيرة الحيرة القاتلة، أو كما قال فيما مضى الشاعر صلاح عبد الصبور:
هذا زمنُ الحقّ الضائع
لا يعرف مقتولٌ من قاتلُهُ ومن قتله
ورؤوس الناس على جُثث الحيوانات
ورؤوس الحيوانات على جثث الناس
فتحسّس رأسك!
فتحسّس رأسك!