هناك هستيريا حقيقية ومتوفرة بقوّة لدى الجماعة المتحمسة لمصالحها الضيقة والمنتفعة مادياً ومعنوياً من الجهات الفاعلة في لبنان وتبدو الصورة أوضح من غيرها في جمهور كان ضدّ المقاومة يوم كانت المقاومة ضعيفة التأييد وأصبح من ألدّ الأصدقاء لها بعد أن أصبحت قوّة لا مثيل لها في لبنان .
في تصفح صحف المؤسسات والأفراد يتبين لنا حجم النفاق لدى زبائن السلطة بحيث أنهم يشكلون حلقات متشابهة بهدف السبّ والشتم ونشر الأناشيد و الأغاني الثورية وتوظيف الموسيقى خدمة لشرائهم السياسي في سوق حزب الله وغيره من الأسواق .ثمّة أسماء معروفة وشبكات اعلامية مشهورة في وقوفها المستميت ضدّ دور المقاومة زمن الاحتلال ولطالما كادوا لها كيد النساء وأفرغوا كل كرههم وأحقادهم وخبثهم عليها تماًماً و بالنسبة الوازنة لما يستفرغونه اليوم من حبّ للمقاومة وقائدها والجدير ذكره أن هؤلاء أنفسهم كانوا من المداحين لحركة أمل ورئيسها وكانوا على استعداد تام لقتل من يجرؤ على الطعن البريء بشخص الرئيس بري .
ان تنقل هؤلاء الباعة في السوق السياسي مع زُمر أخرى من التابعين الى الجهل الطائفي بلؤم وحقد يسهمون في تعزيز المناخات السلبية ويوترون الحياة ويقلقون الأوضاع بطريقة جنونية مستفزة تُسرع من خطى حروب الزواريب بين الحيّ والحيّ والمنطقة و المنطقة والطائفة وأختها كما أن الكثيرين من روّاد الحرب الأهلية يشاركون عبيد الدنيا بهلوساتهم السياسية والحزبية والطائفية ويًغالون بالكتابة أو بالتصريحات اليومية بأشخاص جعلوا منها آلهة اويسقطون التاريخ البشري على بعضه البعض بطريقة عفنة وتلعب جماعة التجربة الثورية دوراً في التوليف الطوعي والقسري بين الرموز التاريخية بحيث يجعلون من السيّد حسن تارة غيفارا ومرّة عبد الناصر ويتنقلون به ما بين الماركسية والقومية ويحارون كيف يلفتون النظر الى دورهم كبقايا لمرحلة لم يبق منها شيئاً سوى الارتزاق على مائدة المدح والبذخ في التأييد لمنطق الانقسام في لبنان .
لم يعد لدى الحزب الشيوعي اللبناني سوى التصريح المدفوع لدفع البلى العربي عن المقاومة التي أسسها في لحظة تاريخية فارون من أرض المعركة عندما دخل العدو محتلاً لبنان بسويعات بعد أن كان لبنان يعجّ بالمقاتلين الأشاوس من المقاومة الفلسطينية الى الحركة الوطنية اللبنانية .
ولم يعد أمام وسائل اعلامية أرهقتنا بشعارات القومية العربية وكلّ همها الكسب المالي والارتزاق على شعارات ماتت من قبل أن يموت أصحابها من عبد الناصر الى آخر ضابط ورئيس عربي حكم بجزمة الثورة والمقاومة الشعوب العربية .
ان جماعة التصفيق والسبّ والشتم والمبالغة في كل شيء يتحكمون بواقع اللبنانيين ويوفرون العناصر اللازمة لدفع لبنان الى الهاوية ويتحمسون للنيل من شخص هنا ودولة هناك دون مراعاة لعواقب الأمور ولا يهتمون بالنتائج الكارثية على لبنان وللأسف أن هناك من يحرض تحريضاً مباشراً على الخلاف الشيعي – السُني دون أن يوقفه عاقل من هنا أو من هناك ويشتم مرجعيات لشحن نفوس الأتباع لدفعهم الى القيام بأفعال مؤذية وموجبة لأفعال مشابهة لها .
ان جمهور الدراجات النارية والذي خرج بالأمس بهستيرية طائفية مُعيبة سيدفع بجمهور يشبهه في السبّ والشتم من الجهة الأخرى أيّ في الطائفة التي تعتبر نفسها مشتومة ومُهددة بكرامة رموزها التاريخية وبالتالي فان هذا الجمهور ومعه المذكورون أعلاه باتوا حزباً مسيطراً ومطبق على الشارع اللبناني ولا امكانية لأحد على ردع أتباعه وان أراد جدياً ذلك لأنه يمثل القوّة الفعلية والقادرة على تخطي كل التدابير السياسية و الأمنية والحديث عن فتاوى محرمة للسبّ والشتم لا يقدم ولا يؤخر بالنسبة له لأنه غير ملتزم بأحكام الحلال والحرام .
حبذا لو يخفف المتحمسون من حماستهم الزائدة ويوفرون على البلد يوماً مشؤوماً قادم لا محالة اذا ما بقيت جوقات المنتفعين من الألسن الى الأقلام ومن الجاهلين الى أشباه المتعلمين يسرحون ويمرحون سبّاً وشتماً وتهديداً ووعيداً باسم المقاومة البريئة منهم كما كنت بريئة منهم يوم كانوا يطعنونها لا من خلاف وانما في وجهها وفي وضح النهار لا في الظلام .
حبذا لو يستريح الخطباء من خطبهم النارية ويعملون بصمت على الوحدة لا على الفرقة التي ستأكل القوي قبل الضعيف .