بتكرار رتيب، يطرح اللبنانيون على أنفسهم وعلى الوسطين السياسي والإعلامي، مطلع كل أسبوع، ماذا على الأجندة، وهل من تقدّم باتجاه الانتقال من حالة الانتظار إلى حالة القرار، سواء في ما خص إنهاء ملف النفايات، أو وقف ضمور الدولة ومؤسساتها أو انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟
أسست الأسابيع الثلاثة التي قضاها الرئيس الحريري في بيروت والتي غادرها مساء السبت في زيارة عائلية، بحسب مكتبه الإعلامي، مناخاً سياسياً متدحرجاً لمصلحة إنهاء الشغور الرئاسي، على أن تستكمل الجهود والاتصالات السياسية والديبلوماسية من أجل توظيف التقاء 72 نائباً وما يزيد مع اهتمام كل من واشنطن وموسكو وباريس وعواصم عربية أخرى لانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية يُشكّل المدخل الموضوعي لتحريك عجلة المؤسسات الدستورية المصابة إمّا بالشلل أو بالعقم، وآخر مثالبها المؤلمة ما حدث ويحدث في التفتيش المركزي من إتهامات بين رئيسه جورج عوّاد والمفتش المالي صلاح الدنف.
وبقدر ما ساهمت إتصالات الرئيس الحريري في كبح جماح التأزّم الداخلي، والتي لاقت ترحيباً من الرئيس نبيه برّي عبّر عنه وزير المال علي حسن خليل لجهة تسمية أو ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، واصفاً ذلك «بالمنطق الإيجابي بحثاً عن مخارج للمأزق الراهن»، لأنه «لم يعد من المسموح أن نبقى من دون انتخاب رئيس للجمهورية»، أدّت إلى تأخير خطوة كان من الممكن أن يُقدم عليها الرئيس تمام سلام ولكنها ما تزال قائمة، وهي إستقالة الحكومة.
وفي اعتقاد مصدر وزاري أن الرئيس سلام ربما يكون تمهّل في اتخاذ قراره بانتظار إنعقاد طاولة الحوار الوطني بعد غد الأربعاء في عين التينة وتحمل الرقم 16، وهو عازم على إعادة طرح موضوع النفايات أمام المتحاورين، مع العلم أنه سبق وطرحه عدّة مرات، ولكن هذه المرة لوضعهم أمام مسؤولياتهم الوطنية، فإذا لم يُحسم ملف المطامر بصورة قاطعة ونهائية، فإنه لن يبقى على رأس الحكومة ولو بساعة واحدة.
تجدر الإشارة إلى أن هيئة الحوار في جلستها الأخيرة أخذت بمطلب رئيس الكتائب العودة إلى جدول الأعمال، بما يعني العودة إلى مناقشة موضوع إنتخاب رئيس الجمهورية، مما يعني في رأي أحد المشاركين في طاولة الحوار أن الطاولة نفسها تصبح مهدّدة ما لم يتم الاتفاق على مقاربة توفّر نصاب الـ86 نائباً المطلوب لانتخاب رئيس للجمهورية.
وأضاف المصدر الوزاري أن إعادة نظر بأسماء المرشحين الذين يمتنعون عن حضور جلسة 23 الشهر الحالي، أي قبل يومين من يوم الجمعة العظيمة لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي، يتصدّر أجندات الكتل، لأنه من غير الممكن المراوحة والإنتظار لوقت أطول، وعلى الأخص إذا وجدت الحكومة نفسها أمام حائط النفايات المسدود.
وكدليل على جدّية الرئيس سلام بعدم المضي في تلقي ضربات التفشيل بصدره، لم يوجّه الدعوة أمس لا لجلسة مجلس الوزراء الخميس ولا للجنة النفايات، واكتفى بتكليف وزير البيئة محمّد المشنوق بالسفر إلى جاكرتا لتمثيله في مؤتمر القمة الإسلامية.
ولمس زوّار المصيطبة إستياءً وانزعاجاً على محيّا الرئيس سلام الذي ما يزال يعتصم بالصبر، وهو يستمع إلى مطالب وشكاوى المواطنين، رافضاً التطرق إلى ملف النفايات أو إلى أي شأن سياسي.
ولعلّ الإشارة المعبّرة هي أنه في معرض رفضه الإجابة على أسئلة الصحافيين وضع يده على فمه، وهذه الحركة تعني أنه لا يريد التحدث لا في موضوع الحكومة ولا في موضوع النفايات، ولا في أي شأن سياسي آخر.
وعلى هذا الصعيد، تجزم مصادر الرئيس سلام أنه لن يبقى مكتوف الأيدي طويلاً، ولن يواظب على أخذ تنصّل السياسيين من أزمة النفايات بصدره، «فليتحمّلوا مسؤولياتهم»، تقول المصادر، وتذكِّر بأن رئيس الحكومة انتشل البلاد من الشلل مرات ومرات حتى لا تكون فريسة لمزيد من التفسّخ والتشرذم أو الإنهيار، مشيرة إلى أن «لصبر سلام حدوداً».
وأخذت المصادر على السياسيين «إستغلالهم» حرص الرئيس سلام على مصلحة البلاد العليا، فالجميع يعلم أن أحوال البلد غير صحيّة وغير طبيعية، ولكن لا يجوز استغلال الشعور بالمسؤولية عند رئيس الحكومة ورمي كرة الأزمات في وجهه والقول أن الحكومة عاجزة.
وفي هذا الإطار، أكد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل بو فريج لـ«اللواء» أن خيار الإستقالة هو إجراء سياسي، داعياً الوزراء الممثلين للكتل والأحزاب إلى تحمّل مسؤولياتهم والتوقف عن تعطيل الحلول، وإلا «ما هو مبرّر بقاء حكومة لا يمكنها رفع النفايات من أمام بيوت النّاس»؟.
المشنوق
وفي سياق تفاعل الأزمة بين لبنان ودول الخليج العربي، وعشية اجتماعات عربية واسلامية يُشارك فيها لبنان، ولعدم الخلط بين موقفه في اجتماع وزراء الداخلية العرب في تونس، وموقف وزير الخارجية جبران باسيل في مؤتمري القاهرة وجدة، أكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ان الإهمال العربي للبنان على مدى 30 عاماً أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، مشيراً إلى ان قرار المواجهة العربية عمره أسابيع فقط، بينما نحن واجهنا منذ عشرات السنوات وقدمنا الشهداء تلو الشهداء وحتى اليوم مسلسل الشهداء لم ينته في لبنان.
وأعرب المشنوق عن اعتقاده بأن لبنان لن يكون شوكة فارسية في خاصرة العرب، فنحن خياراتنا سلمية، ولن نسمح بالإنجرار إلى مواجهات عسكرية ولا إلى فتنة مذهبية.
وبشأن موقف لبنان في مؤتمر تونس، قال: «وافقنا على مقررات البيان الختامي وضمنها إدانة تدخل حزب الله في الدول العربية وادانة التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية، ونأى لبنان بنفسه فقط عن كلمة واحدة تتعلق بوصف «حزب الله» بأنه «إرهابي» وذلك في البند الثامن من المقررات التي تحفظ عليها العراق وبالتالي لم يكن هناك إجماع عربي في مؤتمر تونس، خلافاً لما كان عليه الحال، في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة واجتماع منظمة المؤتمر الإسلامي في جدّة، حيث كان هناك إجماع عربي، ولبنان خرج عن هذا الإجماع.
(راجع ص2)
نصرالله
في هذا الوقت، أحدث خطاب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، صدمة في الأوساط السياسية اللبنانية والدبلوماسية الأجنبية لجهة مع كشفه عن دور لكوادر الحزب وقيادييه في عمليات قتالية وتدريبية سواء في البوسنة أو العراق، فضلاً عن سوريا.
وفي أسبوع أحد قادة الحزب الذي سقط في سوريا علي أحمد فياض (علاء البوسنة) ردّ على قرار مجلس التعاون الخليجي باعتبار «حزب الله» منظمة إرهابية، معتبراً أن «من يواجه السعودية في سوريا هو المدافع عن المصالح الوطنية اللبنانية»، معرباً عن شكره لكل من تضامن مع الحزب لجهة رفض توصيفه بالإرهاب.
وقال: «لو كنا نقاتل تحت قيادة أميركية لما وصفونا بالارهاب»، مجدداً التأكيد على معادلة الجيش والشعب والمقاومة، معتبراً أن من يحمي لبنان هي القوة الذاتية.
ولم يتطرق السيّد نصر الله إلى الشأن اللبناني الأمر الذي وصفه مصدر في 14 آذار بأنه «إهمال سياسي يكشف عن أن لا أولوية للحزب في إحداث أي خرق في ما يتعلق بالملفات الساخنة اللبنانية».
النفايات
على صعيد النفايات، أكدت شركة «اراكو» للاسفلت لصاحبها جهاد العرب أن العقار المعروف بمطمر الكجك والتابع لها في منطقة الجية - بعاصير، لن يستخدم لأغراض تتعلق بالنفايات، داعياً أهالي وبلديات المنطقة المعنية إلى التعاطي مع اي معلومات نشرت وشاعت بأنها شائعات ليس إلا.
وفيما تحرك أهالي إقليم الخروب رفضاً لإقامة مطمر «كجك» بين بلداتهم وقراهم، نظمت حركة «بدنا نحاسب» اعتصاماً امام التفتيش المركزي في الحمراء للضغط على المسؤولين للتحرك في قضايا الفساد، وفي مقدمتها النفايات، حيث برز انقسام وخلافات في وجهات النظر داخل التفتيش المركزي، ثم توجه الناشطون فيما بعد إلى السراي الحكومي، رافعين شعارات منددة بسياسة الحكومة في ما خص ملف النفايات، من دون ان تحصل مواجهة بينهم وبين العناصر الأمنية، وانتهى الاعتصام امام منزل سلام حيث طالبوه بالضغط على التفتيش ليفعل دوره في كشف الصفقات.
اللواء : المشنوق: الإهمال العربي مسؤول عما وصلنا إليه.. ونصرالله يبرّر تدخل الحزب في البوسنة والعراق وسوريا
اللواء : المشنوق: الإهمال العربي مسؤول عما وصلنا إليه.....لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
563
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro