لم يخطئ رئيس الوزراء تمّام سلام عندما تحدث قبل أشهر عن "النفايات السياسية التي لم تعر اهتماماً لقضايا الشعب الذي ازداد تقهقراً بفعل الحسابات الفئوية"، اذ ان الاجواء لم توح بالتفاؤل حتى ساعة متقدمة من ليل أمس، فلم يدع سلام الى اجتماع للجنة الوزارية المهتمة بمعالجة ملف النفايات كان مقرراً اليوم، كما لم يوجه الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع ما لم يصر الى ايجاد حل لأزمة النفايات بالاتفاق على المطامر كخطوة نحو الحل. وتردد ان النفايات تنتظر طاولة الحوار الوطني المقررة بعد غد الاربعاء الذي سيشكل محطة فاصلة في "حياة" حكومة المصلحة الوطنية.
وبلغت المأساة حد "مذهبة" النفايات باقتراح اربعة مراكز - مطامر: الاول في برج حمود لنفايات المسيحيين، والثاني في الشويفات (كوستا برافا) لنفايات الشيعة، والثالث في اقليم الخروب لنفايات السنة، على ان يعاد فتح مطمر الناعمة لنفايات الدروزّ
لكن المفاجأة جاءت أمس من رجل الاعمال والمقاول جهاد العرب الذي اعلن عن سقوط خيار مطمر كجك في اقليم الخروب، ورفض النائب طلال ارسلان وجمعيات أهلية في الشويفات "استقبال" نفايات الضاحية الجنوبية، ومطالبة حزب الطاشناق بخطة متكاملة لازالة جبل النفايات واقامة معامل للطمر والتسبيخ واعطاء حوافز لبلدية برج حمود.
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان الرئيس سلام أوضح، كما نقل عنه أمس، ان المساعي لتوفير الموافقات على خطة طمر النفايات لا تزالفي منتصف الطريق ولهذا السبب لم يوجه الدعوة الى إجتماع اللجنة الوزارية المكلفة الملف اليوم كما كان مرجحاً. ولفتت المصادر الى ان هناك عقبة لم تذلل بعد في منطقة كجك بين اقليم التفاح واقليم الخروب فيما هناك حلحلة في الكوستا برافا وبرج حمود. وأوضحت ان ربط الرئيس مصير الحكومة بملف النفايات يعني فعلاً الاستقالة التي مهد لها سلام بعد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء. وتوقعت إنطلاق إتصالات غداً في إتجاه السرايا للضغط على المعنيين كي يجاوزوا بين الحل التقني والحل الامني للانطلاق بخطة الطمر.
في المقابل، استبعدت مصادر وزارية في 8 اذار ان يعلن سلام إستقالة الحكومة وان اقصى ما يمكن أن يفعله هو الاعتكاف فترة محدودة في محاولة للضغط على القوى السياسية ووضعها أمام مسؤولياتها واقناع جمهورها بالقبول بإحتضان آلاف الأطنان من النفايات الجديدة والمكدسة على الطرق وفي مكبات عشوائية في أكثر من منطقة.
وأضافت المصادر ان لا مصلحة لقوى 14 آذار أيضاً في فرط عقد حكومة المصلحة الوطنية التي تحظى فيها بغالبية الثلثين وليس النصف زائداً واحداً من دون احتساب الحصة الوزارية لكتلة الرئيس نبيه بري المتماهية مع مواقف 14 آذار في الحكومة.
وقال عضو اللجنة الوزارية للنفايات نبيل دو فريج إنه لم يلاحظ تقدماً حقيقياً في الملف واعتبر ان "اكبر غلطة ارتكبتها الحكومة هي عندما ألغت المناقصات الستّ تحت ضغط الشارع من غير أن تدرسها، اذ كانت مناقصات ناجحة، وكانت الشركات التي تقدمت بطلبات من أفضل شركات العالم في قضية النفايات".

اجتماع القاهرة
سياسياً، تستمر حال المراوحة المأزومة في علاقة لبنان بالدول العربية وخصوصاً مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، في ضوء مواقف التصعيد التي يدأب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله على اطلاقها، وآخرها كان أمس. ويبدو لبنان أمام تحد جديد الخميس المقبل في اجتماع وزراء الخارجية العرب في جامعة الدول العربية، ويسعى رئيس الوزراء الى التنسيق المسبق مع وزير الخارجية جبران باسيل لضمان موقف متوازن على غرار ما فعله وزير الداخلية نهاد المشنوق في تونس. وقال مصدر وزاري لـ"النهار" إن هناك غموضاً في ما يتعلق بالموقف اللبناني في ظل تصاعد الحملة على دور "حزب الله" في أزمات المنطقة. وأفاد ان سياسة النأي بالنفس لا تزال هي الأساس الذي قد يلجأ اليها الوزير باسيل في حال إستمرار الموقف العربي على ما ظهر في إجتماع وزراء الداخلية العرب الاخير في تونس.
وعلمت "النهار" ان الديبلوماسية المصرية تجري اتصالات لتنسيق لقاء الوزير باسيل ونظيره السعودي عادل الجبير الخميس في القاهرة لتخفيف الاحتقان المتصاعد. لكن امكان عقد اللقاء سيتضح في اليومين المقبلين في ضوء المواقف المستجدة.
في المقابل، صرح وزير الداخلية بان "لبنان وافق على إدانة تدخل حزب الله في كل الدول العربية ونأى بنفسه عن كلمة واحدة فقط". وفي حديث تلفزيوني، شدد على ان "لبنان لم يخرج على الإجماع العربي في تونس كما حصل في القاهرة وجدة لأن العراق تحفظ عن البيان الختامي قبله".
وأكد ان "موقفنا واضح برفض تدخل حزب الله والحرس الثوري الايراني الذي يستعمل لبنان غرفة عمليات خارجية في اتجاه اليمن وسوريا وغيرها".