بعد مرور أيام على تصنيف مجلس التعاون الخليجي وأغلبية وزراء الداخلية العرب «حزب الله» منظمة إرهابية، أطل الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله من بوابة إحياء ذكرى أسبوع الشهيد علي أحمد فياض (علاء) ليرد بشكل مفصل على هذا التصنيف ومن يقف خلفه، مفندا هشاشته، من خلال تسليط «الأضواء الكاشفة» على أدوار «حزب الله» في مواجهة الإرهابَين، التكفيري والإسرائيلي، في لبنان وسوريا والعراق.. وصولا إلى البوسنة.
وأعاد نصرالله شرح وتشريح الأسباب التي دفعت الحزب إلى المساهمة في التصدي لـ «داعش» خارج الحدود اللبنانية، مشيرا إلى أنها مزيج من اعتبارات أخلاقية وسياسية ودينية وقومية، عابرة للاصطفافات الطائفية والمذهبية.
ولعل تجربة الشهيد علاء في البوسنة دفاعا عن سكانها من أهل السنة والجماعة كانت المثال الأبلغ للرد على الاتهامات الموجهة إلى الحزب بأن وجوده في ميادين القتال ينطلق من بُعد مذهبي ضيق.
وكما فعل عام 2006، كرر نصرالله بأنه ليس مطلوبا من الأنظمة العربية المعادية سوى أن تترك المقاومة وشأنها، قائلا: حلوا عنها..
وعلى الرغم من أن قرار توصيف «حزب الله» بأنه إرهابي يوحي للوهلة الأولى بأنه أحرج الحزب أو حشره في زاوية ضيقة، إلا أن السيد نصرالله آثر التركيز على الجانب المليء من الكوب، بعدما استفز هذا القرار جانبا واسعا من الشارع العربي، ودفعه إلى التحرك احتجاجا واستنكارا، حتى كاد السحر ينقلب على الساحر.
وعلى هذا الأساس، توقف نصرالله عند دلالات رد الفعل الشعبي المتضامن مع الحزب والمقاومة في العديد من الدول العربية، وفي طليعتها تونس، مستنتجا بأن هذا التضامن يعطي إشارة إلى المكانة التي لا تزال تحظى بها المقاومة عند الشعوب العربية، كما ينطوي على رسالة لإسرائيل مفادها أنها ستبقى العدو.

ولم يفت نصرالله أن يشكر وزير الداخلية نهاد المشنوق على موقفه، لافتا الانتباه إلى أنه التزم بالسقف الرسمي الحكومي، قائلا: كثّر الله خيره وزير داخلية لبنان.
وخصَّ نصرالله تونس بجرعة إضافية من الشكر قياسا إلى حجم الاعتراض الذي أبدته أوساطها السياسية والشعبية على تصنيف الحزب منظمة إرهابية.
ورد نصرالله على وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي اعتبر أن الهِبَة العسكرية للجيش أُلغيت حتى لا يصل السلاح إلى «حزب الله»، مؤكدا أن هذه الذريعة واهية، مشددا على انه لم يحصل منذ اتفاق الطائف أن أخذ الحزب بندقية أو رصاصة تعود إلى الجيش.
وربط نصرالله الغضب السعودي على الحزب بفشل المملكة في سوريا واليمن والبحرين ولبنان، مؤكدا أنها تخوض معركة خاسرة.
وخلص نصرالله إلى التأكيد أن المقاومة ستبقى سداً منيعاً أمام تهديدات إسرائيل وأطماعها، «وسنبقى في الميادين التي يجب أن نكون فيها مهما تعاظمت الاتهامات والافتراءات ومهما تعاظمت التضحيات».

ملف النفايات

أما على مستوى الشأن المحلي، فإن رائحة النفايات تفوح من الأسبوع الطالع على وقع المعادلة التي رسمها الرئيس تمام سلام في الجلسة السابقة لمجلس الوزراء، وقوامها: لا جلسة جديدة وربما لا حكومة أيضا من دون حسم ملف النفايات..
وقد استمر خلال الساعات الماضية السعي إلى تثبيت العديد من المطامر ومواقع المعالجة للنفايات التي كانت واقعة ضمن نطاق عمل شركة سوكلين، وسط استمرار النقاش مع المرجعيات السياسية حول الشروط الصحية والبيئية التي يجب أن تتوافر في تلك النقاط.
والملاحظ، أن حسابات سياسية وشخصية وبيئية ومصلحية وانتخابية تتفاعل في المناطق المرشحة لاستقبال المطامر، الأمر الذي يستدعي فرزا دقيقا للخيوط المتداخلة، وهي مهمة تكاد تكون أصعب من فرز النفايات.
وفيما عُقِد اجتماع مساء أمس بين الرئيس سلام والوزير أكرم شهيب، عُلم أن كُلًّا من الوزير علي حسن خليل وحسين خليل ووفيق صفا يتواصلون مع النائب طلال أرسلان لإقناعه بتليين موقفه حيال المطمر الصحي المقترح في الـ «كوستا برافا».
ويبدو أن العقدة المصنفة بأنها الأشد استعصاء، حتى الآن، تتعلق بالموقع المفترض في إقليم الخروب، حيث لا يزال الأهالي يرفضون رفضا تاما استقبال أي مطمر في منطقتهم، إضافة إلى صعوبات تواجه إعادة العمل بمطمر الناعمة لبعض الوقت.
وأبلغت مصادر مواكبة للمفاوضات «السفير» أن الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط دخلا على خط محاولة تذليل هذه العقبة، وأن هناك انتظارا لحصيلة هذا المسعى، خصوصا أن المطامر المقترحة هي بمثابة «بازل» مترابط الأجزاء، سياسيا ومناطقيا، وبالتالي إذا لم يسقط فيتو «الإقليم»، فلا إمكانية لتطبيق خطة المعالجة في المناطق الأخرى، علما أن الاتصالات مستمرة لتمهيد الطريق أمام استحداث مطامر في تلك المناطق.
وفي هذا السياق، أوضحت المصادر أن باب النقاش فُتح مع أرسلان، بعدما كان يرفض في السابق مبدأ البحث في خيار الـ «كوستا برافا»، لافتة الانتباه إلى أن الحوار معه يتناول الضمانات والحوافز التي يمكن تقديمها لتسهيل القبول بهذا الخيار الاضطراري.
وأشارت المصادر إلى أن النقاش متواصل أيضا مع الجهات المعنية حول معالجة مكب برج حمود، واستحداث خلية جديدة لاستقبال نفايات كسروان والمتن، في سياق سلة من الضمانات والحوافز.
وقال شهيب لـ «السفير» إن البحث مع القوى السياسية والبلديات ينطلق من المعادلة الآتية: لكم الحق في الحصول على الضمانات والحوافز ولنا الحق في أن نكون شركاء في اختيار المطامر.
وأكد أنه ليس مطلوبا فرض أي مطمر، وإنما يجب التشارك في تحديده، على قاعدة القناعة بأن مواقع الطمر الصحية هي بالتأكيد أفضل من الواقع الحالي، حيث تنتشر المكبات العشوائية وتسود الفوضى وتتراكم النفايات التي يُحرق بعضها في عملية نحر للبيئة والصحة.
وأشار إلى أنه سيتم تفعيل مراكز المعالجة وتطويرها (الكرنتينا.. العمروسية..)، بشكل يسمح بتخفيض حجم النفايات التي يجب طمرها.
وأوضح أنه لمس خلال اتصالاته إيجابيات، آملا في ترجمتها عمليا على الأرض في أسرع وقت ممكن بعد تجاوز أزمة الثقة المبررة في الدولة، لأن خطر النفايات لا يفرق بين منطقة وأخرى، ولا يمكن لأحد أن ينجو منه أو يحيّد نفسه عنه.
وأكد الوزير الياس بوصعب لـ «السفير» أنه «متى طُرح علينا حل شامل وعرض جدي لمعالجة ملف النفايات، ستكون آذاننا صاغية وأيدينا ممدودة، ونحن لا نزال ننتظر هذه السلة المتكاملة التي لم تناقش معنا بعد».
وأوضح أن المطروح إقامة ثلاثة أو أربعة مطامر صحية، فإما تُعتمد جميعها على قاعدة تلازم المسارات وإما تسقط كلها، وبالتالي فإن اعتماد موقع برج حمود لوحده، ليس واردا. وأضاف: عندما تنضج المواقع الأخرى ويأتون إلينا سنستمع إلى ما لديهم، وإذا كان المطروح تفكيك جبل النفايات في برج حمود ومعالجته، فإنه يمكن البناء على هذا المشروع.
وشدد على أن «التيار الوطني الحر» ليس مصدر التعطيل أو التأخير، لافتا الانتباه إلى أن العقدة في مكان آخر.
وأكدت أوساط سلام لـ «السفير» أنه لن يدعو إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع، ما لم يتم إنجاز حل أزمة النفايات، مشيرة إلى أن استقالته تبقى احتمالا واردا إذا لمس عدم توفر جدية كافية من القوى السياسية التي تتكون منها الحكومة لمعالجة هذه الأزمة.
ولفتت الأوساط الانتباه إلى أن جميع مكونات مجلس الوزراء، من «8 و14آذار»، تتمسك ببقاء الحكومة، لكنها في الوقت ذاته لم تُظهر بعد القدر الكافي من الحزم والإرادة لطي ملف النفايات، الأمر الذي لم يعد بمقدور الرئيس سلام تحمله.
وشددت الأوساط على أن الأطراف السياسية المعنية هي أمام اختبار جديد للمصداقية، وعليها أن تثبت عمليا حرصها النظري على استمرار الحكومة.