المرجع الشيعى اللبنانى على الأمين لـ اليوم السابع: الصراع فى دول الإسلام سياسى لا مذهبى.. والإساءة للصحابة و أم المؤمنين من المحرمات والمتطاولون سفهاء.. والآمال معلقة على الأزهر لمواجهة الإرهاب
04 / 03 / 2016
المرجع الشيعى اللبنانى على الأمين لـ"اليوم السابع":
الصراع فى دول الإسلام سياسى لا مذهبى.. والإساءة للصحابة "وأم المؤمنين"من المحرمات والمتطاولون "سفهاء".. والآمال معلقة على الأزهر لمواجهة الإرهاب
حاوره فى جاكرتا لؤي علي
التقى "اليوم السابع"، السيد على الأمين هو عالم دين شيعى، وعضو مجلس حكماء المسلمين ،خلال زيارته لإندونيسيا بصحبة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب،شيخ الأزهرالشريف، وإلى نص الحوار..
فى البداية.. تشهد أمتنا الإسلامية حالة من التناحر المذهبى بين السنة والشيعة فى عدد من البلدان الإسلامية.. فمن برأيك يقف خلف تأجيج تلك الصراعات؟
إن ما نشهده من تناحر وصراع بين دول إسلامية يرجع إلى أسباب سياسية لا علاقة لها بتعدد المذاهب الإسلامية التى كانت موجودة منذ قرون عاش فيها أئمة المذاهب وأتباعهم مع بعضهم البعض. ولعل السبب الرئيسى فى ظهور هذا التناحر المذهبى على المشهد فى مجتمعاتنا يرجع إلى الصراع بين أحزاب وجماعات دينية وسياسية على السلطة فى الدول التى توجد فيها تعدّدية طائفية ومذهبيّة تدعمها دول اقليمية متصارعة على النفوذ فى المنطقة، وقد زاد من حدّته غياب العلاقات الطبيعية بين الدول العربية والإسلامية فى المنطقة خصوصاً بين إيران ومحيطها العربى بعد أحداث العراق وسوريا. وقد عاش السنة والشيعة إخوانا فى مجتمعاتهم وأوطانهم قروناً عديدة، وكانوا يختلفون فى قضايا تاريخية ودينية تبعاً لاختلاف الإجتهادات عند العلماء ولم يؤثر ذلك على علاقاتهم الأخوية وعيشهم المشترك لأنه لم يكن فيما بينهم صراع داخلى على السلطة والحكم. ولا شك بأن هناك اليوم من يستغلّ هذه الخلافات من خارج الدول الإسلامية لإضعاف المسلمين بإشغالهم بأنفسهم، ومنهم من يستغلّها من الداخل للإستقواء بالعصب المذهبى ولتحصيل المزيد من الأنصار له فى سبيل تحقيق طموحاته السياسية تحت تلك العناوين المذهبية.
إذا ذكر الشيعة فى عالمنا الإسلامى خاصة السنّى ،ذكرت إيران ويعتقد البعض انها الوصى على اتباع المذهب الشيعى ..فما رأيك فى هذا الرأى؟
من الخطأ التسليم بوصاية إيران وحزب الله على أتباع المذهب الشيعى فى لبنان وغيره من الدول العربية والإسلامية، لأن ولاية الفقيه التى يقوم عليها النظام الإيرانى ليست من المعتقدات الدينية عند الشيعة، فقد خالفت الطائفة الشيعية فى لبنان السياسة الإيرانية فى لبنان فى محطات عديدة فى القرن الماضي، وفى إيران نفسها أيضاً حصلت المخالفة لها بمظاهرات عديدة كما جرى للحركة الخضراء التى تم قمعها الدموى قبل سنوات من النظام الإيراني، ونحن على خلاف مع السياسة الإيرانية منذ ثمانينات القرن الماضي، وقلنا إنها سياسة خاطئة، وهناك أصوات عديدة، فالطائفة والمذهب هما أوسع من أن يختزلهما حزب أو دولة كحزب الله وإيران.
ما حكم سب الصحابة والتعرض لأم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها؟
إن الإساءة إلى الصحابة وأم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها وعنهم وسائر الرموز الدينية تعدّ من المحرمات الدينية الكبرى التى تعبر عن الإستهانة بتعاليم الدين ومبادئه والتى تزرع الفتن بين المذاهب والشعوب، والذين يقومون بهذا العمل المحرّم -وإن كانوا قلة قليلة- ولكنهم معدودون من السفهاء والعصاة الظالمين لأنفسهم ومجتمعاتهم، وعلى العلماء تقع مسؤولية التنبيه على أخطارهم وفساد اعتقادهم لمنع انتشار هذا السلوك المشين ولقطع الطريق على استغلاله فى زرع الفرقة بين المؤمنين.
ما رأيك فيما يقوم به الحشد الشيعى فى العراق من أعمال ضد أهل السنة؟
نحن نرفض قيام أحزاب مسلحة داخل الدولة، ومن خلال هذا المبدأ رفضنا قيام الحشد الشعبى وغيره فى العراق تحت عناوين مواجهة الإرهاب، لأن الدولة بقواها هى المسؤولة وحدها عن مواجهة الخارجين على القانون والمعتدين على سيادتها، وقد رفضنا فتوى المرجعية الدينية فى العراق بتشكيل الحشد الشعبى لأن دخول الفتاوى على ساحة الصراع يضعف الدولة ويسقط على الصراع العناوين الطائفية، وهذا ما يضرّ بالوحدة الوطنية ويؤجج الفتن المذهبية التى تتجاوز العراق إلى الأمة بأسرها.
من صنع داعش ؟وما حكم الدين فيهم؟
لا شك بأن داعش تعكس بأفعالها الوحشية ثقافة التطرّف الدينى والإرهاب، وثقافة التطرّف هذه تؤخذ من مناهج فى التعليم التى تعلّم أتباعها على أنّهم هم الفرقة التى تمتلك الحقيقة والصواب والحق فى إدارة شؤون البلاد والعباد، ويشكل غياب الدولة وضعف سلطتها المناخ الملائم لبروز هذه الجماعات ذات التوجّهات التى تتلاعب بالنصوص الدينية وتحملها على ما يوافق هواها فى السلطة والحكم، والدين وإن كان لا يمنع من التطلّعات السياسية وطموحات أصحابها للحكم ولكنه يعتبر حمل السلاح لإسقاط النظام العام والوصول إلى السلطة بسفك الدماء حرباً على الله ورسوله، وقد جعل الفقهاء فصلاً فى العقوبات الدينية يندرج تحت عقوبة الحرابة والفساد فى الأرض، وهى كل عمل يقوم به فرد أو جماعة يهدد سلامة المجتمع والاستقرار ويعرضه إلى الأخطار
هل تؤمن بالتقريب بين السنة والشيعة؟
نعم، أنا من المؤمنين بالتقريب بين السنّة والشيعة، وقد كتبت كتاباً قبل عدّة سنوات وعنوانه (السنة والشيعة أمة واحدة) وأعتقد أن العمل للتقريب هو من الأحكام الشرعية التى يجب القيام بها عملاً بقول الله تعالى:(وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ولا شك بأن التقريب بين أبناء الدين الواحد والأمة الواحدة هو من الخير الذى تجب الدعوة إليه، ومن المعروف الذى يجب الأمر به. وبالتقريب نقطع الطريق على الأحزاب والسياسيين الذين يحاولون توظيف الاختلافات الفقهية فى مشاريعهم السياسية. كيف ترى دور الأزهر الشريف فى نشر صحيح الدين ؟ الأزهر هو مرجعية الاعتدال الدينى، ويحظى بالمكانة العلمية المميزة لدى عموم المسلمين وغيرهم، وهو المرجعية التى نعقد عليها الآمال فى جمع كلمة الأمة وفى المواجهة الفكرية لدعوات الفرقة والإرهاب التى ظهرت أخيراً وتعمل على تشويه صورة الإسلام فى العالم من خلال ما تقوم به من الأعمال الوحشية والإجرامية التى تجاوزت كل الحدود.
ما الدور الذى يقوم به مجلس حكماء المسلمين من أجل العالم الإسلامى؟
إن مجلس حكماء المسلمين الذى يترأسه شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب هو محاولة لتظهير صوت العقل والحكمة فى القضايا التى تهدد الأمة والسلم العالمى، وهذه المحاولة الجديرة بالاهتمام وإن كانت ما تزال فى بدايتها، لكنها تعتبر خطوة مهمة على طريق نشر خطاب الاعتدال والوسطية فى الأمة ونبذ التطرّف والفرقة بين المذاهب والطوائف وتعزيز ثقافة السلم والعيش المشترك بين المجتمعات والشعوب.
اليوم السابع
|