ممّا يجعلك تنتقم من بعض تصرفات بني قومك غاضباً،حين يأتونَ من قارات بلاد الغرب إلى الوطن ليقولَ لك وخيرُهم أثراهُ وبادياً على أرزاقه:بأنّ تلك البلاد الغربية القادم منها ديارٌ كافرة وصليبية وصهيونية وعدوة الله ورسوله وأوليائه وكافة المسلمين،وأنها لا تحكم بالإسلام بل بالطاغوت والشرك والضلال والعلمانية وشريعة الإلحاد ويتمنى لها الزوال بل لا يقصِّر إذا اقتدرَ على إيذائها وإلحاق الضرر بها،ويعتبر أنَّ كل شيء فيها مباح له سرقتُه باعتبار أنها بلاد ملحدة فكل ما فيها حلال وسبايا وغنائم.

وفي قلبه جمرةُ الأحقاد تشتعل على المفضل عليه.فلا يعترف لها بجميل،ولا يذكر إلا مساوئها، وهو ينطلق من مفاهيم دينية خاطئة ومسيئة للإسلام.

وهو نفسُه هاجرَ إليها بالبحر شهراً على أمواج الغرق،هَرَبَاً من ظلم مجتمعه وبيئته ودولته،سعياً لدولةٍ يجد فيها راحتَه وسعادةَ أسرتِه،وهناك أكرموه بالجنسية والإقامة والخدمات العامة،فكانوا له أباً وأمَّاً وأخاً وصديقاً. فأَّمَّنوا له المدرسةَ والجامعةَ والمكتبةَ والطبابةَ والحقَّ في الشراكة الوطنية والتمتع بالحقوق المدنية،فأعطوه ما كان محروماً منه في وطنه بين أهله ودولته وبلدته،وعندما قَوِيَ عُودُهُ رماهم بسهم الغدر ونكران العرفان،وهو نفسه الذي قد طلّق زوجتَه ليقبضا راتبين،وهو نفسه من يجلس في المسجد للعبادة وللدعوة والدولةُ تُخصِّصُ له راتباً على أساس أنه عاطل عن العمل وقد أخبرَ دائرةَ المعوناتِ أنه بحَثَ عن عَمَلٍ فلم يجد،وهو نفَسُه مَن قدَّمَ تقريراً طبياً أنه معاقٌ أو به مرضٌ دائم ليَخرُجَ للتقاعد قبل وقته،وهو نفسه مَن يؤذَّن في المسجد ويصلّي في الصف الأولى ويتصدّر للعمل الخيري والإسلامي.

وهو نفسه من جمع المال من حلاله وحرامه،واشترى بيوتاً حيث يقيم وعقاراتٍ في وطنه الأم،وبعد ذلك يطالعك بأنها دولة ليست عادلة بل عنصرية وكأنه قادم من جنة آدم ونزل معه للأرض فلاحَظَ الفرقَ من قبلُ ومِنْ بعدُ.هذا إنْ دلَّ فإنما يدل على انفصامٍ بالشخصية وانفصالٍ عن الواقع والافتقار للوفاء والإحسان إلى المُحْسِن،للأسف هؤلاء كثر في بلاد الغرب... والكثير منهم أقاموا في بلاد الغرب وكأنهم ما جالسوا إلاَّ أمثالَهم،فما زادوهم إلا رَهَقاً في التخلُّف والجهل البسيط والمركَّب.وتنكشف عوراتُهم حين يُعلِّقون على الفيس بوك ويستعملون مفردات بلاد الكفر وديار الإسلام والجزية والذمية وقطع الرأس وغيرها من الأحكام،ويكتب تلك المصطلحات وهو مقيم على أرضهم وتحت سمائهم ويأكل من خيرات أرزاقهم،وحين تمتَلِئ جيوبُهُ وتنتفخ أرصدتُه البنكية حينها يقول مقولةَ قارون: إنَّما أوتيتُهُ على علمٍ عندي.فتلك الفئات لا تستحق الحياة بل الممات،وهم عالة وطردهم أولى من الإنعام عليهم.

فأنا أنزّهُ وطني عن استقبال تلك الفئة النَّكِرَة والنَّاكِرَة لمن صَنَعَ لها معروفاً ملموساً لا يُنكَر. فالمسلم من صفاته الوفاء للمحسن والعفو عن المسيئ.فالإقامة والجنسية الممنوحة معناها أنك وقَّعْتَ على اتفاقية عهدٍ وميثاقٍ غليظ،والخروجُ عليها كنقضِ عُرَى الإسلامِ وأركانِ الإيمان.

صالح حامد