من الواضح أن الإجراءات التي أقدمت عليها المملكة العربية السعودية ومعها الدول الخليجية بحق حزب الله وبحق لبنان ابتداءا من إلغاء المنحة السعودية التي تقدر بثلاثة مليار دولار والتي كانت مقررة كثمن لأسلحة للجيش اللبناني ومعدات لقوى الأمن الداخلي مخافة ان تنتقل هذه الاسلحة إلى الحزب بسبب تسلطه على المؤسسة العسكرية وصولا الى تصنيف مجلس التعاون الخليجي للحزب كمنظمة إرهابية وتوعد أعضائه باتخاذ تدابير لاحقة تنسجم مع هذا التصنيف مرورا بالأخبار المتواترة والمتداولة عن لوائح الأبعاد.
كل هذه الإجراءات كان لها أثر سلبي على حزب الله ووضعته في مواجهة مع الشعب اللبناني بمن فيهم الشيعة الذين يعانون أصلا من حصر تمثيلهم بثنائية /حزب ألله وحركة أمل .
مضافا إلى ذلك الانخراط العسكري والأمني لحزب الله في سوريا منذ اللحظة الأولى لانطلاق الثورة السورية مع ما يترتب عن ذلك من تزايد في عدد القتلى والجرحى في صفوف الحزب عدا الخسائر المادية والعسكرية. ويترافق ذلك مع إصرار الحزب على الاستمرار في الانخراط في هذه الحرب تحت عنوان أنه يخوض معركة وجود لن تنتهي قريبا. رغم الامساك المتزايد لروسيا بالورقة السورية.
الأمر الذي تزداد معه الضغوط على حزب الله وخصوصا في بيئته الحاضنة وباقي المجتمع اللبناني لأنهاء تورطه العسكري في هذه الحرب العبثية، مهما حاول التخفيف من امتعاض الناس وتأففهم والسيطرة على غضبهم عبر حملة التجييش المستمرة واستخدام أساليب التخويف الهادفة إلى منع الصوت المعارض من التعبير عن رأيه وإلى التقليل من وطأة النعوش العابرة للحدود من أرض المعركة في سوريا إلى مختلف المناطق اللبنانية وإلى وقف الانتقادات لمسؤوليه عن مسؤوليتهم عن تدهور العلاقات بين لبنان وباقي الدول العربية. وانسجاما مع هذا الواقع المؤلم لحزب الله فقد سعى أمينه العام السيد حسن الله منذ أيام وخلال خطابه الأخير إلى تطويق ذيول النقمة المتصاعدة تحت غطاء تطمين اللبنانيين إلى استقرار بلدهم مذكرا إياهم بأنه وحده يملك قرار استمرار الاستقرار من عدمه وأن أمنهم منة من حزب الله على الشعب اللبناني وأيضا عبر محاولة زجهم في المواجهة التي يخوضها مع دول مجلس التعاون الخليجي في أكثر من منطقة ومن دولة بتصويره ان القرارات الخليجية هدفها معاقبة جميع اللبنانيين وليس حزب الله فقط.
ورغم أن حزب الله يقبض على مفاصل البلد ويحكمه من خلال منظومته العسكرية إلا ان السيد حسن نصرالله حاول أن ينأى بنفسه عن نزول جمهوره إلى الشارع وقطع الطرقات وإشعال الدواليب بسبب برنامج تلفزيوني تناوله بالتقليد.
لكن الناس تعرف ان مثل هذا التبروء يعني ان من باستطاعة من قاموا بأعمال التخريب أن يفعلوا ذلك لاحقا طالما أنه تنصل من العلاقة بهم، إذ سبق لنصرالله أن دعا جمهوره إلى عدم إطلاق النار والقذائف خلال اطلالاته التلفزيونية.
لكن ذلك لم يمنعهم من مضاعفة فعلتهم في المرات اللاحقة. وفي سياق خطابه فإن السيد حسن نصرالله حصر استقرار لبنان بالأمن في محاولة للتذكير بالنظام الأمني الذي رعته سوريا في لبنان إبان احتلالها له. ولا يرى ضررا في إستمرار الشغور الرئاسي طالما لم تحسم الأمور في سوريا لمصلحة إيران.
وكذلك يلجأ إلى تكبيل عمل الحكومة ومنعها من البت في ما له علاقة بحياة المواطن اللبناني مثل أزمة النفايات. ويتحدث عن الأمن والاستقرار في الوقت الذي يسعى فيه غالبية الشباب اللبناني للبحث عن بلدان يهاجروا إليها بحثا عن موارد رزقهم ولقمة عيشهم.