لم يكد يطل الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في خطاب صعّد فيه حملته بصورة غير مسبوقة على السعودية حتى جاء قرار دول مجلس التعاون الخليجي وبعده قرار مجلس وزراء الداخلية العرب ليضع الحزب في خانة الارهاب وهي إدانة غير مسبوقة خليجيا وعربيا.وبدا من ردة الفعل الايرانية على القرارين الخليجي والعربي أن طهران قد فوجئت فسارعت بلسان مساعد وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان الى إستنكار تصنيف الحزب في خانة الارهاب وهو أي الحزب "من أهم تيارات المقاومة". وهدد بأن هذا التصنيف" يستهدف وحدة لبنان وأمنه شاء أم أبى". غير أن قراءة إتسمت بحد أقل من توتر اللهيان ظهرت في وكالة "إرنا" الايرانية الرسمية أفادت أن إيران أدركت الثمن الباهظ الذي سيدفعه "حزب الله" عزلة على إمتداد العالم العربي فكتبت تقول: "كنا نعتقد ان المملكة العربية السعودية "تهيمن" فقط على مجلس التعاون الخليجي... وبعض الدول العربية... لكن البيان الذي صدر(في تونس) أثبت كم كنا مخطئين". وفيما نوّهت بموقف وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي تحوّل الى "بطل وطني" قالت ان الاخير ينتمي الى "تيار المستقبل" الذي "يتزعمه السيد سعد الحريري، رجل السعودية الاول في لبنان... والشيء نفسه يقال عن موقف السيد الحريري الذي إتخذه بمواصلة الحوار مع "حزب الله"..."
القراءة الايرانية وصلت الى وزيريّ الحزب في الحكومة حسين الحاج حسن ومحمد فنيش فتخليّا عن مبادرة وزير "التيار الوطني الحر" جبران باسيل في الجلسة الاخيرة للحكومة فلم يؤيدا إقتراحه صدور بيان شديد اللهجة عن الجلسة مؤيدا للحزب ضد القرار العربي.
ان روما من فوق غير روما من تحت. وكل الذي قيل عن فرصة سانحة لطهران في لبنان بعد الاجراءات التي إتخذتها الرياض على خلفية الموقف اللبناني في مؤتمريّ القاهرة وجدة لم يصمد طويلا.وتقول "الايكونوميست" البريطانية في عددها الصادر امس تحت عنوان "صراع الفيلة" ان "حزب الله" رجّح أن تكون السعودية قد أوقفت هبتيّ الـ 4 مليارات دولار بسبب إقترابها من الافلاس نتيجة إنخفاض سعر النفط. وعلى رغم انها مترددة في فقدان الفرصة، فقد عرضت إيران دفع المبلغ. ربما يكون هدف الايرانيين من وراء ذلك إزعاج الملك السعودي لكنهم بالكاد يتحملون مثل هذا الرقم".
في واقع الحال، تفيد المعلومات ان "حزب الله" ليس في أحسن احواله ماليا. كما أنه ليس في أحسن أحواله ميدانيا أيضا. فبالاضافة الى الخسائر البشرية الجسيمة التي مني بها ولا يزال في سوريا، شارف على خسارة دوره في حرب اليمن. ويقول متابعون للشؤون الايرانية ان المرشد الامام علي خامنئي كلف الجنرال قاسم سليماني بالعراق والسيد نصرالله باليمن فكانت النتيجة ان "داعش" كادت تصل الى بغداد لولا تدخل واشنطن فيما صارت "عاصفة الحزم" على أبواب صنعاء. لذا، فإن مديح إيران للحريري لم يأت من فراغ.