عشيّة إحياء الذكرى السنوية الحادية عشرة لانطلاقة قوى 14 آذار، تسعى القوى والشخصيات المنضوية في تحالف 14 آذار لاستعادة زمام المبادرة واعادة ترتيب أوضاعها، رغم الخلافات العميقة التي برزت بين هذه القوى في الأشهر الماضية بسبب ترشيحات رئاسة الجمهورية، وبروز بعض التباينات في كيفية إدارة المرحلة الحالية ومواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية.
وتسعى هذه القوى للاستفادة من عودة رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري الى لبنان لتزخيم التواصل بين قياداتها وكوادرها، من أجل تفعيل العلاقات واعادة رسم استراتيجية جديدة لدور قوى 14 آذار في المرحلة المقبلة. كما أن القرارات الأخيرة التي اتخذتها القيادة السعودية بشأن لبنان وانعكاس هذه القرارات على الأوضاع الداخلية والانتخابات الرئاسية ساهمت في اعطاء بعض الزخم لقوى 14 آذار من أجل اعادة ترتيب أوضاعها وطرح أفكار جديدة من أجل التحرك في مواجهة حزب الله وإيران.
فهل تنجح هذه القوى في ذلك عشية إحياء الذكرى السنوية لانطلاقتها؟ أم ان الخلافات العميقة والأزمة البنيوية التي تواجهها هذه القوى ستظل عائقاً أمام اعادة تفعيل دورها في المرحلة المقبلة؟
اعادة تفعيل دور 14 آذار
تحاول قوى 14 آذار اعادة تفعيل دورها ونشاطاتها منذ عودة رئيس التيار إلى لبنان، في ضوء القرارات الأخيرة التي اتخذتها القيادة السعودية بوقف المساعدات العسكرية للبنان ومنع السفر إليه وتفاعل هذه القرارات على الصعيد اللبناني الداخلي.
وقد عمد الرئيس سعد الحريري الى عقد سلسلة لقاءات مع قيادات قوى 14 آذار، لا سيما مع رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، لكن خطاب الحريري في احتفال ذكرى 14 شباط وتوجيهه انتقادات مباشرة للدكتور جعجع بسبب المصالحة مع التيار الوطني الحر وتأخر هذه المصالحة اثار حملة قاسية على الحريري وتيار المستقبل من انصار القوات وكوادرها، ما دفع الحريري إلى المسارعة لزيارة جعجع واصدار موقف توضيحي لما قاله في الاحتفال.
وجاءت بعد ذلك القرارات السعودية ضد لبنان ، فعمدت قوى 14 آذار إلى عقد لقاء قيادي لبحث التطورات، واصدرت بياناً تضامني مع السعودية يندد بسياسات حزب الله وإيران، لكن البيان يلامس التحديات التي تواجهها هذه القوى، وبرزت تباينات في المواقف داخل هذه القوى بين من يدعو للتمسك بالحكومة الحالية ومن يدعو لاستقالتها وقلب الطاولة على حزب الله وإيران، وجاء بيان الحكومة الملتبس حسب بعض أوساط هذه القوى ليزيد من اشكالية الخلافات بين هذه القوى.
وعمد بعض الكوادر والمسؤولين في تيار المستقبل وقوى 14 آذار إلى نشر مقالات قاسية حول الازمة التي تواجهها هذه القوى، في ظل غياب الرؤية الواضحة وعدم امتلاك مشروع سياسي محدد، وغياب استراتيجيات العمل والدراسات المعمقة للأوضاع السياسية، والاكتفاء بردود الفعل بدل امتلاك مشروع واضح ومحدد.
لكن رغم حدة الخلافات بين هذه القوى، سواء على صعيد الموقف من التطورات السياسية أو على صعيد الرؤية المستقبلية، فإن بعض أركان قوى 14 آذار، ولا سيما منسق الأمانة العامة الدكتور فارس سعيد، لا يزالون مستمرين في الجهود لاعادة تفعيل دور قوى 14آذار، ولا سيما عشية احياء الذكرى السنوية لانطلاقتها.
القدرة على تجاوز المشكلات
هل ستنجح قوى 14 آذار بتجاوز مشكلاتها وتعيد توحيد صفوفها ووضع استراتيجية جديدة لمواجهة المرحلة المقبلة؟
لا توجد رؤية موحدة حول أوضاع قوى 14 آذار ومستقبلها، سواء داخل هذه القوى او لدى المتابعين لدورها وموقعها السياسي في لبنان ، فهناك أوساط داخل هذه القوى تؤكد أن دورها انتهى، ولن تنفع معها كل مساحيق التجميل أو محاولات التفعيل لإعادة فاعليتها ووحدتها ، وتوضح هذه الأوساط ان الاجتماعات التي تعقد واللقاءات الجارية بين أركان هذه القوى هي فقط لاظهار موقف موحد من التطورات، ولكن من يعرف عمق الخلافات بين هذه القوى يدرك أنه لا سبيل لعودتها إلى نشاطاتها السابقة، حتى لو أقامت اجتماعات واحتفالات مشتركة، والدليل على ذلك قيام كل حزب أو شخصية في هذه القوى بتحركات منفردة ومتعارضة أحياناً مع بقية القوى، وصدور مواقف متباينة من مختلف التطورات، واستمرار الخلاف حول الانتخابات الرئاسية، إضافة إلى قيام بعض هذه القوى بعقد تحالفات انتخابية مع قوى من 8 آذار ، كما يجري حالياً بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، يضاف إلى ذلك المشكلات البنيوية والمالية وغياب الرؤية الاستراتيجية الموحدة لهذه القوى.
وفي مقابل هذه الصورة السلبية عن أوضاع قوى 14 آذار فإن هناك داخل هذه القوى من يعتقد أن الأوان لم يفت، وأن دور هذه القوى مستمر ويجب ان يستمر، ولا سيما في مواجهة حزب الله وإيران، في ظل الحملة السعودية الجديدة عليهما، ولذلك يجري العمل حالياً لإعادة ترتيب الأوضاع داخل هذه القوى والتحضير لاحتفال الذكرى السنوية الحادية عشرة للاتفاق على موقف موحد من الأوضاع الداخلية والخارجية.
بالمقابل، لا يبدو تكتل 8 آذار في وضع أفضل، ولعل هذا هو قدر الساحة السياسية في هذا البلد، لبنان.
مجلة الامان